عن "الالتزام بقرار الرئيس".. وما يسمّى "الإعلام"

نذير رضا

الإثنين 2017/11/13
جددت مقابلة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، الاصطفاف السياسي اللبناني، ورسمت ملامح الشرخ السياسي الذي تُرجم بشرخ اعلامي، إثر انقسام وسائل الاعلام حول نقل المقابلة، ما يشير الى محورين اعلاميين في البلاد: الاول يمثله تلفزيون "المستقبل" وقناة "أم تي في"، اللذان نقلا المقابلة، والثاني تمثله سائر القنوات الأخرى التي "التزمت بموقف رئيس الجمهورية".

غير أن الالتزام بموقف الرئيس الرافض لمضمون المقابلة بوصفه "لا يعكس الحقيقة" في ظل الظروف التي يعيشها الحريري، لا يعتبر سبباً وحيداً لرفض نقل المقابلة، إلا اذا وضع خيار نقلها من عدمه، في سياق احترام رغبة الرئيس، ومواكبته في الضغوط التي تُمارس لأجل عودة الحريري الى لبنان. وغير ذلك، فإنه يقود الى الاعتقاد بأن الرئاسة تسيطر على قرار وسائل الاعلام، وتحيلها الى مصاف الاعلام الرسمي، وهو ما يفترض أن الرئيس يرفضه، بوصفه، كما يقول، راعياً للتعددية ومدافعاً عن الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير التي يؤكدها الدستور اللبناني. 

ويتضح أن اسباب عدم بث المقابلة، تتمثل في الاصطفافات الجديدة التي بلورتها استقالة الحريري. فالقنوات الاعلامية، تعكس مزاجاً سياسياً للأطراف التي تمثلها. وإذ كان من الطبيعي أن تصطف "أو تي في" خلف اصرار الرئيس على حضور الحريري إلى بيروت، فإن قرار قناة "أن بي أن" يؤكد موقف الرئاسة الثانية بالتوجه الرئاسي، من زاوية "الاصرار على تطبيق الاجراءات الدستورية" والأعراف القانونية المعمول بها في لبنان. 

وإذا كان الطرفان، عون وبري، يلتقيان، كل من موقعه وخلفيته، على رفض الاستقالة بشكلها الحالي، فإن ذلك لا يبقي باب الاحتمالات مقفلاً على تحالف نيابي في وقت لاحق، يقابل الحلف السياسي الذي بدأ يتبلور على قاعدة مواجهة اسباب الاستقالة التي يمثلها سلاح "حزب الله".

على أن تحرك "أو تي في" و"أن بي أن"، و"المنار" استطراداً، من خلفيات سياسية، لم يبدد الأسئلة عن قرار "الجديد" و"أل بي سي" الإحجام عن بث الحوار، علماً أن الانتقادات التي طاولت أداءهما، تتخطى الاعتبار السياسي الذي عملا به، بوصفهما "يناقضان حرية التعبير بتوفير المعلومة". 

والانتقادات هنا، تنطلق من خلفية قائلة إن المحطيتن غير مسيستين، وبالتالي يتيح ذلك لهما التحرك وفق اعتبار توفير المعلومة للمشاهد. لكن هذه الخاصية، اصطدمت بواقع جديد، رفع فيها شعار "القضية الوطنية"، مدفوعاً بتحرك دولي يؤكد ضرورة تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، وعدم التدخل الاقليمي في شؤونه، وآخرها اعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، اليوم الاثنين، إنه من الضروري أن يحظى كل الساسة في لبنان بحرية التنقل والسفر حتى يتسنى حل الأزمة السياسية في البلاد.

وعليه، فإن الالتزام بالموقف اللبناني الرسمي، والايقاع الدولي، يعد سبباً كافياً بالنسبة لقناتين تمتلكان هامشاً من المناورة وحرية الحركة السياسية. وبالتالي، لا ورقة داخلية رابحة أكثر من الالتزام بموقف الرئيس عون الذي أعاد توجيه خصومه السياسيين نحوه بوصفه "رئيساً صلباً" في اصراره على عودة الحريري.  
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024