الخميس 2014/08/21

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

قرى بعلبك: الخوف من "داعش" و"سرايا المقاومة"

الخميس 2014/08/21
قرى بعلبك: الخوف من "داعش" و"سرايا المقاومة"
بعد عرسال: الخوف والترقب وحدهما السائدان (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

إنتهت معركة عرسال. لا أحد من أبناء قرى بعلبك يدرك تبعات الأحداث على منطقتهم. الكل يجمع على أن الخوف والترقب وحدهما السائدان في هذه المنطقة. ما حصل بالنسبة إليهم أكثر من صادم، وأكثر من مُقلق. رد الفعل من الداخل وارد، وتطور الحدود يبقى في الحسبان.

 

برأي أبناء العين والجديدة والفاكهة أن "داعش" هو الخطر الوجودي الذي يهدد أمنهم. الإنقسام السياسي الذي كان موجوداً قبل أحداث عرسال حول الموقف من انخراط حزب الله في الحرب السورية لا يزال على حاله، إلا أن متغيراً جديداً دخل على المزاج السني البعلبكي وهو التخوف من "داعش".

 

"داعش"، المكون الغريب عن النسيج الإجتماعي في قرى بعلبك، الذي جعل الأهالي يجمعون على ضرورة مجابهة التطرف ورفع شعار "الدولة" من أجل القضاء على جميع المظاهر المسلحة الخارجة عن إطار الشرعية.

 

المتطرفون قربوا الأهالي من بعضهم البعض، أصبح الجميع مدركاً أن التكفير لن يستثني أحداً. في العين، تلك القرية المتعددة التي يسكنها السنة والشيعة والمسيحيون، الخوف كبير والكل يعتبر أن معركة عرسال هي جولة من معركة لم تنته فصولها بعد. لسان حال أهل العين ألا مكان للتطرف بينهم. وعلى رغم بروز بعض الشباب الإسلامي في القرية بعد أحداث وادي حميد، لكن الأهالي يجمعون أن عددهم لا يتجاوز العشرين شابا وهم منبوذون حتى من أهاليهم.

 

السنّة في العين هم دائما مع الإعتدال ويدورون في  فلك الجو اليساري. ينفرون من التطرف الإسلامي سواءً أتى من داعش أو من حزب الله وهم دائماً تواقون إلى نمط الحياة المدنية. هم أيضاً، لا  يخافون من النازحين السوريين كما أبناء باقي القرى، إذ ان حالة النزوح السوري في القرية متداخلة مع الأهالي وأصبحت العلاقة في ما بينهم قائمة على أساس أنهم "جيران".

 

الجديدة والفاكهة، القريتان اللتان يقطنهما أيضاً المسيحيون والسنة والشيعة، حالتهما مغايرة نوعاً ما عن حالة العين. إذ إن الخوف في هاتين القريتين لا يقتصر على "الداعشو فوبيا" أو الخوف من داعش. إنما يتعداه إلى رعب حقيقي من أعمال "ثأرية" بحق بعض الأهالي من قبل عناصر "سرايا المقاومة" التي تدور في فلك حزب الله. ورغم أن الأهالي يعولون على الجيش ويشددون على أن البلدتين هما تحت القانون والدولة هي ملاذهما الأخير. إلا أن القلق لا  يزال موجوداً لديهم، ويعتبرون ان الوضع الأمني ليس طبيعياً.

 

فمنذ ما قبل أحداث عرسال  كانت "سرايا المقاومة" غير مرغوبة في البلدتين، لكن الأحداث انعكست على البيئة السنية التي لا تخاف من أبناء القرى المجاورة، إنما تخاف من ممارسات بعض أبناء قريتهم الذين قد يستخدمون "السرايا" ستارة من أجل ممارسة بعض الأعمال السلطوية ـ التشبيحية على أبناء بلدتهم، ولهم سوابق مع هؤلاء.

 

في الجديدة والفاكهة الخوف مزدوج بوجهين الأول "داعشي" والثاني "سرايوي"، بيد أن الأهالي يفصلون بين "السرايا" و"المقاومة"، ويجمعون على أهمية المقاومة في مواجهة إسرائيل، ولكن اختلافهم مع حزب الله هو على خلفية مشاركته في الحرب السورية التي جرت لبنان عامةً وقرى بعلبك خاصةً إلى أتون صراع عسكري لا أحد يدرك كيفية الخلاص منه.

 

بين "داعش" و "السرايا" يدفع أبناء قرى بعلبك فاتورة ضعف الدولة التي تبقى خشبة الخلاص الوحيدة في مواجهة ثقافة العنف والخوف والخوف المضاد. هذا الخوف من الآخر، يدفع إلى التقوقع وتغليب لغة السلاح على لغة المواطنة ويجعل أبناء القرية الواحدة كـ"أعداء مستترين" يلجأ كل منهم إلى بيئته من خارج بلدته من أجل حماية وجوده.

increase حجم الخط decrease