ماذا تُخفي موازنة 2018؟

عزة الحاج حسن

الإثنين 2018/03/12
سلك ملف موازنة العام 2018 طريقه وانتقل من الحكومة إلى مجلس النواب، حيث ستدقق لجنة المال والموازنة بأرقام الموازنة العامة وترفع توصياتها بشأنها قبل إقرارها في مجلس النواب قبل نهاية شهر آذار 2018، لاسيما أن لبنان على أبواب مؤتمرات دولية.

موازنة العام 2018 أقرت خلال جلسة واحدة لمجلس الوزراء، عقدت الاثنين في 12 آذار، بعد سلسلة لقاءات للجنة المشتركة التي تولت دراسة الموازنة ومناقشتها، ورغم أن بعض بنود الموازنة لم تلق تأييد بعض الوزراء إلا أن إقرارها كان أمراً محتماً تمهيداً لإنجاح مؤتمر سيدر 1 المقرر عقده في 6 نيسان 2018.

نجحت الحكومة في خفض أرقام العجز بالموازنة بشكل شبه متساو مع موازنة العام 2017. وهو ما وضعته الحكومة نصب أعينها منذ بدء مناقشتها الموازنة، ولكن كيف تمكنت من "تقليص" العجز من نحو 12 ألف مليار ليرة إلى 7267 مليار ليرة؟ وهل تم تقليص العجز؟

الجواب: لا، فالعجز لم يتقلّص وإنما تم تأجيله.

ووزير المال علي حسن خليل لم يبالغ خلال مؤتمر صحافي عقده ورئيس الحكومة سعد الحريري لإعلان إقرار الموازنة، باعتبار تحقيق نسبة عجز في موازنة العام 2018 بنحو 8.53% فقط من الناتج المحلي الإجمالي ووصفه بـ"الرقم المهم". ولكن، ما لم يقله الوزير خليل هو كيف تم التوصل إلى هذا العجز وخفضه بشكل قياسي، أي نحو 12 ألف مليار ليرة إلى نحو 7267 مليار ليرة.

تضمنت موازنة 2018 بحسب ما أكد الوزير خليل عدداً من البنود التي أسماها "إصلاحية"، أبرزها خفض موازنة الوزارات 20% وتحصيل الضرائب من خلال تسوية أوضاع المتخلفين عن السداد ومعالجة القضايا العالقة بشأن الضرائب، إضافة إلى إقرار بند يجيز بناء إدارات رسمية ويسمح بالإيجار التملكي بحيث تتمكن الدولة من تشييد ابنية تستوعب كل وزارات وادارات الدولة بقيمة ايجار لمدة 5 سنوات وغيرها من البنود.

ولكن حقيقة الأرقام والأمور التي لم تسمَ بأسمائها هي أن موازنة 2018 تضمنت بنداً (كانت قد ذكرته "المدن" في مقال سابق) من شأنه أن يزيد الواردات، وهو السماح بتسوية أوضاع المكلفين بضريبة الدخل لغاية عام 2016 ضمناً أي لغاية تاريخه كون مهل التصريح عن أعمال عام 2017 ما زالت سارية. ما يعني تسوية أوضاع المكلفين بضريبة الدخل من "مكتومين ومخالفين ومتهربين ومتقاعسين" وتبرئة ذممهم بصورة نهائية وشاملة، من أي مسؤولية أو ملاحقة، لقاء قيم مالية محددة لا تتناسب مع حجم المخالفات والتهرب المتعمد والاحتيال. وهو ما يساهم في رفد الخزينة بمبالغ مالية بصورة عاجلة.

وتم خفض النفقات، بحسب مصادر "المدن"، من خلال إجراءات منها جدولة متوجبات على الدولة تتعلّق بقوانين البرامج وبعقود إدارية مرتبطة بالإدارات العامة، وقد تم تأجيلها وتوزيعها على السنوات 2019 و2020 بدل 2018، كما تم تأجيل بعض النفقات، لاسيما ما يتعلق بوزارة الاشغال إلى العام 2019، وتم خفض احتياطي الموازنة بشكل طفيف كما تم اقتطاع نسبة 20% من موازنات بعض الوزارات منها وزارة الصحة العامة التي شملها الخفض في مسارات إنفاقها باستثناء المبالغ المخصصة للاستشفاء وللأدوية.

وكما بات معلوماً فإن ملف الكهرباء تم فصله بالكامل عن ملف موازنة العام 2018. وهو ما خفض العجز بنحو 2100 مليار قيمة العجز المخصص للكهرباء سنوياً و1000 مليار المبالغ المستحقة لحل أزمة الكهرباء عبر استقدام بواخر الطاقة.

باختصار، كل ما تم خفضه في موازنة العام 2018 كان خفضاً اسمياً وليس فعلياً، وقد استند إقرارها بحسب المصدر إلى توافق سياسي تمثل بضرورة إنجاز الموازنة قبل مؤتمر سيدر واحد، وهو ما ألمح إليه الرئيس الحريري خلال المؤتمر الصحافي حين قال: لولا التوافق السياسي لما شهدنا موازنة عامة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024