الأربعاء 2015/01/28

آخر تحديث: 18:52 (بيروت)

"حزب الله": أنا الحكومة!

الأربعاء 2015/01/28
"حزب الله": أنا الحكومة!
لم يتصل أحد من "حزب الله" بالسراي الحكومي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

حصل ما حصل جنوباً اليوم الأربعاء، وجولاناً قبل أيام. إسرائيل تقصف موكباً، و"حزب الله" يرد من الأراضي اللبنانية. إستنفرت إسرائيل وحكومتها. هددت وتوعدت. وقف "حزب الله" يراقب الموقف الإسرائيلي متسلحاً بالصمت، وجاهزاً للرد في حال أرادت إسرائيل فتح حرب ثالثة مع لبنان. خفت حدة القصف المدفعي بإتجاه الأراضي اللبنانية، ونشطت الإتصالات الدولية للجم التصعيد. كل ذلك وحكومة "المصلحة الوطنية" مركونة على الرف.

 

ساعات مرت بعيد العملية التي نفذها "حزب الله" إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية، ومن دون علم الحكومة بالطبع. جلس رئيس الحكومة تمام سلام مراقباً ومجرياً ما يلزم من إتصالات ومشاورات مع فريقه الحكومي. لم يدع الأجهزة الأمنية الى اجتماع طارئ في السراي. ما يحصل لا يد للدولة فيه. حتى ساعات الظهيرة لم يرن هاتف السراي. لم يتصل أحد من "حزب الله" لوضع رئيس الحكومة في صورة ما حصل أو على الأقل إبلاغه أي موقف. تكفل الرئيس نبيه بري بتلك المهمة، فتحت الخطوط بين السراي وعين التينة. إطمأن سلام نسبياً إلى أن الوضع إلى الهدوء، رغم أن "إسرائيل لا يمكن أن نطمئن لها" كما تقول مصادر السراي.

 

على وقع هدوء القصف المدفعي، إنشغل فريق الرئيس سلام بإعداد بيان بإسم الحكومة، وإن أتى متأخراً. بدا البيان كما الحكومة، مكبلاً ومتناقضاً، مُديناً "التصعيد العسكري الاسرائيلي في جنوب لبنان"، ومعرباً عن قلقه من "النيات العدوانية التي عبّر عنها المسؤولون الاسرائيليون"، لكنه لم ينس أن يكرر ما كانت الحكومة في جلستها الأخيرة عادت واتفقت عليه لجهة تأكيد تمسك لبنان بقرار مجلس الأمن 1701 بكل بنوده، ليخلص الى تناقض جديد بتأكيده أن "لبنان بكل فئاته وتلاوينه وقواه يقف صفا واحدا خلف القوى المسلحة الشرعية".

 

بدا البيان لزوم الحدث، وما يمكن في هذه اللحظة. لا يمكن لسلام إنتقاد "حزب الله" علناً في توقيت قد تندلع فيه حرب لا تبقي، وهذا مفهوم. ملّ سلام من المسؤولية التي يبدو أنها يتحملها فقط لتقطيع الوقت. عبّر أكثر من مرة عن "القرف" مما آلت اليه الأوضاع في لبنان عموماً وعلى صعيد الحكومة خصوصاً التي تتنقل على وقع خلافات النفايات والكازينو والحوض الرابع والفساد الغذائي، ولا تجرؤ على المحظورات الأمنية إلا بعد ضوء أخضر من خارجها.

 

الغريب هو إصرار "حزب الله" على اختزال الدولة والحكومة، حتى ما بعد التفرد. إن كان من المفهوم عسكرياً عدم إطلاع حتى الدولة على ما يخطط، كيف يمكن تفسير عدم وضع رئيس الحكومة بعد الحادثة في صورة ما ارتكبه؟ هل يكفي الرئيس بري لإيصال المطلوب إلى سلام؟ أم كان من المفترض أن تتحول السراي الى خلية عمل مشتركة وفق مفهوم "المصلحة الوطنية" للتنسيق والتشاور والعمل على تدارك الأسوأ.

 

ليست المرة الأولى التي يتعاطى الجميع مع الحكومة بوصفها أداة تنفيذية. ثمة في الواقع اللبناني حلقة مفقودة تشل الحكومة ومؤسساتها، حتى الأمنية منها، وصلت مؤخراً الى حد تسريب ما مفاده أن "حزب الله" و"تيار المستقبل" اتفقا في جلسة الحوار الأخيرة على نزع اللافتات والصور والشعارات الحزبية من بيروت ومناطق أخرى، على أن يُعهد الى سلام التنفيذ واختيار ساعة الصفر! لا يمكن الإضافة على هذه الجملة. تبدو واضحة، ومعها يبدو واضحاً السياق العام السياسي في البلد.. والأمني أيضاً (لمَ لا؟)، من رومية إلى الحدود الشرقية المفتوحة على كل الإحتمالات، الى عين الحلوة وطرابلس.

 

غداً تنعقد حكومة الـ"24 رئيساً" لبحث ملف جديد، يتشاجرون حوله ويتناقشون ويشكلون اللجان، فيما الملفات العالقة، والتي تمس الكيان اللبناني، تبقى في عهدة "حزب الله"، وبدرجة ثانوية "تيار المستقبل"، لكن على طاولة حوار عين التينة، ووفق الشروط التي يمليها الحزب. وبعد ذلك كله، يتحدث البعض عن مواجهة العدو والتوازن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها