"تأكد" مبادرة شبابية: رصد الإعلام السوري والشائعات

وليد بركسية

الأحد 2016/04/03
ترفع  مجموعة من الصحافيين السوريين شعار: "تأكد لأن الخبر أمانة"، يكافحون به انتشار الشائعات والأنباء الكاذبة في البلاد، عبر منصة متميزة تم إطلاقها "لحث وسائل الإعلام على التأكد من دقة أخبارها وما تبثه قبل أن تقوم بنشره لجمهورها، من خلال اتباع المبادئ الأساسية للعمل الصحافي".

"تأكد" هو اسم المشروع الجديد، وأتت فكرته الأولى من واقع "انتشار وسائل الإعلام البديل التي تضخ يومياً كمّاً هائلاً من الأخبار والصور المتعلقة بالشأن السوري، ومع غياب الرقابة على تلك المؤسسات أصبحنا نشاهد ونقرأ كثيراً من الأخبار الكاذبة والمغلوطة، ما أفقد إعلام الثورة صدقيته أمام الجمهور المحايد والمتعاطف مع الثورة من غير السوريين، وحتى أمام جمهوره من السوريين المعارضين".

أسس المنصة الصحافي السوري أحمد بريمو (29 عاماً) الناشط في المجال الإعلامي منذ عام 2009 حين أطلق في مدينة حلب موقع "شو الأخبار" الذي تم إغلاقه واعتقال فريق عمله عند بداية الثورة السورية لتغطيته أخبار الحراك السلمي المعارض للنظام، ليعمل بعد خروجه من المعتقل في عدد من وسائل الإعلام المعارضة والعربية أبرزها "زمان الوصل" و"مركز الدوحة لحرية الإعلام"، علماً أنه يمول المنصة بشكل شخصي بعيداً عن التبعية لأي جهات سياسية أو دينية.

ويرى بريمو في حديثه لـ"المدن" أن "الطريقة الأفضل لمحاسبة وسائل الإعلام التي تكذب هي التشهير بها بطريقة غير مباشرة، من خلال أخذ لقطة شاشة للمحتوى الكاذب أو المغلوط والبحث عن تصحيح له ونشره للجمهور"، وهي طريقة تكتسب بها المنصة صدقية خاصة لكونها تعتمد على روابط وشواهد موثقة في تقييمها للأنباء وليس مجرد تصحيح بإشارات لفظية قد تكون بحد ذاتها كاذبة، خصوصاً أن المنصة يشرف عليها صحافيون قد لا يثق المتلقي بهم في البداية.

تتربص المنصة بزلات الإعلام المعارض والموالي والتابع للجماعات التكفيرية على حد سواء، رغم أن فكرة المشروع بدأت لرصد شائعات الإعلام المعارض حصراً "لعدم رغبتنا بأن نصحح للإعلام المؤيد الذي فقد صدقيته أمام العالم والشعب السوري منذ زمن طويل، ولعدم وجود فريق عمل كبير قادر على تغطية الكم الكبير من وسائل إعلام النظام والمعارضة"، لكن ذلك تغير بعد اعتراض الجمهور على هذه السياسة، "إذ ظن المتابعون أننا منحازون لنظام الأسد ونعمل لمحاربة الثورة، مما اضطرنا لتكثيف ساعات العمل والجهد من قبل فريقنا الصغير وتغطية أخبار النظام ووسائل الإعلام المؤيدة له أيضاً".

في ضوء ذلك، ينقسم العمل في المنصة إلى قسمين، الأول "يتولى التحقق من الصور والفيديوهات، باستخدام الوسائل التي توفرها الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال مثل محرك البحث غوغل، ومواقع أخرى تمكن لمن يستعين بها كشف الصور المعدلة، أو من خلال تحليل بيانات الصور والفيديو لمعرفة مكان وزمان التقاطها".

الشق الثاني يتعلق بالأخبار والتصريحات، ويتم تأكيدها "برصد كل وسائل الإعلام والصفحات الإخبارية والحسابات الرسمية لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما نشك بصحة خبر ما نبدأ بالبحث عن حقيقته حتى نصل إلى مصدره الرئيسي ونجري مقاطعة له مع مصادر أخرى لتصحيحه إن كان خاطئاَ أو تجاهله إن كان صحيحاً".

أما التصرحيات والمواقف الدولية والتقارير الحقوقية الأجنبية "فيتم الاستعانة بأشخاص يتحدثون اللغات الأصلية للأنباء بغرض التأكد من صحتها من مصدرها الأصلي".

ويرجع بريمو مسألة انتشار الشائعات في الإعلام السوري إلى ظواهر كالاعتماد على المواطنين الصحافيين كمراسلين ميدانيين، "لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية التي يشرف عليها ويديرها صحافيون أكاديميون يقيمون خارج سوريا، لأنهم مسؤولون عن مقاطعة المصادر والتحقق من صحة ما يردهم من مراسليهم في الداخل قبل نشره أو بثه".

استطاعت المنصة منذ تأسيسها في 23 شباط/ فبراير الماضي، جذب اهتمام الجمهور (11 ألف متابع عبر فايسبوك) وتحظى بردود فعل متفاوتة. فإلى جانب المعجبين بالمشروع هناك "فئة متعصبة لا ترغب بسماع رواية تُخالف رؤية الطرف الذي يؤيده، وهذه العقلية التي كانت لدى جمهور النظام فقط انتقلت مع الأسف إلى جمهور الثورة".

حساسية عمل المنصة تجعل موقف وسائل الإعلام منها حذراً، "نعلم جيداً أن كثيرين يتابعوننا بصمت وأصبحوا يدققون أخبارهم مرة أخرى على الأقل قبل نشرها، خشية أن يقعوا ضحية المنصة"، ويؤكد بريمو أن المنصة "لن تلتمس العذر لأحد حتى المواطن الصحافي الذي يجب أن يكون قد وصل اليوم إلى مرحلة متقدمة بالخبرة الصحافية".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024