الإثنين 2015/01/26

آخر تحديث: 16:31 (بيروت)

تنافس "داعش" – "النصرة": البقاع أرض جهاد

الإثنين 2015/01/26
تنافس "داعش" – "النصرة": البقاع أرض جهاد
من جرود عرسال (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

سقطت تقسيمات القلمون السابقة. التوازنات الجديدة فرضت بدورها متغيّرات على أرض القتال. أصبح التقسيم الجديد قائماً بالطول وليس بالعرض، وبدلاً من القلمون الغربي والشرقي، غدت معادلة التوازن بين جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش" قائمة على "القلمون الشمالي والجنوبي، وهذا يعني بوضوح أن التوسّع سيطال الأراضي اللبنانية. ورغم أن طموح "داعش" في ذلك معروف، يبدو أن هذا الأمر بالنسبة إلى "النصرة" مستحدث في سياق المبارزة والمنازلة مع الخصم الفقهي والشرعي، بعد أن كانت تتمسك بنظرية "لبنان أرض نصرة وليس جهاد".

لم يعد توسّع كلّاً من التنظيمين شرقاً وغرباً ضمن الأراضي السوري فقط، وليس نحو درعا ولا ريف حمص، إذ إن بعض الأراضي اللبنانية أصبحت في عين هذه الطموحات، خصوصاً أن المنطقة الممتدة من عرسال إلى رأس بعلبك فالقاع والفاكهة هي جزء من القلمون الشمالي، المسيطر عليه من قبل "داعش"، أما إمتداد جرود بريتال ويونين ونحلة فهي إمتداد للقلمون الجنوبي المسيطر عليه من قبل "النصرة". يكفل هذا التقسيم المبسّط التوصّل إلى فهم ما جرى مؤخّراً في رأس بعلبك من جهة وفي جرود بريتال وتحديداً في موقع عين الساعة المتقدم في السلسلة الشرقية والمشرف على الزبداني والذي من خلاله يؤمّن "حزب الله" طريق بريتال الطفيل لتسهيل نقل عتاده وعديده إلى العمق القلموني، وهو الهجوم الذي عاد ونفى "حزب الله" وقوعه.

نسبياً بسط تنظيم "داعش" سيطرته بشكل شبه كامل على جرود القلمون. معظم كتائب الجيش السوري الحر بايعته، حتى الكتائب الإسلامية، وانحسر وجود جبهة "النصرة". وتشير مصادر قلمونية لـ"المدن" إلى أن "النصرة تخسر الأرض عملياً، ويتقلّص نفوذها، كما أن بعض القوى المتحالفة معها أو بعض فرقها تبايع داعش، وتبدو في الفترة الأخيرة شبه غائبة إن لم تكن غائبة بالكامل، اذ لم تعد قياداتها تصدر تصريحات أو مواقف، والتزمت الصمت في مرحلة لبلورة موقفها من تقدّم جحافل داعش، لكن الغياب المبرر بالحدّ من الخسائر والحفاظ على ما تبقى من وجود، طال".

غياب النصرة لا يعني غياب التنافس في الأعمال العسكرية بينها وبين "داعش". بعد يومين على هجوم رأس بعلبك شنت "النصرة" عمليّة على موقع عين الساعة المطل على الزبداني وبريتال، وتؤكد مصادر "المدن" أن هذا الهجوم هو ردّ من "النصرة" على هجوم "داعش" على موقع تلّة الحمرا، وتشير إلى أن "هناك تنافساً بين الطرفين على من يمتلك المبادرة العسكرية ضد الخصم".

ما إن ورد خبر هجوم "النصرة" على جرد بريتال حتى سارع "حزب الله" إلى نفي ذلك. يعتبر النفي سابقة بالنسبة إلى الحزب، إذ لم يكن يصدر أي موقف سابقاً إزاء هكذا أخبار سواء كانت صحيحة أو مغلوطة، إلا أن مصادر من بريتال تؤكد لـ"المدن" حصول الهجوم بعد أن نجح "حزب الله" في اكتشافه باكراً، ما حدا بمقاتلي "النصرة" إلى عدم الإقتراب أكثر باتجاه الموقع، أما عن سبب نفي الحزب فيشير المصدر إلى أن الهجوم لم يحصل على الموقع وبالتالي من مصلحة "حزب الله" نفي ذلك كي لا تصور مناطق بيئته على أنها معرّضة دوماً لهجمات تتناقض مع دعاية إنتصاره في القلمون وحمايته القرى الحدودية.

يغرق لبنان أكثر فأكثر في هذا الصراع، فيما يؤكد مسؤولوه أن الوضع جيّد. يتجلّى الخوف في أن يتطور الصراع ليدخل مناطق جديدة على حين غرّة. الهجوم الأخير على مركز الجيش في تلّة الحمرا مؤشّر إلى ما تحمله التطورات، خصوصاً أن مصادر مطّلعة لا تخفي عبر "المدن" أن داعش ينتظر تغيّر أحوال الطقس من أجل القيام بعملية واسعة في تلك المنطقة خصوصاً في ظلّ تراجعه في العراق وسعيه إلى التعويض عبر فتح جبهات أخرى. هذا كله يأتي في سياق معطيات ميدانية تشير إلى أن المقبل من الأيام سيحمل المزيد من العمليات العسكرية من جهة القلمون بإتجاه الأراضي اللبنانية.

فعلياً، يبدو أن تنظيم "داعش" يريد التمدد أكثر. أقام محكمة شرعية في جرود عرسال وتحديداً في منطقة وادي حميد، وبالنسبة للعالمين بشأن هذه الحركات فإن ما يُقرأ من هذا التصرف هو أن داعش يريد رسم حدود لولايته في القلمون، لا أحد يعلم بعد خطوطها، وأين تبدأ، وأين تنتهي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها