حكي جردي: 1943 احتلال

بمناسبة عيد الإستقلال المجيد والسعيد والفريد، أنتبه مثلاً أن المحتل الفرنسي هو الذي أنجز أعمال المساحة والقيود العقارية للكثير من الأراضي اللبنانية. ما لم يقم به في هذا القطاع بقي عالقاً حتى الآن ولم تنجزه الوزارات المتعاقبة على مدى سبعين عاماً. سهل الهرمل - القاع وأراضي عرسال ومساحات شاسعة من قضائي سير الضنية وعكار بلا سجل عقاري ناجز حتى هذا اليوم، هم خير شهود مثلاً على "المسؤولية الوطنية" التي حملها كل السياسيين الذين تناوبوا على نهبنا واحتلالنا.

أتذكر أيضا روايات تناقلها الكبار في مدينتي الهرمل مفادها أن السباحة كانت ممنوعة تلك الأيام في ساقيتها الرئيسية المسماة رأس المال وأن الاستحمام والغسيل كانا ممنوعين على مسافة تقل 3 أمتار عن أحد ضفتيها وأن درك تلك المرحلة ضبطوا رجلاً يستحم في المجرى فساقوه عارياً إلى المخفر.

لكن أكثر ما يثير غرابتي واستهجاني أن أحد نواب هذه الايام طالب منذ سنوات بأن تقوم الدولة الفرنسية بالإعتذار العلني عن فترة احتلالها لبنان: عاشت المهزلة.

**  **  **  **

للتذكير، صرفت أموال طائلة لإنجاز مشروع الضم والفرز في الهرمل والقاع، لكنه لم يبصر النور حتى اليوم، وما تزال مساحات شاسعة من ذلك السهل محتلة من قبل بعض النافذين، بينما لا يجد بعض أصحاب الحقوق "مرقد عنزة" لهم في تلك الأرض.

**  **  **  **

بالرغم من أن هذه الطبقة السياسية عملت وتعمل منذ العام 1943 على تهجير كل لبناني من أرضه إذا لم يرتض اللحاق بالقطيع، وبالرغم من أن الكثير من العائلات تعيش تحت خط الفقر الذي رسمته الأمم المتحدة،

قام اللبنانيون الأشاوس -بكل فخر- بالمسح على كروش أهل الاستقلال بالأمس، ولوّح أبناؤهم بالأعلام اللبنانية الغرّاء، وقبل أن ينصرفوا رددوا بثقة مطلقة:

كلنا للوطن.. كلنا للفتن

**  **  **  **  

يخطر في بالي دائما شعار "أمريكا أمريكا أنت الشيطان الأكبر". حين أزيل هذا الشعار قبل أشهر من شوارع العاصمة الإيرانية طهران خرج واحد من مسؤولي بلديتها ليقول إن فرقها التابعة قامت بهذا الإجراء لأن الذين كتبوا ذلك قبل سنوات عديدة لم يحصلوا على موافقة مسبقة من السلطات المختصة وفق الأصول.

**  **  **  **

إشتقت لصوت "الأخ" سيرغي لافروف، لمؤتمراته الصحافية، تقول البورصة أن الروبل خسر كثيراً من قيمته تجاه الدولار الأميركي في الاسبوع الماضي. هنيئا له المعركة التي يقودها ضد الامبريالية وقواها المتوحشة فوق أرضنا، قد يكتب التاريخ يوماً أن الفضل يعود لنا بزيادة الثروة الشخصية للرئيس الملهم فلاديمير بوتين.
عاشت الصداقة "المشرقية" الروسية.

**  **  **  **

على بعض الطرقات الداخلية في بعلبك والهرمل كتب حزب الله في ثمانينات القرن الماضي شعاره الشهير "الموت لروسيا".

تعاقُبُ طبقات الإسفلت طوى ذلك الشعار لكنه ما يزال حاضرا في الذاكرة.

**  **  **  **

قبل انتقاله من رعاية صحة الناس إلى الائتمان على أموالهم العامة عيّن الوزير علي حسن خليل 28 طبيباً مراقباً لضمان صرف أموال الوزارة على استشفاء المواطنين. قبض هؤلاء الموظفين رواتبهم من تاريخ تعيينهم في تموز من العام 2013 حتى آخره. منذ 11 شهراً لم يقبضوا بحجة البحث عن الصيغة القانونية الملائمة لصرف تلك الرواتب. من الواضح أن أجهزة الوزارة مشغولة بما هو أهم من ذلك بكثير. طبعا لا علاقة لذلك بما يجري تداوله في أروقتها عن اشتراط "البعض" تعيين أطباء جدد من مذهب معين لدفع مستحقات هذه العائلات وتسهيل عيشها.

**  **  **  **

أما هذا التلوث السياسي فلا حسيب له ولا رقيب.