رجال الأعمال لا يزورون لبنان

عزة الحاج حسن

الأربعاء 2016/12/07
لا شك في أن الأزمة الإقتصادية التي حاصرت لبنان في العامين الماضيين، والتي تزامنت وتلازمت مع أزمة سياسية، تركت ندوباً في القطاعات كلها، وغيّرت مسارات كثير من المؤشرات والأرقام من تصاعدية الى إنحدارية.

قد يكون من الخطورة أن تسجّل إحدى المؤسسات أو القطاعات نتائج وأرقاماً سالبة، لكن لعل الأخطر من ذلك أن تكون الأرقام السالبة ذات دلالة على ما هو أخطر وأعمق من الأرقام، والمقصود من ذلك هو ما يكشف عنه رئيس مجلس رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت من تراجع عدد ركاب المطار من فئة رجال الأعمال بنحو 25 ألف راكب.

إذا أخذنا بالإعتبار أن معدل ركاب مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت يبلغ سنوياً نحو مليونين و700 ألف راكب، ونحو 16 في المئة منهم ركاب في درجة Business  أي رجال الأعمال، نرى أن تراجع ركاب Business نحو 25 ألف راكب ليس بالتراجع الكارثي، ولكنه وفق حديث الحوت لـ"المدن" يشير إلى ما هو أكثر خطورة من مستوى التراجع.

ولأن شركة طيران الشرق الأوسط (ميدل إيست) اعتادت أن تحقق ارتفاعاً سنوياً في نسبة ركاب رجال الأعمال من 5 إلى 10 في المئة، وفق الحوت، يغدو تراجع 25 ألف راكب مؤشراً سلبياً خطيراً، بصرف النظر عن حجمه الواقعي، ولاسيما أنه ترافق مع زيادة في نسبة الركاب بالدرجة السياحية بنحو 10 في المئة. ما يشكّل دليلاً على أن السبب يعود إلى تراجع النشاط الإقتصادي عموماً، والاستثماري خصوصاً.

وأكثر ما يثير قلق الحوت هو أن التراجع في أعداد الركاب من رجال الأعمال يعود بثقله إلى رجال الأعمال اللبنانيين، إذ كانت أعداد رجال الأعمال الخليجيين قد تراجعت منذ سنوات عدة مع تدهور العلاقات مع لبنان. وهو مؤشر آخر إلى تدهور الوضع الإقتصادي والإستثماري في لبنان.

وإذ يرى الحوت أن لانتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون والعمل على تشكيل حكومة أثراً في إمكانية إحداث نشاط اقتصادي، لكنه على يقين أن "الأساس يبقى باستعادة المؤسسات الدستورية دورها الطبيعي وإعادة الثقة إلى اقتصاد لبنان"، كما أن تنشيط الدورة الإقتصادية والحركة السياحية تبدأ من إعادة تمتين وتصويب العلاقات اللبنانية– الخليجية.

ورغم تراجع عدد الركاب في درجة رجال الأعمال وانعكاسه انخفاضاً في الإيرادات بنحو 70 مليون دولار، مقارنة بالعام 2015، إلا أن شركة طيران الشرق الأوسط حققت أرباحاّ ملحوظة خلال العام 2016، لا يمكن تحديدها قبل نهاية العام. ويؤكد الحوت في حديثه استمرار الشركة في تحقيق الأرباح، عازياً السبب إلى بعض الإنخفاض في التكاليف، والاعتماد على مصادر مستمرة للدخل.

وانطلاقاً من الوضع المالي للشركة عرّج الحوت على المستحقات المتوجبة للشركة على الدولة اللبنانية لتشغيل المطار وصيانته والتي "باتت تفوق 70 مليون دولار، والدولة لا تدفعها"، مؤكداً الاستمرار في العمل "لأننا نعتبر أنه إذا توقف هذا المرفق عن العمل تعطل لبنان كله، ولكن هذا لا يمنع أن على الدولة أن تعي مسؤولياتها وتدفع ما يتوجب عليها لـ"ميدل إيست" لأنه لا يجوز أن تستمر الأمور على هذه الحال".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024