عدنان أبو عودة يسرد ذكرياته حول السياسة في الأردن

المدن - ثقافة

السبت 2017/12/02
استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الأربعاء 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، عدنان أبو عودة؛ الوزير والمستشار والرئيس الأسبق للديوان الملكي الأردني.

وقدم أبو عودة في هذه المحاضرة كتابه يوميات عدنان أبو عودة (1970-1988)، الصادر مؤخرًا عن المركز العربي، والذي يُؤرّخ الوضع السياسي في الأردن وعلاقاته الداخلية والخارجية خلال فترة تدوينها، ناقلًا صورة مغايرة لتفصيلات الحوادث التي مرّت بها المنطقة في ذلك الوقت، وانعكاساتها على الداخل الأردني، ليعيد طرحها من وجهة النظر السياسية ويضيف أجزاءً تُكمّل صورة المشهد وتتقاطع معه.

تكتسي هذه اليوميات (موضوع المحاضرة) أهميةً بالغة، نظرًا إلى أنّها دُوّنت متزامنةً مع الحوادث والوقائع من خلال مشاركة صاحبها فيها، لا من خلال العودة إليها لاحقًا؛ بحيث تختلط غالبًا الحقائق بالمشاعر والمواقف المستجدة وربما المفارقات التاريخية، تبعًا لمشكلات الذاكرة المعروفة، وأثرها في التدوين والتقويم والقراءة؛ فهي وثيقة تاريخية بنت مرحلتها، تقدّم بعض الإجابات عن مسائل وقضايا لا نزال نعيش تبعاتها حتى اليوم، وتثير كثيرًا من التساؤلات والاستفسارات حولها.

وقد تطرّق أبو عودة إلى بعض جوانب الكتاب الذي يتناول محطات مهمة في الفترة 1970-1988، ومن أبرزها حرب أكتوبر 1973، والمداولات التي جرت أثناءها وقبلها وبعدها، وما ترتب عليها من نتائج، والدور الذي أدّته كل واحدة من دول الطوق فيها. ومؤتمر الرباط عام 1974، والتوترات التي رافقت مقرراته، وعلى رأسها إعلان منظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، وإعفاء الأردن من مسؤولياته تجاه الضفة الغربية، وما استجد بعد ذلك من أوضاع كان من أهمها إجراء التعديلات الدستورية والداخلية اللازمة لتتوافق مع تلك المقررات. كما أنّها تنقل لنا صورة المشهد على الصعيد الإقليمي أيضًا، فهي تتناول الحرب العراقية - الإيرانية؛ أسبابها وتداعياتها، وتباين مواقف الدول العربية منها. وكذلك مفاوضات السلام الإسرائيلية - العربية، وجولات كيسنجر في المنطقة، وما أجراه خلالها من لقاءات، وما طرحه فيها من مقترحات، وأثر ذلك كله في القضية الفلسطينية.

ولم تخلُ محاضرة أبو عودة من آراء وأفكار وملاحظات وتحليلات سياسية قدمها صاحبها معلقًا على مجريات الحوادث، ومواقف الأطراف الداخلية والخارجية منها؛ ما يعكس موقفه الشخصي، ودوره الذي أداه فيها، كما هو واضح في التصوّر الذي كتبه لتطوير الاتحاد الوطني، ومذكرته بخصوص الإفراج عن المعتقلين لأسباب تتعلق بالمنظمات الفدائية، والتحليلات أو الملاحظات التي قدّمها على خلفية القرارات المتمخضة عن المؤتمرات أو اللقاءات أو الاجتماعات مع شخصيات قيادية عربية وأجنبية، وحديثه عن فكرته حول التسوية السلمية لقضية الشرق الأوسط. كما أنّها تعرض، في سياق نقلها الحدث اليومي، صورة لآليات تأليف الحكومات المتعاقبة خلال الفترة التي شملتها، ملقيةً الضوء على مدى تأثر تلك الحكومات، وتأثيرها في الأوضاع الجارية.

وقد تلا محاضرةَ الاستاذ عدنان أبو عودة تعقيبٌ للدكتور مهند المبيضين، المؤرّخ الأردني، عدّ فيه هذا الكتاب جزءًا من المراجعة التاريخية لأحداث مفصلية معاصرة في تاريخ الأردن والمنطقة العربية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وبيّن أنّ الكتاب يدور في أربع دوائر أساسية: الدائرة الأولى هي الدائرة المحلية الأردنية، بما فيها من قضايا البناء والعلاقة بين الحكم والمجتمع والنخب، والدائرة الثانية هي القضية الفلسطينية وبدايات السعي العربي نحو السلام والتمثيل الشرعي الفلسطيني الوحيد، في حين خصصت الدائرة الثالثة للعلاقات العربية بين الأردن ومحيطه، والسجال الأردني السوري على موضوع السلام، والعلاقة مع العراق ودول الخليج العربي ومصر، أما الدائرة الرابعة فهي دائرة العلاقات مع الغرب، وفيها أربعة أقطاب: الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد السوفياتي، وبريطانيا، وفرنسا. وبين هذه الدوائر، يبقى السؤال دائمًا، وفقًا للدكتور المبيضين: لماذا يكتب عدنان أبو عودة هذه اليوميات؟ وكيف يكتب؟ ولمن يكتب؟ ليخلص إلى أنّ الكتاب يتجاوز كونه رغبةً أو طقسًا توثيقيًا، ولعله ينحو نحو إبراء النفس.

عقّب على المحاضرة كذلك معن البياري؛ الكاتب والصحافي الأردني، تناول فيها أهمية الكتاب للباحثين والدارسين في الشؤون العربية، الأردنية والفلسطينية والسورية والعراقية والخليجية. وبيّن أنّ الكتاب لا يعني الأردنيين وحدهم، بل يضيف إضاءات مهمة تخصّ قضايا عربية عديدة، إضافةً إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي والسياسة الأميركية، مؤكدًا في الختام أنّ هذا الكتاب ببُعديه التوثيقي والتحليلي يعدّ مصدرًا لا غنى عنه للدارسين في مختلف هذه الحقول. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024