الخميس 2014/08/28

آخر تحديث: 15:30 (بيروت)

قيادي في "النصرة" لـ"المدن": المفاوضات بشأن العسكريين غير جدية

الخميس 2014/08/28
قيادي في "النصرة" لـ"المدن": المفاوضات بشأن العسكريين غير جدية
قيادي "النصرة": ندخل السلاح عن طريق حزب الله!
increase حجم الخط decrease

يُقال الكثير عن جبهات القلمون، عن عرسال وأحداثها وواقعها اليوم، عن أسرى الجيش وقوى الأمن والمفاوضات الجارية، عن الجبهة الشرقية المفتوحة على كل الاحتمالات. لا شيء واضحاً إلى الآن. الثابت الوحيد أن الكثير تغيّر منذ أن قرّر النظام السوري وحزب الله استعادة السيطرة على يبرود. صارت المعارك كرّ وفرّ، الخسائر كبيرة، والأمور إلى الأسوأ يوماً بعد يوم.

في القلمون، أرض معارك حقيقية. تصل إلى حدود لبنان الشرقية، وليس ما حصل ويحصل في عرسال سوى مثال بسيط عمّا يجري في الجرود التي تمتد مئات الكيلومترات، والتي يتمترس فيها مقاتلو جبهة النصرة والكتائب المعارضة في مواجهة الحزب والنظام معاً. مخاوف كبيرة على الجهة اللبنانية. في المقابل، واقع جديد صار في جبال القلمون. واقع يجعل من الحذر سيّد الموقف، والأيام المقبلة وحدها تُظهر ما ستؤول إليه الأمور عسكرياً.

حاولت "المدن" أن تفك بعض الغموض الذي يلفّ جبهات القتال هناك، وما يُمكن أن يحصل وما يريده مقاتلو المعارضة السورية، وعلى رأسهم جبهة النصرة، بعدما حاولت في السابق تبيان ما يريده حزب الله من هذه الجبهة تحديداً. في النتيجة، الأمور ليست بخير، والمعارك الدائرة لن تتوقف لا من هذا الطرف ولا من ذاك، وكل ما يُحكى عن تهدئة أو هدنة، لا مكان له على أرض الواقع.

معارك القلمون
عليه، يشرح قيادي عسكري بارز في جبهة "النصرة" لـ"المدن" تطوّر المعارك، منذ يبرود وحتى اليوم، مروراً بعرسال وملف الأسرى. يبدأ من كيفية لملمة الجبهة صفوف المقاتلين بعد خسارة يبرود. يقول: "لقد كانت الجبهة في قرى القلمون حريصة على كسب ثقة الناس من خلال نشر المنهج الصحيح وعدم تكليف الناس ما لا يطيقون، وهذ اﻷمر ساعدنا على رص الصفوف في جبال القلمون والتنسيق العسكري بشكل واسع، ونحن اﻵن والحمد لله نتابع أمور القلمون بشكل كامل بعد أن قسمناه إلى قطاعات ونشرنا مجاهدي الجبهة بكل القطاعات ابتداء من الزبداني حتى قارة، وذلك على خطي الطول المتوازيين مع الحدود اللبنانية وقرى القلمون".

الآن، اختلف الواقع على الأرض، فبحسب القيادي، صارت لدى الجبهة "خبرة قوية في حرب العصابات وقد استطعنا استنزاف الحزب والنظام النصيري، مما سيدفعه مرغماً للخروج من القلمون بإذن الله في اﻷيام المقبلة". يثق القيادي بقدرتهم على تغيير الكثير في سير المعارك. لا يخشى أن يقوم حزب الله بأي عملية مضادة بعد ما شهدته الأسابيع الأخيرة. يقول: "لا يهمنا ذلك! نحن دائما على أهبة الاستعداد ولن ننتظرهم فإن معركتنا تحولت من معركة مبدأ إلى معركة مبدأ وانتقام وسنغزوهم قبل أن يغزونا إن شاء الله".

قبل معركة يبرود، قيل الكثير عن أن النظام والحزب أغلقا كل معابر الإمداد إلى القلمون، كي يضيقوا الخناق على المقاتلين هناك. فمن أين يحصل المقاتلون الآن على الدعم، من ذخيرة وغيرها من مقومات البقاء في جرود قاحلة؟ يجيب القيادي: "طرق اﻹمداد لم تغلق أصلاً، فنحن ندخل ما نحتاج من كل المحاور وستتفاجأ إن قلت لك إننا ندخل المعونات والذخيرة عن طريق الحزب نفسه، في محاور عدة، مقابل المال".

