"مدام نهى السخنة".. يعرفها الجميع ولا أحد يعرفها حقاً

أحمد ندا

الخميس 2017/10/12
قبل 24 ساعة، لم يكن أحد يعرف شيئاً عن "مدام نهى".
واليوم، بعد البحث المحموم، لا أحد يعرف عنها شيئاً أيضأً. بل على العكس، كلما كثر البحث عنها كلما ازداد الغموض المحيط بها.


بدأت القصة بخاصية جديدة اعتمدها "فايسبوك" تعتمد على إثارة الفضول والتلصص، هي "نتائج البحث الشائعة اليوم" (today's popular searches)، والتي يتم تحديثها بشكل مختلف من دولة إلى أخرى، أي أنها لائحة محلية مكّنت المصريين من معرفة أكثر ما يبحثون عنه في مستطيل البحث الصغير أعلى الصفحة الزرقاء. ويسمح التحديث الجديد للمستخدم بمعرفة أكثر ما يبحث عنه المستخدمون في دولته، وهو ما يشبه قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في موقع "تويتر"، وتظهر تلك النتائج لمستخدمي "فايسبوك" بشكل تلقائي بمجرد البحث.

وهكذا ظهرت تفضيلات المصريين، التي تصدرتها الراقصة سما المصري، ثم محمد صلاح سبب صعود مصر إلى كأس العالم، وعدد من الكلمات الجنسية المفتاحية، ثم "مدام نهى السخنة". وهنا وقع الأمر على الجميع كالقنبلة، إذ أن كل مصطلحات البحث السابق لها ما يبررها، لكن من هي مدام نهى المتصفة بالسخونة؟ ولماذا هي في الاختيارات الأولى في بحث 33 مليون حساب مصري في "فايسبوك"؟

بدأ البحث يجتاح الجميع كعدوى لمعرفة هوية مدام نهى السخنة، وسبب انشغال الملايين بالبحث عنها، وكيف تحولت إلى واحدة من أشهر المجهولين في مصر خلال ساعات معدودة. وحتى "غوغل" نفسه فشل في العثور على إجابة مرضية، إذ تحيل نتائج البحث إلى مدام نهى التي اتصلت بأحد البرامج الإذاعية لتحكي قصة عاطفية لاهبة، غير أن الحكاية مر عليها وقت طويل ولا يمكن أن تتحول إلى هوس عام في هذه اللحظة من دون أن تحدث جلبة في وقت نشر المكالمة أصلاً.

وتتكرر نهى "المدام"، مع مثيلاتها في مواقع الحكي الجنسي، من دون أن يعني الاسم شيئاً، بل لعله يكون أقل دلالة من أسماء مثل "مديحة"، وهي واحدة من أشهر الروايات الجنسية في الإنترنت، و"نادية طيظ" كاتبة الملاحم الجنسية وغيرها. نهى اسم جديد على المخيلة الجنسية المكتوبة، وهو أيضاً ليس عنواناً لأحد التسريبات الجنسية المنزلية، وما أكثرها، لأن هذه الأشياء لا تظل في الخفاء كثيراً.

يمكن للخيال المؤامراتي أن يتدخل قليلاً في محاولة ملء الفراغات في الحكاية العجيبة. إذ يبدو الأمر كما لو أن هناك طائفة سرية ما، كلها تحمل اسم "نهى السخنة"، وانتشرت إلكترونياً عبر لوغاريتمات "فايسبوك" ونومت رجالها مغناطيسياً، للسيطرة على أحلامهم الجنسية، ثم إسقاط الاسم على صفات أو أمنيات، لتصير "نهى السخنة" فكرة لا حدثاً.

وبعيداً من الشطط التأويلي، قارنت "المصري اليوم لايت" بين نتائج البحث العامة في مصر والإمارات، تحت إيفيه "شعب مؤمن بطبعه"، بسبب غزارة البحث الجنسي في مصر وانعدامه في الإمارات، غير أن نتائج البحث في الأخيرة تعطي لمحة عن طبيعتها الديموغرافية. فنتائج البحث تصدرها المسلسل الفلبيني زهرة البرية، ثم برنامج فلبيني آخر، ثم البحث عن الرياضة الهندية الأكثر شعبية "الكريكت" في بث مباشر لمبارياتها.

إلى ذلك، تبقى مدام نهى اسماً محيراً في البحث المصري، خصوصاً أن الجهل بها، زاد من شهرتها. فتساؤل الجميع عنها جعلها تقفز إلى المركز الثاني في اللائحة، خلال ساعات، وربما الآن تهدد عرش سما المصري في تصدر البحث، لتواجه سما "شبحاً" بالمعنى الحرفي للكلمة، ينافسها في بضاعتها وقوتها وسبب رواجها، من دون أن تعرف من هي غريمتها.

المحاولات التي حاولت أن تنضوي تحت لواء الاسم الشائع كثيرة. صفحات ظهرت من العدم تدعي أنها "صفحة مدام نهى الأصلية"، و"مدام نهى التي يبحث عنها الكل". لكن جمهور "المدام" المستجد، يبدو أكثر وعياً من أن يقع في هذه المقالب السهلة. فلم تنجح أي محاولة في تحقيق تفاعل، وكأن جمهور "فايسبوك" المتسائل حريص على حفظ رمزيتها، في نفس وقت بحثه عن ماهيتها.

ربما تكون مدام نهى السخنة، الحقيقية، موجودة في مكان ما، تطالع المفاجأة وتبتسم، وهي التي قبل يوم واحد فقط كانت الوحيدة التي تعرف مدى تأثيرها في عقول الجميع ومحركات بحثهم الفايسبوكية، لكن الجميع يعرفونها الآن من دون أن يعرفها أحد حقاً.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024