الجمعة 2015/03/27

آخر تحديث: 15:31 (بيروت)

باسيل عالق بين "عاصفة الحزم" و"الممانعة"

الجمعة 2015/03/27
باسيل عالق بين "عاصفة الحزم" و"الممانعة"
أولوية الرئاسة تحتم النأي النفس
increase حجم الخط decrease

يبدو وزير الخارجية جبران باسيل مترنّحاً بين مسارين. لا يريد الخروج عن الإجماع العربي، الذي بدا متماسكاً بعد إطلاق عملية عاصفة "الحزم"، ولا يستطيع حشر حلفائه في محور "الممانعة". المعركة الرئاسية للنائب ميشال عون تقتضي التوازن. والدفة الخارجية يقودها باسيل على قاعدة: "البين بين". مواقفه ترضي في مكان الحلفاء، وتزعجهم في آخر، ووفق ذلك لا يبدو، ان الحليف الاستراتيجي، "حزب الله"، راض أو ممتنّ لمواقف الوزير - الحليف.

تحفّظَ باسيل بالأمس على القرار العربي، مؤكداً، في المقابل، الوقوف في صف الاجماع العربي شرط عدم الاضرار بمصالح أحد، والحفاظ على الشرعية. الموقف الأبرز لباسيل، والذي تمت صياغته بذكاء، تمثل في تأييد الدول في الدفاع عن نفسها عسكرياً، بشرط موافقة الجميع، وأن لا يضر بمصالح الجميع.

خرج باسيل من شرم الشيخ رافعاً لواء النأي بالنفس. عبر عن موقف الحكومة، وعن موقفه الشخصي. لا يمكن لباسيل القول أكثر. لا يمكنه ترجيح هذه الكفة ولا تلك. أولويته وعون تكمن في الداخل اللبناني، الذي من أجله إنفتح على الجميع محلياً وأقليمياً. أولوية لا يريد كليهما التضحية بها لا للحلفاء ولا للخصوم.

تلقى مواقف باسيل الأخيرة ترحيباً لبنانياً. تشير مصادر سياسية، غير حليفة لباسيل، لـ"المدن" إلى أن "هذا الموقف جيد في هذه المرحلة، ولا يمكن لأحد اتخاذ موقف آخر، وتيار المستقبل يوافق على هذا المبدأ، كما كل القوى باستثناء حزب الله" الذي لا تهمه الأولويات العونية، بما أن أولوياته تكمن في مكان آخر.

لا يملك باسيل وغيره خياراً آخر. يدرك الجميع ذلك حتى المعارضون له. وحده "حزب الله" يرفض هذا الموقف، ويعتبره، وفق ما تشير مصادر قريبة لـ"المدن"، أنه "متخاذل ويراعي مصالح الدول الخليجية المعتدية"، خصوصاً أنه بالنسبة للحزب، وأمام هذه اللحظة لا إمكانية للحسابات السياسية، بل الموقف يجب أن يكون مبدئياً.

لا مجال للوسطية في مفهوم الحزب، ما تريده طهران مواقف عربية معارضة لقرار وزراء الخارجية العرب. المواقف الرمادية لا تفيد، لا بل تعتبر خيانة لنهج المحور. ووفق ذلك ترى المصادر ان موقف باسيل انهزامي، ويبحث عن رضى خليجي، وتعتبر أن "اولويات باسيل ضيقة ولها علاقة بالانتخابات الرئاسية، فيما بالنسبة اليه هذا الاستحقاق ليس مدرجاً على جدول الاهتمامات الآن، ولا مكان له على طاولة البحث".

قبل عاصفة الحزم، كان باسيل يقود حرب الدفاع عن "حزب الله" في مجلس حقوق الانسان، اذ عارض مشروع قرار مقترح لإدانة المقاتلين الأجانب في سوريا بمن فيهم "حزب الله". رفض تسمية الحزب، ما أدى إلى الغاء زيارة سعودية كان سيقوم بها باسيل الى المملكة للبحث في موضوع التمديد للقادة العسكريين وفق ما تؤكد مصادر "المدن". لم يشفع هذا الموقف لباسيل ولموقفه في شرم الشيخ.

بين الموقفين، يبدو الأمر بالنسبة لباسيل أكثر من عادي. ما جرى في المحطتين هو أقصى ما يمكن للبنان أن يفعله. تعتبر مصادره لـ"المدن" أن أحداً لا يستطيع فعل غير ما قام به، لأن البلد لا يحتمل المزيد من الإنقسامات. وتشير، بشأن الموقف من مجلس حقوق الإنسان، إلى أن الجميع ضد أي تدخل أجنبي في سوريا، وبمجرّد إصدار الإدانة بشكل عام فهذا يشمل "حزب الله"، أما تسمية الحزب بالإسم فهو استفزاز لبنان بغنى عنه، وفي اليمن لا يمكن الخروج عن الشرعية والإجماع العربي. تختصر المصادر: "ما اتخذ من موقف، هو لحماية لبنان من تداعيات الانقسام".

لا تخفي مصادر باسيل وجود بعض الضياع في التعامل مع هذه التطورات في المنطقة، لكنها ليس مسؤولية وزارة الخارجية، بل هي بسبب الواقع اللبناني والتوجهات المتعارضة للأفرقاء. وتعتبر أن "ما تقوم به الوزارة هو انعكاس مجمّل لحقيقة الوضع".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها