اليوم العالمي للمرأة: وقاحة لبنانية

يارا نحلة

الأربعاء 2018/03/07
مضى قرن على تحديد الثامن من آذار يوماً عالمياً للمرأة، إلا أن شعبيته وزخمه أخذا يتصاعدان في الآونة الأخيرة، مع تنظيم عدد أكبر من المسيرات والأنشطة، وإنضمام المزيد من المدن والبلدان إلى هذه الحفلة النسائية في كلّ عام. إلا أن المفارقة هذا العام هو تعبير الحدث فعلياً عن عالميته وعبوره للثقافات بالرغم من الإختلافات الحادة في واقع المرأة بين دول العالم. فما كان محصوراً، منذ بضعة سنوات، بالنخبوية الغربية، أصبح اليوم خطاباً تجتمع عليه نساء العالم الأوّل والعالم الثالث على حدّ سواء. 

عالمياً، تمّ إختيار "الضغط من أجل التقدم" شعاراً ليوم المرأة (#PressForProgress) والمساواة الجندرية موضوعاً له، وذلك على خلفية ما جاء في "تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين للعام 2017" بأن متوسط الفجوة الجندرية تبلغ اليوم 9 آلاف دولار (مع كسب النساء حوالي 12 ألف دولار سنوياً، في مقابل 21 ألف للرجال) وهي لا تزال في ازياد. كما قدّر أن هذه الفجوة لن تردم قبل 217 عاماً، أي أن هذا الإحتفال بيومٍ للمرأة، والحاجة إليه، لن تختفِ قبل قرنين من الزمن. 
وعليه، ستركّز العديد من النشاطات المقررة لهذا اليوم على موضوع المرأة في قطاع العمل وإنجازاتها في مقابل الإجحاف في حقوقها. 

ففي لندن، سينظم عدد من الندوات والنقاشات حول مشاركة المرأة في قطاعات العمل المختلفة مثل ندوة "النساء في مجال التكنولوجيا"، بالإضافة إلى ورش عمل كدورة تأهيل للنساء العاملات في السلطات المحلية لتولي مراكز القادة، وتدريب لمصممات الأزياء الصاعدات على إدارة أعمالهن. أما في سيدني، فستجتمع مصنعات النبيذ في نشاطٍ عام لإظهار مهاراتهن. أما في إيرلندا، فسيجرى مهرجان سينمائي لتسليط الضوء على إنجازات النساء في عالم الأفلام.

وعالمياً، تنظم منصة "International Women’s Day" نشاطاً إفتراضياً بعنوان "Paint Jam" بحيث دعت الفنانات حول العالم إلى طلاء الجدران برسوماتهن التي ستقوم المنصة بنشرها، وذلك بعدف عرض إنتاجات النساء وإبداعاتهن.

أما في لبنان، فلن يكون الإحتفاء بالمرأة العادية التي تناضل يومياً لكسب عيشها أو الدفاع عن حق أولادها في الحصول على جنسيتها. ذلك ان المرأة التي سيتم تكريمها في يوم المرأة ليست سوى إبنة مسؤول سياسي، أو زوجته. 

بمقارنة النشاط اللبناني مع غيره من النشاطات التي تستعرضها منصة "يوم المرأة العالمي"، تبدو وقاحة البرجوازية اللبنانية في التعاطي مع القضايا النسائية. ففي مقابل سائر الدول والمدن التي تعتبر هذا اليوم مناسبة للإعتراف بالإنجازات النسائية القابعة في الظلّ، وفرصة لتمكين النساء في مختلف المجالات ومن شتى الفئات، يلتبس مفهوم هذا اليوم على بعض اللبنانيين. 

لكن على الأرض وفي الشارع اللبناني (بعيداً عن الجامعات وتملقها) سيكون المشهد مختلفاً. وكما جرت العادة في الأعوام الماضية، ستسير مئات النساء في مسيرة ينظمها عدد من المنظمات والمجموعات النسوية، وذلك يوم الأحد الواقع في 11 آذار.

والجدير بالذكر هو أن هؤلاء النسويات اللبنانيات لم يقتبسن شعار الحملة العالمية، بل وضعن شعارهن الخاص وهو "قضايانا متعددة، غضبنا واحد". كما إنتشر شعار "غضب" على الصور الفايسبوكية. ولم يستثنِ نص الدعوة اللاجئات والمهاجرات والمثليات والمتحولات جنسياً. كما ودعت المنظِمات إلى عدم إستغلال هذه المسيرة إنتخابياً عبر الترويج لمرشحة أو حملة معينة. 

يُذكر انه كان العام الفائت إستثنائياً بالنسبة للنضال النسائي الذي إرتفع هديره عالياً في معظم دول العالم. فمع إنطلاق العام 2017، في الولايات المتحدة، بتظاهراتٍ نسائية ضخمة خرجت للتعبير عن إستنكارها لإنتخاب ترامب رئيساً للجمهورية، كرّت سبحة التحركات النسوية التي طالت قضايا متعددة كان أبرزها التحرّش الجنسي. فما بدأ كحملة ضدّ العنف الجنسي الممارس بحق النساء في قطاعٍ واحد (هو الشو بيزنيس) وفي مدينة واحدة (هي هوليوود)، إمتدّ سريعاً ليشمل العالم بأكمله، فخرجت "ME TOO" عن إطار الحملة الضيقة وتحوّلت إلى حراك عالمي. وهنا بالظبط تكمن أهمية اليوم العالمي للمرأة هذا العام.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024