الإثنين 2015/06/01

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

حزب الله: الى الفتنة در

الإثنين 2015/06/01
حزب الله: الى الفتنة در
increase حجم الخط decrease

هل سقطت نظرية خوف حزب الله من الفتنة السنية الشيعية في لبنان؟ لطالما كان الرهان على هذا الخوف من العناصر التي يبنى عليها الإطمئنان الى أن الإنهيار الحاصل في المنطقة لن يطال لبنان. أقله لن يطاله بالسرعة التي يجتاح بها مدن المشرق العربي وبعض الخليج.

من لا يتفق مع نظرية خوف حزب الله من الفتنة السنية الشيعية كان يعزو حرص حزب الله على عدم الوقوع فيها الى أسباب موضوعية تتجاوز الخوف وتجعله بغنى عنها، وهي إطمئنان حزب الله الى قدرته على حماية التوازن السياسي في لبنان، بسبب قرار خصومه لا سيما تيار المستقبل عدم الانزلاق الى الفتنة. ويضيف آخرون حاجته الى بيئة مستقرة ينطلق منها في مهمة حماية النظام في سوريا.

الواقع أنه أياً تكن اسباب حرص حزب الله على تفادي الفتنة وحريقها في لبنان، فهي تبدو أنها تترنح، ويبدو الحزب سائراً بلا ضوابط تذكر نحو هذه الفتنة وكأنها باتت مشروعا له يمهد للتلاعب المجنون بالخريطة المذهبية في لبنان، كإمتداد للفكرة النامية بحماية سوريا العلوية المتاخمة له.

فبعد خطابين لأمين عام حزب الله حسن نصرالله حرض فيهما العشائر في بعلبك الهرمل على الوقوف في مواجهة من أسماهم بالتكفيريين في جرود عرسال، انطلقت “عاميات” اهلية في المناطق المذكورة تترجم التوجه الذي عبر عنه نصرالله في خطابيه المذكورين، بلغة تنذر بتشقق أهلي وتصدع في علاقات المناطق في ما بينها، على نحو لم يعرفه لبنان حتى في ذروة احداث السابع من ايار عام ٢٠٠٨.  

ولعل البارز في هذه التعبيرات عدم اكتفائها بالملمح الأهلي الذي تمثله العشائر بل  الاصرار على استلحاق غير مباشر لجزء من البنية التحتية للدولة ممثلةً بالبلديات في مشروع فتنة مذهبية وأهلية. فقد دخلت البلديات مواربة على خط معركة “تحرير جرود عرسال” عبد بيان تلاه رئيس اتحاد بلديات بعلبك السابق بسام رعد يقول “إننا عائلات وعشائر منطقة بعلبك الهرمل من كل المذاهب والطوائف والأطياف، نؤكد لسماحة الأمين العام المؤتمن على الأرواح والدماء أننا رهن إشارته وملتزمون بأي قرار يصدر عن سماحته، واضعين الأرواح والأبناء والأموال في موقع الدفاع عن شرف وكرامة أبناء هذه المنطقة وكل لبنان لاجتثاث القوى الظلامية الإرهابية التكفيرية والصهيونية التي سنهزمها في وقت ليس ببعيد ومهما تطلب الأمر من تضحيات”.

فالإمرة في هذه المعركة التي قال البيان انها تهدف الى “مواجهة الإرهاب الذي يتهددنا جميعاً” بيد نصرالله، الذي لا نقول جديداً اذا أعدنا التذكير بأن بينه وبين تمثيل مصالح “الجميع” هوة كبيرة ليس بوسع كلام التطمين الإنشائي، والأخوة الزائفة والحرص المنتحل الصفة ردمها.

هذا واقع يدركه نصرالله قبل غيره على الرغم من الإصرار على تجاهله والمضي في تقديم إحتمالات المعركة وفرض الحماية على من لا يرون في مواصفاته ومواصفات حزبه ما يؤهله “لحمايتنا جميعاً”.  

وهو يعلم علم اليقين أن كل الرطانة الخطابية حول وحدة الحال بين أبناء المنطقة واشتراكهم في المصير نفسه حيال تمدد مفاعيل الحريق السوري الى لبنان، لم تنجح بتغييب المقارنة بين اعلان "عشائر وعائلات بعلبكية" عن قيام "لواء القلعة” وبين ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية في العراق والتي تشكل مادة اضافية للانقسام الاهلي هناك كما هنا.

مخيف جداً أن لا يكون نصرالله متنبهاً الى الإحتمالات التي يفتحها مثل هذا الإستسهال في الركون الفاضح الى مكونات أهلية ذات طابع مناطقي ومذهبي ودفعها للدخول في حرب تتضح أكثر فأكثر صفاتها وخلفياتها ونتائجها المذهبية. المرعب أكثر ان يكون مدركاً أنه يدفع الامور بالإتجاهات هذه عن سابق تصور وتصميم. وهو الأرجح. لا بد وأنه خطر له إحتمال أن تقوم عائلات عرساليه بإعلان تشكيل ألوية موازية لما أعلن تشكيله تحت عباءة حزب الله حتى الان، ليس بغاية مواجهة ما أعلن عنه، بل بحجة محاربة المسلحين في الجرود؟ أو خطر له أن تقوم تشكيلات سنية بالإعلان عن انطلاق ألوية أخرى لمواجهه “الإرهاب الإيراني بحق أهل السنة” وهو عنوان رائج في أدبيات التنظيمات الاصولية السنية؟ سيل الأسئلة الذي يفتتحه هذا المسار لا يتوقف. ألا يمهد إعلان نصرالله الإستنهاض الأهلي لتحرير عرسال وجرودها لمشروعية مضادة قد يخطر لها أن تتنكب مهمة “تحرير الضاحية” من احتلال الحرس الثوري لها؟ لا سقف للجنون الأهلي حين ينطلق. ولا فرامل بوسعها وقف الإنزلاق نحو مهاوي هذا الحريق حين يعلن “الأهل” عن إستعدادات إنتحارية لبذل الارواح والدماء في رقصة موت مرعبة.    
ربما في حسابات نصرالله أن الحروب الأهلية تحتاج الى رعاة وخطوط امداد وسلاح ومال ورجال مستعدون للموت. وربما يظن أن ما يتوفر له في هذا المضمار لا يتوفر لمناوئيه. ويراهن بالتالي على أن اثمان كسرهم لن تتجاوز بعض “النق” الاعلامي والسياسي قبل القبول بالأمر الواقع والحقائق على الارض.

من يقرأ توسع تنظيم داعش يعرف أنه مخطئ بالتأكيد. نصرالله نفسه يعرف أنه مخطئ لكنه يخطو عن سابق تصور تصميم نحو الحريق. وهو ربما بات يرى في الفتنة المذهبية مدخلاً لتوسيع أزمة الجميع وضمان جلوسه على طاولة الحلول في لبنان، إن أتت، من موقع التساوي مع الجميع في أزماتهم. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها