"خبز دولة" محاولة جديدة في الروك السوري

علاء رشيدي

الثلاثاء 2015/08/18
يمكن القول أن السوريين جلبوا همومهم، كما جلبوا فنونهم، فالمتابع للمشهد الثقافي اللبناني، يلمس بوضوح نشاط عدد من الفنانين، والكتاب، والموسيقيين ومشاركتهم في الحركة الثقافية في لبنان.


فمن موسيقي الراب (سيد درويش) إلى التكنو (بسيكو ألبو)، يضم المشهد الموسيقي مجموعة من فرق الروك السورية التي تحاول في ما كان يعتبره بعض الموسيقيين العرب صعباً ومستحيلاً في العقود السابقة، ألا وهو الربط بين التمردية، الرومانسية، الصوتية لموسيقى الروك الغربية، ومفردات اللغة العربية المغناة.

فرقة "خبز دولة" واحدة من هذه الفرق الراغبة في الدمج بين تقنيات موسيقية جديدة، وأسلوب تفكير جديد في كتابة كلمات الأغنية السورية تحديداً. فمحاولة التعبير فنياً – موسيقياً عن التجربة الاجتماعية والثقافية التي تمر فيها البلاد، لابد من اقتراح تقنيات وجماليات صوتية جديدة، ما يبدو شديد الوضوح في ألبوم "خبز دولة"(2015).

وبالتعاون بين مؤسسة المورد الثقافي، و" آفاق" الصندوق العربي لدعم الفنون صدر الألبوم الذي يتألف من 11 أغنية، هي: "خبز دولة، سين سؤال،  توضيح، بتعمر، منام، أهبل،  يا صاح،  بالشارع،  عايش،  ما عاد بدو، حكي بني آدمي".

وتتشكل فرقة "خبز دولة" من: أنس، صوت وغيتار. بشار، صوت مساعد وعازف غيتار. حكمت، غيتار وكيبورد. باز على آلة غيتار جهير، داني: عازف درامز... ويظهر التعاون بين فرقة "خبز دولة"، وبين فريق "طنجرة ضغط" في تسجيل الألبوم وحتى في أداء بعض الأغاني، حيث يشارك من "طنجرة ضغط" كل من خالد عمران: غيتار باص، وعلي خلقي: كيبورد.

تكتب الفرقة على ألبومها: "الألبوم الأول لفريق "خبز دولة" الذي تأسس في سوريا أواخر 2012 واكتمل عدد أعضائه في بيروت أوائل الـ 2013 . هو ألبوم متصل- منفصل من فئة Concept Album يتألف من 12 أغنية. يحكي قصة شاب سوري عاش أحداث الربيع العربي - والثورة السورية تحديداً- بكل ما حملته من تداعيات - سلباً أو إيجاباً- على حياته وحياة أصدقائه. الألبوم يروي تلك القصة من وجهة نظر إنسانية بحتة ليس لها علاقة بأيّ اصطفاف سياسي".

يحاول الألبوم الدمج بين بنية وصوتيات موسيقى الروك الغربي وآلالاتها مثل الدرامز والغيتار الكهربائي، مع كلمات وقصائد كتبها أعضاء الفرقة، منها الكثير ما يحمل طابع النقد للحال الاجتماعي والسياسي: "مليت من الكذب خلينا نكون واضحين، بزمانو الظلم ما بميّز لون أو دين، بالعتمة ما بعيش إلا ضحية وسجان، والروح الحرة بتعمر أوطان" (من أغنية بتعمّر).

طالما كانت الكلمات المغناة في موسيقى الروك تمردية، أكثر منها سياسية، فهل يمكن أن نطلق على ما أنتجه فريق "خبز دولة" قصائد وكلمات "تمردية"، أكثر منها الكلمات الملتزمة بخط سياسي دون آخر، ذلك لأن كلمات أغنية مثل "حكي بني آدم": "كل واحد فينا عم يستنى التاني ليبدا.. خايف ليخاطر.. كل واحد فينا.. بدو من التاني كل شي فيه ومتردد. كيف رح يبدا"... هذه الكلمات تحمل انتقادا لأسلوب التواصل البشري، وتدعو إلى محاولات التواصل المتكررة، وإعادة التفكير بكيفية التواصل، فتقول: "شو بيمنع نقرب أكتر من بعض.. ونصفن حتى إشعار آخر".

ومن نصوص التعبير عن الهم الفردي - الذاتي في الألبوم "ما عاد بدو" والتي تقول: "ما عاد بدو.. هوية ما عاد يعنيلو.. اسمو الثلاثي والجنسية كل يلي بدو ياه... وعم يفكر فيه ما يموتوا رفقاتو وأهلة وإخواتو يكونو بأمان".


تتنوع موضوعات وكلمات الأغاني في ألبوم "خبز دولة"(2015)، كما تتنوع ثيماته الموسيقية التي تستحق التعرف عليها كإحدى التجارب التي تقترح صوتيات موسيقى الروك الغربية، مع كلمات وقصائد بالفصحى أو العامية السورية، بالرغم من أن الكثير من الباحثيين والموسيقيين كانوا يخبرون على مدى العقود السابقة بإستحالة الربط بين موسيقى الروك والكلمة العربية المغناة، أو بين إيقاعات موسيقى الراب، والكلمة العربية. فالآن مع تجارب فرق روك مثل فرقة "جين"، "طنجرة ضغط"، و"خبز دولة"، أصبح يمكن لنا الكتابة والتحليل أكثر في تجارب هذه الفرق التي كان يكتب وينّظر منذ عقود عن استحالة ظهورها. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024