الأربعاء 2014/08/20

آخر تحديث: 13:56 (بيروت)

سقف جنبلاط.. والدروز

الأربعاء 2014/08/20
سقف جنبلاط.. والدروز
جنديان في السويداء يوجهان بندقيتيهما نحو درعا (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

يدخل الدروز الآن، بعد كل هذا الوقت من عمر الثورة السورية والأزمة اللاحقة، إلى قلب معركة خاسرة.

في سوريا، خسائرهم إلى الآن، معقولة. مشاركة بعضهم إلى جانب جيش النظام في معاركه ضد السوريين أسفرت عن خسارة لا تُقارن بما خسره العلويون، كأقلية، أكبر من الأقلية الدرزية، مع العلم أن العلويين هم الحكام، ولم يكن الدروز في النظام ما قبل الثورة وما بعدها سوى مستتبعين وموظفي فئة ثانية وعاشرة.  

 

ما يحصل الآن في السويداء، يُعبّر في مكان ما عن عُقم لدى الطائفة، لا يبدأ بانعدام الرؤية السياسية وغياب أي مُقرّر أو زعيم عن القيام بدور القيادة الواعية، ولا ينتهي بحصر إرادة الطائفة بيد مشايخ لا حيلة لهم حين يتعلّق الأمر بمخطط أكبر من قدرتهم على استيعابه، كونهم دائماً ينطلقون من موقع الحفاظ على الطائفة، من دون أفق واسع لكيفية الحماية، وهذا ليس بغريب أساساً.

 

دخول السويداء على خط المواجهة، لم يكن صدفة. سياقه واضح منذ أكثر من سنة. النظام يحاول توريطهم بشتى الطرق. موتورون كُثر ينغمسون في عملية التوريط هذه من دون أن يعوا ما يُمكن أن يلحق بهم. الوزير السابق وئام وهاب يقول إن "300 ألف مستعدون للدفاع وللقتال". مثل هذه الشعبوية يُمكن أن تكون سبباً في إلغاء الدروز من سوريا، إن هم استمعوا إلى ناطق باسم نظام تسبب بمقتل أكثر من 50 ألف علويّ، ومُستعد لكي يُضحي بـ 300 ألف درزي، من دون أن يرف له جفن.

 

يأتي حدث السويداء في توقيت غريب. هل هم يقرأون ما الذي يحصل فعلاً؟ هل يُفكرون كيف انسحب النظام من المناطق التي هاجمتها بعض المعارضة فقتل من قُتل من أبنائها؟ أكثر من ذلك، الحادث الذي يحاول كُثر أن يحاصره من المعارضة السورية ومن جهات لبنانية ـ درزية مع الثورة السورية، يتزامن مع حراك علويّ لا يزال خجولاً لكنه موجود. حراك شعاره "الكرسي إلك والتابوت لولادنا". ثُم يظهر من يريد أن يأخذ مكان العلوي في رحلة دفع فاتورة كرسي عائلة ستذهب عاجلاً أم آجلاً.

 

تخرج هذه الشعبوية، تحت شعار "يا غيرة الدين" إلى خارج سوريا. تصل إلى لبنان بشكل محدود إلى الآن. مفقود الأمل في سوريا تقريباً. في لبنان، الأمر بحاجة إلى أكثر من توعية ولأكثر من موقف. توجيه البوصلة لا يكون فقط إلى الإنتماء العربي. هذا الإنتماء العربي يحارب تحت سقفه بشار الأسد منذ أكثر من 3 سنوات وكذلك يفعل حزب الله وإن بنسب متفاوتة. العروبة والمقاومة والممانعة وما إلى ذلك من مرحلة التصدي والصمود التي لم تكن ولن تكون إلّا لبقاء البعض حكاماً فوق الشعب وتحته وإلى جانبه.

 

سقف الموقف الذي أطلقه النائب وليد جنبلاط يؤسس لكنه غير كافٍ. فالمسؤولية مضاعفة عليه تحديداً وعلى الحزب التقدمي الإشتراكي. فلا مجال الآن كي يُترك المجال للعبث مع محيط مُسالم، تحت أي حجة كانت، وهذا لا يبدأ في راشيا ولا ينتهي في جبل لبنان وفي الشوف تحديداً. مجموعة من الشبان التابعين الموالين للنائب فيصل الداوود زرعت الذعر في منطقة بأسرها، وردّات الفعل بعد ضخ كمّ هائل من الإشاعات جعلت أبناء شبعا يُجمّعون بعضهم أفواجاً أفواجاً كي يعبروا في راشيا.

 

"الهوية المذهبيّة لا تحمي الأقليّة الدرزيّة المنتشرة بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة وبعض المناطق الأخرى" يقول جنبلاط في موقفه تجاه ما يحصل مع الدروز في السويداء. لكن هذه الهوية المذهبية أوسع من رقعة اسمها السويداء، بل هي أوسع من واقع سياسي ـ ظرفي. الخروج منها بحاجة إلى قرار جريء، ليته اليوم، قبل أن تحين ساعة مندم.

 

increase حجم الخط decrease