على وقع ما يحصل في القلمون، بدأ الحديث عن احتمال اشتعال الجبهة الشرقية مع لبنان، هذا ما يُكذبه القيادي: "نحن معركتنا ليست مع لبنان بل مع الحزب اﻹيراني، وسيدفعون الثمن في كل مناطقهم بإذن الله". أمّا حول التسريبات عن تواصل بين الجبهة وحزب الله من أجل هدنة في القلمون، فيقول: "ليس بيننا وبينهم أي تواصل وهذا كذب، بل إن ديننا يمنعنا من التفاوض مع هؤلاء المجرمين ولا خيار لهم إلا الخروج من سوريا، ونقول لمن يدعي ذلك: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".

عرسال إلى أين؟
إلى عرسال، حيث المعارك التي دامت لأيام، وانتهت بنتائج كارثية على البلدة والنازحين السوريين إليها، فضلاً عن تأثيرها في الواقع اللبناني ككل. عنها، يحيل القيادي في "النصرة" الجواب، إلى البيان الذي صدر عن الجبهة بعنوان "معذرةً... أهلنا في لبنان ما خذلناكم عندما دخلنا عرسال ولا عند خروجنا"، والذي تعتبر فيه الجبهة أنها "دخلت دفاعاً عن المدنيين والنازحين بعد استهداف مخيمات اللجوء، (..) مع علمهم بأن الحل لا يمكن أن يكون عسكرياً". يقول إلى أهالي عرسال: "هم جزء من أهل السنّة ولن يستطيع أحد أن يفرق بيننا وبينهم، بل نحن وإياهم قضيتنا واحدة ونقول لهم وبكل صراحة فديناكم بأرواحنا".

ينفي القيادي وجود أي مسلّح للجبهة داخل البلدة، يقول: "لا خطة عمل استراتيجية حاليا، وليس هناك أي تواجد عسكري للمسلحين داخل البلدة ولا هم يقومون بأي شيء من أعمال الترهيب، بل إن الأمر سيفرض نفسه في الداخل اللبناني، إن لم يتم انسحاب كافة ميليشيات الحزب من كافة اﻷراضي السورية وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: من سيدفع الثمن؟"

مفاوضات الأسرى
لا جديد يضيفه القيادي عن عدد الأسرى ووضعهم. يؤكد أن من لديهم بخير. يكتفي بالتفاصيل "التي ظهرت على اﻹعلام، وهناك بعض المفقودين حسب ما نشر، ولا نعلم، هل هم مع بعض الفصائل أم قتلوا أثناء المعارك". أمّا المفاوضات فهي شيء آخر، يقول: "لقد أخبرتنا هيئة العلماء المسلمين أن الطريق مسدود ولا يمكن متابعته بسبب الضغوط عليهم وعدم القدرة على تنفيذ أي شيء من متطلبات اللاجئين والمشردين، وحتى اﻵن فإن الجرحى مصيرهم مجهول بعدما أخذوا من المستشفيات إلى سجن الريحانية، ومنهم من قتل تحت التعذيب ولهذا خرجت الهيئة من المفاوضات، وأنا أقول لهم من مكاني هذا أنه يجب عليهم أن يستقيلوا من هذه الهيئة إذا لم يستطيعوا تحقيق مطالب أهل السنّة وإلا سيكون هذا المنصب حجة عليهم يوم القيامة".

يقول القيادي العسكري في "النصرة": "لا شيء جادّاً في المفاوضات إلى الآن، البعض يحاول التواصل معنا، لكن، في الحقيقة، ما يهمنا هو تحقيق المصلحة للمسلمين ولا تهمنا أي جهة تقوم بذلك"، وذلك في رد على إمكانية تكرار ما حصل في صفقة الراهبات والدور الذي قام به اللواء عباس ابراهيم مع قطر آنذاك.

برأي القيادي أن من يعرقل المسار التفاوضي هو "حزب الله وأجناده ومن ضمن ذلك محاولته إيجاد الفوضى في عرسال مرة ثانية ويكون ذلك من خلال التعدي على بعض المدنيين أثناء دخولهم إلى عرسال او اثناء تجولهم ضمن المدينة، وفي هذا السياق نتمنى أن تكون هناك لجنة مراقبة ضمن عرسال لمتابعة الاوضاع من قرب".

لا جواب لدى القيادي العسكري عن المطالب لقاء الإفراج عن عناصر الجيش وقوى الأمن. تُترك الأمور إلى مفاوضات سرية يبدو أنها لم تبدأ بعد. تسقط تلال جديدة في القلمون في أيدي المسلحين. يأتي خبر القصف على جرود عرسال وعودة الإشتباكات والنزوح، ولا جديد في كل هذا سوى أن النار تمتد، وإن لم يكن اليوم، فغداً أو بعده. الحريق في كل مكان، هذا حال المنطقة، مأساة لن تنتهي إلا حين تأخذ في طريقها كُل شيء. كُل شيء. 

increase حجم الخط decrease