الأربعاء 2015/07/29

آخر تحديث: 16:56 (بيروت)

أزمة النفايات: "المستقبل" يأكل بعضه

الأربعاء 2015/07/29
أزمة النفايات: "المستقبل" يأكل بعضه
يخسر المستقبل في شارعه ويبقى عاجزاً عن حلّ الخلافات داخل صفوفه (تصوير: علي علش)
increase حجم الخط decrease

منذ أن تسلم الرئيس رفيق الحريري سدة رئاسة الحكومة بعد إنتهاء الحرب الأهلية، وإستلامه للملف الإقتصادي بدأ "الآخرون" التصويب عليه، وبغض النظر عن نقد التجربة تلك التي تلت مرحلة الدمار أو الدفاع عنها، إلا ان الثابت الوحيد أنه بعد رفيق الحريري تحول هذا الملف الى عبء على "المستقبل" يكلفه من رصيده الشعبي والسياسي، من دون أن ينجح أن يقدم أي مقاربات جديدة فيه، أو تبريرية في الحد الأدنى.
 

مع إنتشار النفايات في الشارع، وفي اليوم الأول عاجل البعض في "المستقبل" الى تكرار سيناريو الحق على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، قبل أن ينتقل إلى سيناريو الحق على من يعطل الحكومة، وأخيراً وضع كل الملف في سياق استهداف الطائفة، رغبة في نزع فتيل النقمة العارمة ضده.
 

بدأت كارثة تعاطي "المستقبل" في هذا الملف من بيروت. شعر "التيار" أنه ضرب ضربة موجعة تضاف الى كل التقصير في الحد الأدنى الممارس تجاه العاصمة منذ اغتيال الحريري، والذي تضاعف مع ولاية المجلس البلدي الحالي برئاسة بلال حمد، والذي يقال في أروقة المجلس التابع لـ"المستقبل" الكثير عن طريقة ادارته للبلدية التي توصف بأنها "بيضة ذهب"، وصل الى حد ضغط البعض لإستقالته.
 

أدرك "التيار" الذي تسلم ملف النفايات منذ ما بعد الحرب الأهلية أنه في ورطة بيروتية، خصوصاً أن رائحة الصفقات والسمسرات التي عقدت طوال العقود الماضية، تطال أسماء مقربة من "التيار". وامام المشهد لم يجد حلاً سوى في طمر النفايات في مناطق محسوبة أو مقربة منه. إقترح عكار وساومها إنمائياً، وهو الحق المكرس للمحافظة المهمشة، لكن الرياح أتت عكس ما يشتهي، فتراجع قبل أن يخرج الشارع في وجهه، وإنتقل الى إقليم الخروب، فجوبه بـ"ثورة" من ضمن البيت السني.
 

خلال البحث عن حلول ومطامر، كانت قيادات "المستقبل" كل تغني على منطقتها. لم يتورعوا عن توجيه الإنتقادات الى بعضهم بعضاً، والحديث عن مظلومية المنطقة أو المدينة أو المحافظة، وصولاً الى حد التراشق الداخلي في المجالس الخاصة والذي لم يوفر لا نواباً ولا وزراء.
 

بدا تيار "المستقبل" عاجزاً ومنقسماً الى تيارات مناطقية، فيما النفايات تغرق بيروت وشوارعها، لكن الأهم أن الشارع بدأ يسحب من رصيد "التيار"، فوجد في تصرفات بعض المحسوبين على "سرايا المقاومة" فرصة إنقاذية، فتدخل "حزب الله" محاولاً تطويقها، كي لا يستثمرها "المستقبل"، فيما كانت النائب بهية الحريري والرئيس فؤاد السنيورة يحاولان عبر بيانات الإعتذار من بيروت إنهاء الخلاف المناطقي.
 

في هذا الإطار، يسجل عضو كتلة "المستقبل" النائب معين مرعبي عبر "المدن'' عتبه على الحكومات المتعاقبة التي لم تلحظ عكار إنمائياً خلال الأعوام الماضية، إلا أنها تذكرتها في مسألة النفايات، وهذا الأمر مرفوض رفضاً قاطعاً، وعكار لا تقبل تحويلها إلى مكب للنفايات من دون وجود أي إصلاحات داخلها.
 

وسط كل ذلك، داخل "التيار"، وفي شوارع بيروت، لم يخرج الرئيس سعد الحريري بكلمة، ولو عبر حسابه على موقع "تويتر". بدا الجميع مستسلماً للواقع وللحلول الغائبة والمستعصية، لكن الأهم كان في وقف النزيف الشعبي من رصيد "التيار".
 

أكمل "المستقبل" سيناريو "الحق على الطليان". كان لا بد من نقل الصراع الى مكان آخر، أو الى تصوير الطائفة ورموزها على أنها مستهدفة. وعلى الرغم من الإنتقادات الكثيرة التي توجه الى تحرك المجتمع المدني على الأرض، إلا أنه كان لافتاً إتهام قناة "المستقبل" لهم بأنهم "سرايا مقاومة" على خلفية الإعتداء على موكب وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس.
 
 ترفض مصادر "التيار" عبر "المدن" وضع كل ذلك في خانة السحب من الرصيد الشعبي. تقول إن المطالب المناطقية تأتي في خانة مصالح المواطنين وتتعدى المنطق السياسي، قبل أن تضيف أن "الإحتجاج الأساسي يأتي لسبب اللجوء إلى المناطق السنية حصراً للتخلص من النفايات، ولا يمكن لهذه المناطق تحمل هذا العبء وحدها"، مشيرة إلى أن "الإشكالية داخل الطبقة السياسية ككل ولا يجب حصرها بالمستقبل فقط، لأن ذلك يبرز مساعي الإستهداف السياسي وإشعال الشارع السني".
 

كل ذلك السحب من رصيد "التيار" يأتي في وقت تمر فيه مؤسساته بأزمة مالية ضاغطة، مكررة، من دون أن يبرز أي أفق للحل، وهو ما يسحب عملياً أيضاً من رصيد "التيار" لدى الفئة المفترض أنها الأكثر التصاقاً.
 

ووسط هذا المشهد يقف "حزب الله" متفرجاً، ومحققاً مكاسباً بالجملة في ملف كان من المفترض أن يكون مكمن قوة لـ"المستقبل" شعبياً. وهذا الواقع يدركه كثر ضمن "التيار" ويعتبرون أنه أضحى نقطة سوداء خصوصاً أن أحد نواب "المستقبل" يعلق عبر "المدن" بالقول: "نحن نشتبك مع بعضنا البعض وحزب الله يتفرج علينا ضاحكاً بعد أن إنتقلت الأنظار والخلافات إلى داخل البيت الواحد".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها