الإثنين 2014/09/01

آخر تحديث: 15:47 (بيروت)

وجهان لعملة واحدة

الإثنين 2014/09/01
وجهان لعملة واحدة
جانب من لقاء سيدة الجبل (المدن)
increase حجم الخط decrease
سريعاً رد حزب الله على كلام الرئيس فؤاد السنيورة ضمن فعاليات لقاء سيدة الجبل. خاطب السنيورة الحاضرين بقوله "أعتبر أنكم أنتم المجتمعون هنا وغيركم كثير أقرب الي، اكثر بكثير من الذي يرفع راية ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية في طهران، او راية الخليفة الحاكم في الموصل والرقة، لأنكم أنتم تشبهون لبنان وتشبهون شعب لبنان وتاريخ لبنان بماضيه وحاضره ومستقبله".

لم يفت كثيرون، لا سيما حزب الله، ان السنيورة يساوي ضمناً بين داعش وحزب الله، وهي مساواة سبقه اليها سياسيون آخرون في تحالف قوى الرابع عشر من آذار. الوكيل الشرعي العام للسيد علي خامنئي والقيادي في حزب الله الشيخ محمد يزبك لم يتأخر في الرد بأن ولاية الفقيه "هي سر وجودنا وسر حياتنا، ولن نزيح عن هذه الولاية مهما غلت الأثمان". 

يعوز الشيخ يزبك هذه المبالغة في التوصيف لفرض حرم سياسي وثقافي وديني على اي محاولة لمساواة حزبه بداعش. فالحزب يجتهد كثيرا لتكريس افتراقه عن داعش على كل المستويات بل يقول إنه شريك العالم، من يسار تل أبيب الى يمين واشنطن، في الحرب على هذا التنظيم. 

المساواة هنا تتجاوز المساواة التقنية بين ما تقدم عليه داعش وما لا يقدم عليه حزب الله. بل هي مساواة بين صدور فكر ولاية الفقيه وفقه الخلافة عن سلطات إلهية، والاستحصال باسم هذه السلطات على تفويض للحكم يتجاوز منطق الدولة الوطنية والقومية والسيادة المرتبطة بهما. فكما يقول امين عام حزب الله حسن نصرالله في احدى خطبه ان "امر حربنا وسلمنا بيد الولي الفقيه" يلاقيه من يرى في الخليفة ابو بكر البغدادي مصدرا للإمامة والقيادة وولاية الامر بصرف النظر عن الجنسية الوطنية للمؤمن بمشروع الخلافة، وهو ما يقاتل المقاتلون الأجانب بموجبه.

بهذا المعنى، تأخذ عبارة الرئيس السنيورة منطق المساواة بين داعش وحزب الله، من حيث أراد او لم يرد، خطوة الى الامام بعيدا عن النكايات المذهبية والسياسية ويطرح في وجه الجميع السؤال الأساس الذي لم تنجح حتى ١٤ آذار في الاجابة عليه حتى الان. هل يمكن بناء بلد مع حزب الله في الوقت الذي يستحيل فيه بناء البلد مع داعش؟
 
الجواب القاطع حملته مداخلة الرئيس نبيه بري مساء اليوم نفسه امس الأحد، حين أنهى اطروحته في الذكرى السادسة والثلاثين لتغييب الامام موسى الصدر عن الدولة وبنائها وإصلاحها ( لماذا لم يحصل هذا خلال ٢٢ سنة من توليه رئاسة المجلس!) باقتراح مضاد لمنطق الدولة، اي دولة، وهو "تعميم المقاومة الى جانب الجيش" في لبنان! اي تعميم السلاح غير الشرعي او السلاح الموازي لسلاح الشرعية.
 
يندرج خطاب بري في سياق استراتيجي أعم يعتبر ان السلاح الشيعي غير الشرعي، حليف للدول في مكافحة الارهاب الذي يمثله السلاح السني غير الشرعي. وهو حين يدعو إلى تعميم المقاومة، يدعو الى ذلك من هذا الباب بالتحديد، قافزا فوق واقع قائم اسمه ان هذا المنطق نفسه هو الذي أوصل الى داعش وهو نفسه ما أثرى البيئة السنية بمكونات قبول داعش والرهان عليها!

ان اي سلاح خارج الدولة يكتسب فورا صفة حامله. فهو سلاح شيعي حين يحمله شيعي وسني حين يحمله سني ومسيحي حين يقاتل به مسيحي. وأي فكرة فوق الدولة تكتسب صفة صاحبها وتحصر نفسها بهويته. فولاية الفقيه شيعية بمضمونها وقراراتها ومراميها وخلافة ابو بكر سنية بهذا المعنى الدقيق، وهما اقتراحان ضمن سياق الحرب الاهلية الاسلامية البادئة مع اغتيال الخليفة الثالث عثمان بن عفان. 

عبارة السنيورة تقول بوضوح أن مسؤولية اللبنانيين هي في الخروج من معركة الاستقطاب الوهمية بين سلاحين غير شرعيين ونظريتين تقوضان مبدأ السيادة والدولة الوطنية. مسؤوليتنا هي مواجهة السلاحين معاً باعتبارهما وجهين لعملة واحدة. 
increase حجم الخط decrease