الأحد 2015/05/31

آخر تحديث: 11:39 (بيروت)

البقاع على نار الفتنة: "الحشد الشعبي" جاهز!

الأحد 2015/05/31
البقاع على نار الفتنة: "الحشد الشعبي" جاهز!
اشتباكات ليلية في بعلبك بين عشائر سنية وأخرى شيعية
increase حجم الخط decrease

من الهرمل في اقصى شرق بعلبك الى علي النهري في البقاع الاوسط، توزعت حركة "حزب الله" مع المجتمعات الاهلية وفعاليات المنطقة وممثلي عشائرها في نهاية الاسبوع . عقد ثمانية لقاءات تستكمل مساء اليوم الأحد، واختتم كل منها ببيان معد سلفا بإسم كل منطقة، حمل خمس نقاط مشتركة، ابرزها اعلان الاستعداد الاهلي للوقوف كرأس حربة في "طرد التكفيريين من جرود عرسال وتطهير ارضنا من دنسهم، اذا حالت التدخلات من بعض الاطراف التي دأبت على تأمين الغطاء السياسي للجماعات التكفيرية دون قيام الجيش ببسط سلطته في بلدة عرسال وجرودها".

بدأ "حزب الله" عملياً بذلك ترجمة تجربة "الحشد الشعبي" في العراق، لخوض معركة  "مواجهة الارهاب على الحدود في عرسال" تحت غطاء "تحركات عشائر بعلبك والهرمل"، أتت هذه الخطوات سريعاً بعد إشارة الإنطلاق في الخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي اشاد فيه بـ"الحشد الشعبي" في العراق، داعياً الى تعميم هذه التجربة، معطوفة على تجربة لبنان، وثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة".

يرى البعض أن الحشد بقاعاً مجرد شد على اصابع الحكومة لإلزامها باتخاذ قرار يتعلق بمواجهة المجموعات المتطرفة التي شارك "حزب الله" بدفعها الى جرود لبنان اثر معركة القلمون، فيما يضعها البعض الآخر في سياق استكمال مستلزمات المعركة التي تترجم حالة استنفار مكشوفة لمقاتلي "حزب الله"، وآلياتهم التي يمكن مصادفتها بشكل لافت  كلما تم التوغل في شمال البقاع.

بعيداً عن تحليل ما يحصل، يدرك "حزب الله" تماما طبيعة التركيبة النفسية لهذه العشائر التي لا تأتمر "من فوق"، حتى في ظل حالة الفرز المذهبي السائدة، ولذلك سلمها الطعم ليصبح الأمر وكأنه قرارها في محاربة "الجماعات التكفيرية" المتربصة بالمرتفعات المطلة على بلداتهم. مع علمه التام بأن دعوة العشائر إلى الإنخراط في هذه المعركة، لا تستوي من دون استحضار الحوادث التي تعرض لها من جراء تواجد المسلحين في جرود عرسال. وأبرزها حادثة قتل 4 من عشيرتي امهز وجعفر في جرود عرسال منذ حزيران 2013، التي ذكر بها  نائب "حزب الله" علي المقداد في اكثر من لقاء شعبي مع ابناء المنطقة، منتظرا جمع غلالها في الهرمل خصوصا، ارض العشائر التي تتهيأ لاستنهاض طاقاتها القتالية بعد ان "عضت على جرحها نحو عامين اكراما لرغبة نصرالله الحفاظ على السلم الاهلي في المنطقة" كما قال المقداد.

مهمة استنهاض "الغرائز العشائرية" بعد تهدئتها ليست صعبة في بيئة عانت اكثر من غيرها من وجود المسلحين في المرتفعات، تفجيرا وقتلا وتدميرا لاقتصادها، وبالتالي يكفي استنساخ بعض لافتات بعبارات مقتبسة من خطاب نصرالله الأخير على طول الشريط الشيعي الممتد في البقاع الشمالي، ورفع نبرة المواجهة على صوت الموسيقى الهادئة التي صدرت من القاعة المغلقة التي تداعى للاجتماع فيها ممثلو العائلات والعشائر في الهرمل، حتى تصبح المنطقة كلها بمثابة "حشد شعبي" يقوده "حزب الله" الى عرسال، في ما يشبه تجربة "الحشد الشعبي" الذي يخوض معاركه بدعم من النظام في العراق.

وأيضاً بعيداً عن خلفيات خطوة "حزب الله"، إلا أن الثابت أن البقاع، وبعلبك – الهرمل تحديداً، دخلت مرحلة خطيرة جداً، سياسياً وعسكرياً، في منطقة يغلب عليها النمط العشائري، خصوصاً أن الشارع العشائري المضاد في عرسال وبعلبك، ينظر إلى ما يحصل بعين الريبة، بعد أن نظر مراراُ إلى تدخل "حزب الله" في سوريا، بعين الخوف من إرتداد ذلك على الداخل اللبناني.

ولعل الواقع العشائري هو ما ألزم "حزب الله" حفظ خط العودة نسبياً مع العائلات والعشائر السنية، وذلك كما بدا من خلال سلسلة لقاءاته التي عقدها، في فصله اولا عرسال عن جرودها  ومن ثم  امهال الوقت الكافي للحكومة في مسألة "تطهير" جيوب السلسلة الشرقية من الارهابيين قبل ان يستخدم ورقة العشائر في البقاع، وهو ما تضعه مصادر أخرى في خانة الضغط على الحكومة والجيش.

لكن في المقابل، عكست مداخلات ممثلي العائلات والعشائر في اللقاءات المعقودة، الاحتقان، فكانت دعوة من الهرمل لأهالي عرسال بأن لا يشكلوا "ستارة لحماية الارهابيين" ولـ"نفض اليد من الارهابيين الذين حموهم" ، ليتحدث البعض عن اختلاف حاد في "المسلمات الوطنية" مع من يحاولون "حماية الارهاب" في عرسال.

وفي هذا الإطار، يرى النائب جمال الجراح، الذي كان على رأس الوفد العرسالي الذي جال على قيادات البلد العسكرية والأمنية، لـ"المدن" أن "استخدام هذه الورقة مخفوف بتداعيات لا عودة عنها"، خصوصا في ظل النفوس المشحونة سلفا. ومن هنا  يحذر من "حملة التحريض للعشائر على عرسال والقول انها محتلة من الارهابيين، واقحام الجيش بمعارك في داخلها "، معتبرا انها "كلها أمور تجعل حزب الله يدفع الى الفتنة المذهبية في المنطقة وبإتجاه قتل اهالي عرسال، وهذا ما يحاوله لحجب الانظار عن فشله في اماكن اخرى". ويؤكد ان "الجيش موجود في عرسال وهو يتعاطى بكل حزم ومسؤولية مع الارهابيين في الجرود." محذرا من ان عرسال ليست وحدها، وقلناها سابقا ان حدودها مجدل عنجر وسعدنايل وعندما تتعرض لاي اعتداء سيتم الرد بكل لبنان على الاعتداء وبكل اشكال الرد".

كل هذا الشحن الممتد منذ خطاب نصرالله الأخير، وإنتقاله الى خطوات عملية مع "الحشد الشعبي"، بدأ يترك أثراً واضحاً على الشارع البقاعي. الفتنة تتقدم، خصوصاً أن من يحمل السلاح، بمعية "حزب الله" لمواجهة "التكفيريين"، عدد كبير منهم مطلوب أصلاً للدولة اللبنانية، ومنهم تاجر المخدرات الشهير نوح زعيتر، ما يفاقم القلق لدى شارع العشائر السنية، من ممارسات هؤلاء في المستقبل.

وبدا واضحاً أن كل هذه المخاوف، إنتقلت عملياً الى حيز المواجهة المباشرة، بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدها حي الشراونة في بعلبك  ليل السبت بين مجموعة افراد من آل الصلح والشياح من جهة ومن آل جعفر ووهبي من جهة أخرى، عكست التخوفات من استعادة كل مظاهر الاقتتال التي شهدتها المنطقة في فترات التشنج السابقة، قبل أن يتدخل الجيش مجددا ليقف حاجزا بين عائلات المدينة الواحدة، وسط اتصالات سياسية منعت تدهور الامور بشكل اكبر، اقله في المرحلة الحالية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها