الثلاثاء 2015/03/03

آخر تحديث: 19:26 (بيروت)

قضية النازحين: الحالات الإنسانية تحكمها معايير "الأقلية" و"الأكثرية"

الثلاثاء 2015/03/03
قضية النازحين: الحالات الإنسانية تحكمها معايير "الأقلية" و"الأكثرية"
شتاء وصيف تحت السقف الحكومي‏ (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

عادت قضية النزوح السوري إلى الواجهة مجددا من بوابة حماية الأقليات، بعد المجازر الذي تعرض لها مسيحيو الحسكة المنتمين إلى الطائفة الأشورية. فوراً أوعز وزيرا الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الأجهزة المعنية بتسهيل دخول هؤلاء إلى لبنان بعد القرار الذي اتخذته الحكومة بوقف النزوح السوري إلى لبنان بشكل نهائي، وبناء على إيعاز الحكومة دخل 17 أشورياً مساء أمس الإثنين إلى لبنان عبر نقطة المصنع الحدودية.

 

يحاول أكثر من مصدر مطلع نفي أن تكون الحكومة رفضت في السابق استقبال نازحين من مناطق بعيدة عن لبنان، ويدرجون استقبال آشوريي الحسكة، في خانة "الحالات الإنسانية" و"حماية الأقليات"، في وقت عبر أكثر من نازح عن الإستياء، ليس من استقبال النازحين الآشوريين، بل من التعاطي مع أزمة النزوح وفق مقاييس، "الأقلية" و"الأكثرية". ويسخر أحدهم عبر "المدن" بالقول: "على السوري قبل النزوح إلى لبنان تغيير ديانته".

 

نفي المصادر الوزارية أن تكون الحكومة رفضت استقبال النازحين من مناطق بعيدة عن لبنان، يأتي معاكساً لعشرات التصريحات السابقة الصادرة عن أكثر من وزير في الحكومة، وبعد أكثر من إجتماع للجنة الوزارية لشؤون النازحين، وأحدها يقول بالحرف: "ان وقف النزوح أمر نهائي لأن لبنان لم يعد يستطيع ان يتحمل مزيدا من النزوح، ولانه لم يعد هناك حاجة للنزوح فالمناطق المحاذية للحدود قد خلت من سكانها، أما اذا كان الحديث عن ان نازحين سيأتون من المناطق البعيدة فهذا غير عادل ولا يستحق لبنان مزيدا من الاعباء وهناك دول اقرب اليهم يستطيعون اللجوء اليها".

 

في هذا الإطار، يكرر وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس عبر "المدن" القول إن "القرار الحكومي نص على استثناء الحالات الإنسانية"، أما عن التناقض بين قرار عدم استقبال نازحين من مناطق بعيدة، واستقبال آشوريي الحسكة، فيشير إلى أن "عددهم قليل، وهو ما يمكن للبنان استيعابه"، لافتاً الى ضرورة "حمايتهم من التطهير العرقي"، وإلى أهمية أن "يكون للبنان دور في حماية الأقليات".

 

في المقابل، يؤكد مصدر وزاري مطلع لـ"المدن" ما قاله درباس. يشير أيضاً إلى "الحالات الانسانية الإستثنائية"، وإلى أن "تسهيل دخول الأشوريين لا يحمل أبعاداً مذهبية"، مستنداً إلى مقررات مجلس الوزراء في 23 تشرين الأول عام 2014، والتي نصت على موافقة المجلس على "وقف النزوح على الحدود وتسجيل الداخلين على الحدود، وفق اسباب دخولهم للتأكد من تطبيق هذا الاجراء. وكذلك، الطلب من مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة التزام وقف تسجيل النازحين إلا بعد موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية"، مشيراً إلى أن "القرار الحكومي حّيد الحالات الانسانية الاستثنائية".

 

هذا القرار، حظي بتنويه رئيس مؤتمر الأقليات العالمي أدمون بطرس، مؤكداً لـ"المدن" أن "لبنان سيكون محطة عبور لهؤلاء كي يلجأوا إلى إحدى الدول الاوروبية"، وأن "الكنيسة ستتولى أمورهم لأنها المحطة الاولى قبل الوزارة المعنية بالملف". واذ لا يستبعد "وصول المزيد من الأشوريين إلى لبنان، نظرا للرعاية التي يتلقونها من مرجعيتهم الروحية"، يكشف أن من وصل أمس الإثنين "مقسمون على ست عائلات إثنتان منها سكنت لدى أقارب لها في بيروت وأربعة آخرون لدى أقارب في زحلة". أما عن سبب اللجوء الى لبنان وليس تركيا، فيلفت إلى أنه "لا يوجد في تركيا كنيسة تهتم بشؤونهم كما يحدث في لبنان".

 

لا شك أن اللجوء حق للآشوري، والأقليات، والأكثريات، وأياً كان المعتقد، لكن الحكومة اللبنانية أثبتت مجدداً، أنها تكيل بالمكيال الطائفي – السياسي، لا الإنساني، خصوصاً أن الأكثريات تشكل عبئاً ديمغرافياً، وهاجساً للبعض، ولا يشكل الوضع الإنساني الإستثنائي، الذي يعاني منه كل السوريين، أي عبء على سياسات الدولة وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها