الثلاثاء 2014/09/16

آخر تحديث: 21:22 (بيروت)

المفتي دريان يطلق ثلاثيته: الطائف، الاعتدال، ونبذ السلاح

الثلاثاء 2014/09/16
المفتي دريان يطلق ثلاثيته: الطائف، الاعتدال، ونبذ السلاح
شراكة ودور سعودي - مصري وغياب سوري كلي (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

نجحت الصفقة التي اتمت مساعيها بإنتخاب رئيس المحاكم الشرعية السابق عبد اللطيف دريان، مفتياً للجمهورية اللبنانية، في اعادة دار الفتوى الى موقعها، ودورها، بإنتظار المهام الجسام الملقاة على عاتق دريان، بالتزامن مع ظهور التنظيمات المسلحة التكفيرية التي أعلنت دول العالم الحرب عليها.

المشهد في مسجد محمد الأمين، وتحديداً في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان جامعاً بحجم التحديات التي تعصف بلبنان والمنطقة وفق توصيف الحاضرين، ويشي بأن الجميع أدرك في التوقيت الحرج محورية دار الفتوى، مما تطلب التوافق على شخصية يرون أنها جامعة ويمكن أن تنجح في المهمة التي مازح أحد المشايخ وهو يدخل القاعة بالقول عنها: "لا يحسد على الدور أو الموقع أو التوقيت.

وعلى قدر أهمية المرحلة جاءت الكلمات التي القيت خلال حفل التنصيب الذي حضره أكثر من الف مدعو رسمي من رجال دين وسياسيين ودبلوماسيين، لتشكل برنامج عمل للمفتي الجديد، على رأس أولوياته مكافحة الإرهاب ومنع تمدده الى لبنان، وتعزيز خط الإعتدال، فجاءت كلمة دريان لتعلن الإنطلاقة في هذا الإطار خصوصاً أنها لم تأت كسابقتها حين انتخب الشهر الماضي عمومية، بل مرفقة هذه المرة بخطوات أكثر فاعلية، عبر اعلانه التمسك بالعيش المشترك الإسلامي المسيحي، وباتفاق الطائف، والالتزام بنهج السلم والسلامة والإسلام، وتأييد وثيقة الأزهر "منظومة الحريات الأساسية الأربع"، مكرراً تعهده بأن تبقى الدار عاملة من أجل السلم الأهلي والوطني، ومن أجل خير لبنان وشعبه، ومؤكدا أن "هذا البلد لبنان هو وطن نهائي لجميع بنيه، وأنهم ملتزمون بعيشه المشترك، ونظامه الديموقراطي، وانتمائه العربي، وحرياته الدينية، ومواطنته المتساوية، والتزاماته القومية".

وإن كان إطلاق دريان معركة تعزيز الإعتدال متوقعة للجميع، مستبعدين دخوله في زواريب السياسية إلا أنه أثار استياء البعض رغم اشادتهم بالعموم بمشهد اليوم الثلاثاء، عندما طالب بـ"العمل على حماية الوطن والدين والدولة باسم المواطنين من السلاح والمسلحين الخارجين عن سلطة الدولة، وعن أعراف العيش المشترك وقواعد السلم الأهلي"، اضافة الى إنتقاده عدم الاتفاق على طريقة لحماية حدود الوطن وإعادة الاعتبار للدولة ودورها وسلطتها وهيبتها وعدالتها، على خلفية قضية العسكريين المختطفين.

وفيما تحول ملف المسيحيين في الشرق والعيش المشترك في لبنان الى بند مكرر في كلمات المتحدثين جميعاً، اضافة الى بند الفراغ الرئاسي، إلا أنه لوحظ تناغم واضح بين موقف دريان ومواقف البطريرك بشارة الراعي خصوصاً لجهة إنتقاده الحالة التي وصل اليها لبنان ووصفها بالجريمة الأخلاقية، على خلفية فشل المجلس النيابي في الالتئام في جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، "الذي هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي".


وبالعودة الى برنامج العمل المقبل لدريان، فقد علمت "المدن" من مصادر مطلعة أنه انكب في الفترة الماضية على دراسة كل الملفات وعلى رأسها كيفية تعزيز خط الإعتدال، مشيرة الى أنه سيعمل على محاولة جمع الكلمة سياسياً من دون التدخل في الشؤون السياسية ما خلا الخطوط العريضة التي تشكل ثوابت وطنية، وتحقيقاً لما جاء في المبادرة الأخيرة التي أفضت الى إنتخابه، من ضرورة أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وذلك من أجل تخفيف وسحب التوتر من الشارع.

إلى الشق السياسي، تلفت مصادر "المدن" إلى أن مسؤولية ضبط ايقاع الخطب الدينية يأتي على سلم أولويات دريان، اضافة الى كيفية التصدي للأفكار التي تبث وتعمل الجماعات التكفيرية على ترويجها بين المسلمين، خصوصاً أن رئيس الحكومة تمام سلام بدا واضحاً في كلمته عندما أشار إلى أن المسؤولية الاولى في محاربة الإرهاب التكفيري تقع "على دار الفتوى التي تتولى الإرشاد على منابر المساجد وعبر وسائل الإعلام التي يجب ان تنشر الدين بشكل سليم".


وإلى محاربة الإرهاب ومحاولات جمع الكلمة، تلفت المصادر إلى أن الملف الإداري التنظيمي للدار سيكون حاضراً بقوة في أجندة دريان خصوصاً أن التقديرات الأولية تشير الى الحاجة الى خمسة أعوام على الأقل لإعادة الدار الى سابق عهدها، بالتوازي مع بدء التداول في الأسماء التي من الممكن ان تتولى الإدارات الأساسية والمناصب والمراكز الشاغرة، لافتة الى أن التعيينات الجديدة مهمة بالنسبة لدريان نظراً الى أنها ستشكل الحلقة الضيقة المحيطة والمساعدة في نجاح مهامه، اضافة الى ملف انتخاب مجلس اسلامي شرعي جديد.

دور السعودية ومصر
في صلب حفل التنصيب، برز الحضور المصري والسعودي الرفيع المستوى، الذي بدا سواء عبر الكلمات التي القيت أو في توزيع المقاعد أنهما شركاء اساسيين للدار، في ظل غياب تام لأي شخصية دبلوماسية سورية رغم الحديث عن مباركة سورية سابقاً للتوافق على اسم دريان.

الحضور السعودي الرفيع المستوى ترأسه ممثل خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز، سليمان بن عبد الله بن ابي الخير، اضافة الى عدد من الدبلوماسيين والإعلاميين، كما لوحظ تناغم كلمة ممثل الملك السعودي مع كلمات المشاركين في الحفل خصوصاً لجهة مواجهة "التطرف والمتطرفين"، وتأكيده على الشركة اللبنانية – السعودية في هذا الإطار في إشارته إلى "وقوف السعودية الدائم الى جانب لبنان والمسلمين المعتدلين في كافة بقاع الارض"، وإلى "العمل معا لدرء المفاسد وجعل هذا الدين مرآة خير وطريق سلام".

أما الدور المصري، الراعي الأساس للصفقة بمباركة سعودية، فجاءت مشاركته عبر مفتي الديار الشيخ شوقي علام، مكملاً لخطة عمل دريان، فكان حديث عن "اهداف عدة في مقدمتها جمع الصف اللبناني ونشر الاعتدال والتعايش بين ابناء الشعب اللبناني بكافة أطيافه ومذاهبه"، من دون أن يغفل الإشارة الى أهمية "قضية الخطاب الديني" التي تحدث عنها سلام قبله.

قباني من الماضي
وعلى هامش الحفل، برز غياب مفتي الجمهورية السابق محمد رشيد قباني، في خطوة إحتجاجية على عدم التزام الطرف الآخر بالصفقة الأخيرة التي أبرمت خصوصاً لجهة اسقاط الدعاوىفتح المرفوعة سابقاً، وهو الأمر الذي رفضت معظم من سألتهم "المدن" التعليق عليه بوصفه جزءاً من الماضي، من دون ان تغفل تأكيد التزامها بما اتفق عليه بعيداً عن الإعلام، وتركيزها على وحدة الصف في هذه المرحلة، داعية الى التركيز على المشهد الوطني والعربي والإسلامي المهم المجسد في حفل التنصيب بما أن ملف قباني أصبح جزءاً من الماضي.

"8 آذار" حاضرة
غياب قباني والجانب السوري، لم يفسد في الود قضية، خصوصاً أن "8 آذار" حضرت عبر معظم شخصياتها السنية وأبرزهم الوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي لعب دوراً هاماً في اتمام الصفقة الأخيرة وانتخاب دريان، اضافة الى حضور النائب قاسم هاشم عن كتلة "التنمية والتحرير"، والوزير حسين الحاج حسن ممثلاً عن "حزب الله".

قبلان نجم التنصيب
وبين الكلمات التي ألقيت والتي جاءت متطابقة جداً في مقاربتها للوضع الحالي، استحوذت كلمة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على اهتمام الحاضرين وسط عاصفة من التصفيق الحار خصوصاً عندما تطرق الى مسألة السلاح، ومطالبته الجميع ان "نكون عقلاء ومحبين، وأن ننسى الماضي، وأن ننزع السلاح من أيدي الناس، وأن يكون بيد الدولة والجيش".

increase حجم الخط decrease