السبت 2015/05/23

آخر تحديث: 19:02 (بيروت)

رعبٌ في عرسال: نحن مع الدولة

السبت 2015/05/23
رعبٌ في عرسال: نحن مع الدولة
ينتظرون الأسوأ بعد أن باتت المعركة قريبة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تبدو عرسال اليوم كأنها وضعت في سجن انفرادي. تنتظر حكماً نهائياً يصدر بشأنها، أسوأ إحتمالاته استدراج حروب المنطقة الى داخل الأراضي اللبنانية، وأفضلها إبقاء هذه البلدة اللبنانية، على تخوم المعارك الضارية الدائرة في جردها، والتي تتعدد أشكالها وعناوينها لتكون نتيجتها واحدة: تشديد الخناق على اهالي عرسال ومعهم أكثر من 90 الف سوري لجأوا اليها حفاظا على حياتهم وعائلاتهم.

في انتظار صدور الحكم المؤجل والذي يطلب البعض من الحكومة لفظه، تعيش عرسال يومياتها بقلق. أصبح الجميع متآلفاً مع الحالة الأمنية والإقتصادية السائدة منذ 3 أعوام. ما يقلقهم ليس الوضع الحالي على حالته، بل إحتمالات دخول البلدة في سيناريو معدل مشابه لما عاشته في آب الماضي، مضافاً إليه إحتمال التهجير او دمار المدينة، وتحولها إلى إنقاض.

بات القلق المتحكم بيوميات المدينة، حقيقياً. كثر يدركون أن المعركة باتت قريبة، بإنتظار التوقيت، ليس إلا، خصوصاً بعد التصريحات الأخيرة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، التي تحدث فيها عن التعبئة العامة، وقبلها الدعوات إلى التدخل "لتطهير جيوبها"، والتي يخشى اهالي عرسال أن تدفع بالمسلحين الى وسط البلدة.

بحسب الأهالي، هم مع الدولة التي دافعوا عنها في آب الماضي وقدموا شهداء في سبيل منع التطاول على القوى الأمنية والجيش اللبناني، بين الدولة والجماعات الإرهابية، يبدو جوابهم محسوماً، لجهة الدولة، أما الخيار بين "حزب الله" والجماعات التكفيرية فيبدو صعباً، بما أنهما بالنسبة للأهالي لا يختلفان إلا بتفاصيل بسيطة.

يشير الأهالي إلى أنهم باتوا يعيشون في قفص كبير، أشعلت النيران من حوله منذ معركة القلمون الأولى، والتهبت مع إرتفاع وتيرة المعارك التي دارت بين "جيش الفتح" و"حزب الله" والجيش السوري في جرود القلمون أخيرا، ثم ليصب القتال بين جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش" في جرود البلدة، مزيدا من الوقود على الجمر.

يقول وفيق خلف احد أبناء عرسال لـ"المدن" إلى ان أهالي البلدة نسوا الطريق الى بساتين الكرز والمشمش وحتى الى بعض المقالع التي كانت تشكل مصدر رزقهم الأساسي، بعد أن إلتهمه الصقيع قبل ان تحرقه الحرب.

ليس التأثير الإقتصادي ما يقلق الأهالي. بات أمراً ثانوياً، أمام مهمة حفظ أمنهم، وأماني عدم تحول بلدتهم الى انقاض. يقول خلف ان هناك قلقا كبيرا لدى الأهالي من تسرب المعركة الى داخل تجمعات السوريين في المخيمات القائمة بوسط البلدة، وان كان يرى صعوبة في ذلك بسبب عمليات التفتيش المستمرة التي تخضع لها هذه المخيمات، والتي تقلص وجود السلاح فيها الى حد كبير.

يتماهى لسان "العراسلة" مع موقف الرئيس سعد الحريري مؤخرا بشأن عرسال، وقوله بأن البلدة "ليست مكسراً لعصيان حزب الله على الاجماع الوطني".  يقول  رئيس البلدية علي الحجيري لـ"المدن": "اننا السند الأول للجيش في أي معركة يخوضها، ولكننا نسأل في المقابل لمصلحة من توريطه في معركة ليست موضوع إجماع حتى على طاولة الحكومة اللبنانية"، خصوصاً أن "حزب الله" هو من "يريد ان يستدرج الجيش الى معركة في عرسال، بعد ان ورط كل لبنان بمعارك سوريا، ودفع بالمسلحين الى الجرود، واليوم يرفع السقف ليطالب الجيش بحماية الحدود التي لم يصنها".

هذا الواقع، يقابله جزم مشابه لجزم الحريري. يقول الحجيري: "لن نقبل بأن تخاض معارك حزب الله على أرضنا. ولكن اذا كانوا يريدون القتال، فليذهب ويقاتل المسلحين في الجرود، ولكن اي محاولة لاستدراج المعركة الى داخل البلدة نحن ضدها"، بعد أن وقف الحزب "وراء كل الحركات المشبوهة والزعرنات التي تعرضت لها عرسال، كما عمل على تشويه سمعة البلدة ليسهل اي عمل أمني في المستقبل".

اما الجيش اللبناني فيضع الويته في حال تأهب تام، بعد ان زاد عديد عناصرها وعمم برقيات الحجز الطارئ، تداركا لما تصفه اوساطه عبر "المدن" بـ"كارثة" انتقال قتال "داعش" و"النصرة" الى مخيمات اللاجئين. وتكشف عن تناغم أكبر بين أهالي عرسال والقوى العسكرية التي وسعت انتشارها، لمواجهة مثل هذه المخاطر، ولا سيما بعد أحداث الخطف والإبتزاز المتفرقة التي وقع ضحيتها ابناء البلدة انفسهم. وتبدي الاوساط ارتياحا لأي تعاون اهلي حفاظا على استقرار البلدة الهش، لأنه ضروري لعدم صرف الجيش عن مهمته الأساسية في حماية الحدود.

وتشير المصادر لـ"المدن" الى انه "أحكم طوقه على كل المنافذ، بحيث لم يعد ممكنا تسرب أحد الى عرسال، فيما وحداته في حالة تأهب، وتتصدى لأي محاولة تسلل على طول الحدود الممتدة من بريتال الى رأس بعلبك مرورا بعرسال"، الا ان ذلك لا يعني بأن الجيش سيشعر بأن ظهره محمي كليا اذا ما اتخذ القرار بالمواجهة العسكرية مع الجيوب المسلحة في جرود البلدة، الأمر الذي سيفرض على الجيش ان يبقى متيقظا، للدفاع عن نفسه، وليمنع اي محاولة تسلل عسكرية الى داخل البلدة، ولكن من دون ان يبادر لشن معركة على المسلحين كما يطلب البعض.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها