السبت 2015/07/04

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

ميشال عون: جنرال المعارك الخاسرة

السبت 2015/07/04
ميشال عون: جنرال المعارك الخاسرة
منذ صغره يعتبر نفسه نابليون لبنان (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لا يعرف النائب ميشال عون معنى المهادنة، يخوض السياسة كحرب عسكرية فيها معارك كثيرة وصولات وجولات، لا تتوقف معاركه، قد تأخذ فترة استراحة لمدة معينة يريد من خلالها تمرير ما يريد، وحين لا يحظى بمبتغاه تعود الجبهات وتشتعل. منذ عودته إلى لبنان لم يوفر عون معركة مع أحداً، وحده "حزب الله" استطاع تلقّف الجنرال تحت إبطه، وغير الحزب من حلفاء وخصوم جميعهم أصابتهم سهام عون، وحتى ما قبل هروبه إلى فرنسا هكذا كانت حروبه ومقارباته للأمور، الفارق الوحيد أنها في السابق كانت معارك عسكرية بعكس المعارك الكلامية اليوم. واللافت أنها جميعها انتهت بخيبات وخسارات.

لعله جزء من شخصيته، فهو الذي منذ صغره كان يحلم أن يكون قائداً عسكرياً، وفق ما يشير أحد الكتب التي خطّت سيرته، مع الإشارة إلى أنه في عمر العشر سنوات كان يحلم أن يكون نابليون بونابارت "يقف على برميل في منطقة الشياح حيث نشأ، يربت على صدره ويقول أنا نابليون لبنان".

عاد من فرنسا رافعاً لواء استعادة حقوق المسيحيين، إكتسح الشارع المسيحي في انتخابات العام 2005، فعطّل تشكيل وزارتين كرمى لعيون توزير صهره، فكان هذا الحرص إلى جانب ممارسات وزرائه عدا عن خياراته السياسية المستجدة سبباً لتقلّص شعبيته، فتراجع كثيراً في انتخابات 2009، لا يمكن إحصاء الهجومات والمعارك والإتهامات التي وجهها بحق الأفرقاء، كتيار "المستقبل"، "الحزب التقدمي الإشتراكي"، حركة "أمل"، "القوات اللبنانية"، وأحزاب أخرى، وفي معظم الأحيان يتم التهجّم بالشخصي، لكنه سرعان ما كان يتراجع، ويتودد لتمرير ما يريد، والمثال القريب الجلي على ذلك، سحب "الإبراء المستحيل" من التداول مع بداية حواره مع "المستقبل" في سبيل الإنتخابات الرئاسية، وكذلك التودد إلى النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري وزيارته لهما لتزكية مرشحه إلى قيادة الجيش، وبعد فشله في ذلك عاد وشهر سلاحه.

اليوم يخوض عون حرب التعيينات في الحكومة، وينقل المعركة من داخل مجلس الوزراء حيث فشل إلى الشارع، لا يتوانى عن التهديد بالإنفجار، وباللجوء إلى الشارع، بعض قيادات "التيار الوطني الحرّ" يتحدثون عن اعتصام أمام السراي الحكومي، وآخرون يشيرون إلى تنفيذ اعتصامات أمام المرفأ والمطار، كل تلك التهديدات لا تلقى صدى لدى رئيس الحكومة الذي يصرّ على استمرار عملها مدعوماً بشرعية وميثاقية من مختلف الأفرقاء باستثناء "حزب الله" الداعم لعون، أكثر من هذه التهويلات يلجأ إلى التهديد بخيار الفيدرالية، كل ذلك تحت شعار استرداد حقوق المسيحيين في دوائر الدولة، ما يستدعي ردوداً ساخرة من قيادات مسيحية "بأنه بالنسبة لعون حقوق المسيحيين تتكرس بطموحاته الشخصية ومكاسب أصهرته".

تشير مصادر "المدن" إلى ان كل تصرفات عون منذ بروزه على الساحة إلى اليوم، أدّت إلى تدمير ممنهج للدولة ومؤسساته، وأنه بفعل تصرفاته أهدر حقوق المسيحيين، وربطها بشخصه وعائلته، والآن قد أتى دور الجيش، إذ تعتبر المصادر أن هجوم عون على المؤسسة العسكرية يسهم في تضعضعها، وتقول: "ليس في الجيش غير صهره لتعيينه في منصب القائد، على الرغم من كل الكفاءة التي يتمتع بها؟" هذه المعركة بالنسبة إلى المصادر خاسرة سلفاً بالنسبة لعون، خصوصاً على صعيد المؤسسة العسكرية أو على صعيد شعبيته، مشيرة إلى أنه في الجيش 16 عميداً مسيحياً يتمتعون بالكفاءة وجميعهم ممن شاركوا بحرب التحرير هؤلاء يشعرون بالإمتعاض مما يقوم به عون، وهذا ينعكس سلباً بالشارع عليه ويؤدي إلى تراجع شعبيته.

لا يبدو أن معركة عون هذه ستكون رابحة، كما سابقاتها، ففي الدوحة أحبط طموحه بالرئاسة، وحين عاد حاملاً لواء استعادة منصب المدير العام للأمن العام أيضاً مني بهزيمة تمثّلت بتعيين اللواء عباس ابراهيم، هذا ما انسحب أيضاً على معركته في قانون "اللقاء الأرثوذكسي"، والتمديد للمجلس النيابي، وصولاً إلى معركة رئاسة الجمهورية والتمديد للقادة الأمنيين، وكل ذلك تحت شعار حماية حقوق المسيحيين.

لا يخفى مدى تأثر ميشال عون بالرئيس الراحل كميل شمعون، من حيث الشكل فقط، فكل حركات عون وطريقة كلامه مستمدّة من شمعون في عفويتها وحتى في "شعبويتها" في مكان ما، لكن الفرق أن شمعون سياسي محنّك فيما عون عسكري يضع كل استحقاق في سياق تحدّ لمعركة شخصية، منها هنا تأتي انتصارات شمعون وهزائم عون، فربما ليست المشكلة بالمعركة بل في من يديرها وكيف. وقد يقتضي ذلك تغييراً ما، إما في الشخص أو في الشخصية، لكن الطبع غالباً ما يغلب التطبّع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها