الإثنين 2015/08/31

آخر تحديث: 16:13 (بيروت)

حراك الشارع إلى العقلانية السياسية

الإثنين 2015/08/31
حراك الشارع إلى العقلانية السياسية
لا بد من الواقعية وحصر الأمر بالشأن المطلبي (تصوير: محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
شيء من الروح عاد إلى بيروت، ضج الشارع بناسه، علت الهتافات، وبدأت بأزمة النفايات والمطالبة بحلها، ووصلت إلى مطالبات بإسقاط النظام، او تعديل الدستور، او وضع برامج سياسية شاملة. فمن الصعب ضبط الشارع، وضبط الشعارات وحتى التصرفات، كل شيء مبرر على صعيد فردي، او على صعيد بعض المجموعة، لكن ما هو غير مبرر هو الجنوح المنظم نحو السياسة، واختلاط المفاهيم، والتعارض بين تركبية المجتمع المدني ونشاطه وبين عمل الأحزاب وطروحاتها. لهذا الاختلاط تداعيات ليس بالإمكان إغفالها.

استدرج منظمو التظاهرة إلى السياسة، في البدء عارضوا الأحزاب ووجودها ودعمها، لأنها تمثل السلطة التي يثورون على ممارساتها، لكنهم تصرفوا تصرف الأحزاب، وطرحوا طروحات من منطلقات حزبية، أو يقع عملها ضمن نطاق العمل الحزبي. وهذا ما كان له ارتدادات واسعة. على الرغم من كل ذلك والدعم الذي قدمه كثر لطروحات الشارع كان لا بد من تسجيل بعض الإنتقادات.

عضو مجلس قيادة "الحزب التقدمي الاشتراكي" خضر غضبان، ينتقد الاصوات التي تنادي باستبعاد الشباب الحزبي، يقول لـ"المدن": "ان من يدير الحراك هم غالبيتهم من الشبان الآتين من تجارب حزبية، ونحن كحزب تقدمي كنا من الأساس مع الحراك، ومع المطالب الإجتماعية وتحديدا حل أزمة النفايات التي كنا رأس حربة في فتح معركتها من خلال إقفال مطمر الناعمة، أما ان تتحول الشعارات إلى إسقاط الحكومة والهجوم على السراي، فهذا أمر شكل لدينا ريبة، لأن إسقاط الحكومة في المرحلة الراهنة يشكل خدمة لمشروع سياسي محدد قد يجر البلاد إلى المجهول، أما مطلب محاسبة وزير البيئة وحل أزمة النفايات وفتح تحقيق بالأحداث الامنية والاعتقالات فهي مطالبنا، أكثر من ذلك الضغط الذي قام به رئيس ووزراء الحزب التقدمي هو الذي أطاح بمهزلة المناقصات".

هاجس عدم الفراغ هو الاساس لدى أوساط "التقدمي"، وفي هذا الاطار يقول غضبان "ليس لدينا أي مشكلة أو ملاحظة مع القضايا المطلبية، أما الدخول في دهاليز أسقاط الانظام واسقاط الحكومة، لن ننجر إليه لان الحكومة حاجة وطنية في ظل حالة الفراغ التي تسيطر على البلد". وينظر بايجابية إلى التعاطي الإشتراكي منذ البداية مع الحراك الحاصل، قائلا:"كنا على تواصل مع القيمين ولا زلنا، والاختلاف الذي حصل هو فقط على اولوية الأهداف وهو ما عادوا هم اليه في التظاهرة الاخيرة، وسنبني نحن على هذا التطور، لمقاربة المرحلة المقبلة".

ووفق ذلك أيضاً، لا يتفق الأكاديمي باسل صالح مع الأصوات التي تنادي باستبعاد الجمهور الحزبي، ويقول لـ"المدن" إنها "جزء من ثقافة المجتمع المدني، وليس دليل صحة أن نرفع شعارات إقصائية لبعض الشرائح، فواجب أي حراك هو جذب الجمهور والرهان على جعله خارج الخطاب المعمم داخل بيئته، وهذا الامر لا يأتي إلا من خلال التركيز على الوجع المباشر لكل مواطن"؟، لا يكتفي صالح عند هذا الحد، وينتقد بشدة التركيز من خلال بعض الفئات المنظمة للحراك، على من أسموهم بالعناصر المندسة، يقول: "هؤلاء الشباب المهمشون، البعض منهم تستخدمهم أحزابهم وتستغل فقرهم وبطالتهم لتنفيذ أجنداتها، لكن كان من واجب القيمين على الحراك ان ينتجوا لغة خطاب لاستقطاب هؤلاء الشباب، وليس تكريس انتمائهم لأحزابهم. ولم يكن من داعٍ بالنسبة إلى صالح رفع صور قد تشكل نفوراً لدى القواعد الشعبية، او قد تستدرج الخصومة مع أناس يمكن استقطابهم إلى الحراك، فلرفع الصور كان مردود سلبي على الصعيد الشعبي، وكان مفترض التركيز على الشعارات الجامعة، لبناء الثقة مع الناس للوصول في مرحلة لاحقة إلى تغليب همهم المعيشي على الإنتماءات السابقة، وهذا وحده كفيل بإخراجهم من عباءة الزعيم.

 
مع بداية التحرك بدا أن شعارات إسقاط الحكومة وإسقاط النظام يمكن أن يؤديا إلى ضرب الحراك، وعلى الرغم من عودة التعقلن لبعض المنظمين واستبعاد الشعارات السابقة، إلا أن هذا الشعار لا يزال ركيزة لبعض المجموعات، غير المدركة ان إسقاط النظام يشكل تخوفا لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، لذا لا بد من تغليب المطلبي على السياسي والعودة إلى نبض الشارع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها