الخميس 2014/10/23

آخر تحديث: 12:33 (بيروت)

أكلاف عودة حزب الله

الخميس 2014/10/23
أكلاف عودة حزب الله
الرجل الثاني في حزب الله يتحدث عن تنازلات مؤلمة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

 

الجملة التي قالها نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بعد لقائه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لا يُمكن أن تكون عرضية. يقول قاسم: "لقد تأكد أن الحل السياسي ينقذ سوريا وشعبها، وعلى الجميع أن يتوقعوا تنازلات مؤلمة في هذا الإطار، لكنه الحل الوحيد المتاح ولا حلَّ غيره". صحيح أنه يربطها بما ردده الحزب وأمينه العام في السابق عن أهمية الحل السياسة للأزمة السورية، إلا أن الكلام اليوم فيه الكثير من الإشارات إذا ما رُبط بواقع حال المنطقة بشكل عام.

 

واقع أن مطلق هذا التصريح هو الرجل الثاني في حزب الله. واقعه أيضاً انه يأتي في وقت بدأ فيه الحديث عن تحضيرات لما يُمكن أن يُسمّى ربع ساعة أخير، وإن طال، تمهيداً لحلول واسعة، قد يكون التقسيم أساساً، أو إعادة توزيع القوى الإقليمية على مناطق مختلفة، وبالحد الأدنى إضعاف المقررين وإنهاكهم قبل أن يُصار إلى جرّهم نحو طاولة ببنود مُقرّرة سلفاً.

 

يخرج حزب الله اليوم من الحديث عن نصر إلهي جديد، إلى فتح باب التسوية. هذا ليس كلامه تحديداً. لا شيء يقوله الحزب من دون أن يُقرأ على أن خلفيته إيرانية. "التنازلات المؤلمة" التي تحدث عنها قاسم، تدخل في صلب الرسالة، إن لم تكن أهمّ ما قاله.

 

وقبل "التنازلات"، وبدء رسائل العودة أو التسوية المحتملة، كان الكلام عن انسحاب الحزب من سوريا، وهذا ما لم يكن يُقرأ منطقياً توازياً مع مجريات الأحداث في كل المنطقة. واليوم، يعود السؤال عن مثل هذه الإمكانية. سريعاً يُمكن الحديث عن إشارات القلمون على سبيل المثال، وأخيراً بريتال. ما كان هناك قبل عام لم يعد موجوداً الآن. بقي القليل من مقاتلي الحزب مع الكثير من جنود النظام السوري وما يُسمّى جيش الدفاع الوطني. لكن هل هي فعلاً إشارة إلى انسحاب؟ لا أحد يُمكنه أن يجزم نفياً أو إيجاباً إلّا الحزب، وهذا ما لن يفعله. زيارة أمينه العام السيد حسن نصرالله إلى القلمون منذ أيّام، قد تُقرأ في اتجاهين، إعلان تعبئة حرب، وقد تُقرأ في اتجاه مُختلف تماماً، تمهيد انسحاب. لكن الخطوة، ليست عابرة.

 

توازياً مع هذا الواقع، وإمكانية الخروج من عدمه، يبدو أن الإيرانيّ قد قرّر لعب ورقة اليمن، وهنا وضع تصريح قاسم في سياق السياسة الإيرانية، يقود إلى احتمال تقديم طهران ورقة على حساب أخرى، فإن كان الواقع السوري قد أرهقها ووصلت الأمور في دمشق إلى مكان لا يُمكن معها الحسم، فما المانع من اتفاق فيها، يوازي سحب ورقة صنعاء في وجه من اتفقت معه على حلّ ما في سوريا.

 

كل هذا والتحالف ضد الإرهاب يضرب مناطق تواجد داعش ولا يقترب من أي مكان يتواجد فيه النظام السوري وحزب الله. أشد المتفائلين بما ستُثمره هذه الضربات لن يذهب إلى حلم إسقاط النظام. إبقاء الصراع السوري على ما هو عليه يقود إلى تسوية ما، ستكون على حساب بشار الأسد ومن حساب المعارضة التي تُقدم أسوأ نموذج وطني يُمكن أن يُقدمه أي تنظيم في لحظة مصيرية تمرّ فيها سوريا. بين هذا وذاك، يأتي فعل الانسحاب من سوريا كمُمهّد لحلول تُزيح الأسد وعائلته لكنها لا تُلغي النظام وهيكليته، مع تمكين طائفة أكثرية من بسط سيطرة ما، لم تكن قادرة عليها في ظلّ الحكم الأقلوي.

 

بالعودة إلى كلام نعيم قاسم، انسحاب حزب الله من سوريا لن يكون تحت شعار عودة الحزب إلى لبنانيّته. انسحابه إن حصل، لن يكون إلّا تحت شعار المصلحة الإيرانية. حين يُستقبل في طريق عودته، لا بد من أن تكون حسابات عودة لبنان إلى ورقة موازية للورقة اليمنية قد ارتفعت، وكثيراً.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها