الأحد 2018/04/22

آخر تحديث: 16:49 (بيروت)

خطاب التبريك الانتخابي: نموذج الشيخ مالك جديدة

الأحد 2018/04/22
خطاب التبريك الانتخابي: نموذج الشيخ مالك جديدة
يُضمر كلام جديدة طموحاً دفيناً بتقلّد منصب الافتاء الشاغر في عكار
increase حجم الخط decrease
استطاع رئيس دائرة الأوقاف في عكار الشيخ مالك جديدة أن يجذب الانظار ويفتح باباً عريضاً من السجالات وردود الأفعال الغاضبة. ربما، هذا ما كان الشيخ يسعى إليه في مهمته التملقيّة لمرشح تيّار المستقبل في عكار طارق طلال المرعبي.


ففي فيديو مسرب، انتشر كالنار في الهشيم السبت في 21 نيسان 2018، أطلّ جديدة بعباءته وعمامته خلال جلسةٍ مع مرشحي التيّار الأزرق في عكار وكوادره. ولولا قهقهات الضحك والتصفيق الحار وصور رئيس الحكومة سعد الحريري، لبدا الشيخ المنفعل كأنّه يلقي خطبة جمعةٍ أمام حشدٍ من المصلين. لكن لا. الشيخ هنا، في حضرة التقديس والتمجيد بمرشح المستقبل طارق المرعبي. استوحى منه في بداية حديثه آيةً قرآنيّة: "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ". ثم أشار إليّه بسبابته قائلاً: "هذا الطَّارِقِ من تلك السَّمَاءِ"، أيّ من والده النائب والوزير السابق طلال المرعبي، قبل أن يستكمل خطابه "التبريكي" بالمستقبل ومرشحه.

وُصف كلام الشيخ بـ"الفتنوي". وبالطبع، لقي ردود فعلٍ منددة، سياسياً ودينياً، بلغت حدود التكفير والاستياء من الحال الذي وصل إليه "شيوخ السلطة". طالبه كثيرون بالتراجع والاعتذار، حتّى لا ينزلق من مكانته الدينية ويكون جزءاً من أدوات المعركة الانتخابيّة. لكنّ جديدة رفض التأثر بالجو العام الذي يُساق ضدّه. أصرّ على كلامه، واصفاً المتهجمين عليه والمعارضين لما أدلى به بـ"الدواعش"، الذين لا يفهون معنى الاقتباس القرآني والبلاغة في اللغة العربية، معتبراً أنّه لا يقبل أن يكون شيخاً "بلا طعمٍ ولا رائحةٍ ولا لون".

تبقى هذه الردود، موجةً عابرة قد تنتهي فور خفوتها. لكن، ثمّة أمران يستدعيان الوقوف عندهما عشيّة الانتخابات. الأول يتعلق بشيوخ الطائفة السنيّة، والثاني بالنهج الترهيبي والترغيبي الذي يعتمده المستقبل بشكلٍ فاضحٍ في معركته.

عمليّاً، يُضمر كلام جديدة طموحاً دفيناً بتقلّد منصب الافتاء الشاغر في عكار، الذي يتنافس عليه مع مرشحين آخرين هما، القاضي الشيخ أسامة الرفاعي والشيخ زيد بكار زكريا. والشيوخ الثلاثة، يدركون مثل غيرهم أن بلوغ أي منصب إفتاء أو ديني سنيّ، يحتاج قبل أي شيء نيل القبول والمباركة المستقبلية- الحريرية. وما فعله جديدة، هو أقرب إلى مبارزة وعرض عضلات في وجه منافسيه الذين يتزاحمون، كلٌّ على طريقته، لتقديم الطاعة في بيت الوسط.


طموحات بعض الشيوخ، جعلت من الاستحقاق الانتخابي فرصةً ثمينة لتقديم مختلف أوراق الاعتماد. وبدل الحرص على تحييد الموقع الديني وحمايته من الانزلاق بجعله طرفاً في أي نزاع، بدأت بعض الرموز الدينية تفقد احترامها وهيبتها وثقتها وتُضعف هذا الموقع، من خلال تصاريح سياسية تبجيليّة لمصلحة طرفٍ على حساب آخر.

لم يترك المستقبل مجالاً للشك في لجوئه إلى سياسة الترهيب والترغيب في حملته الانتخابية. الترهيب الأمني من جهة، وترغيب الطامحين لتقلد المناصب من جهة أخرى. واليوم، ما يستخدمه المستقبل من وسائل مشروعة وغير مشروعة في معركته الانتخابية، وإن كانت تدل على ضعفٍ وإفلاسٍ مالي وسياسي وشعبي، يهدف إلى ترسيخ نظرية "الحزب السنّي الأوحد". يقابل ذلك، تخوين وشيطنة التيّارات والأصوات السنيّة المعارضه له، واتهامها بالتبعية والعمالة لحزب الله والمشروع الإيراني، متجاهلاً جميع تنازلاته التي دفعها كي يستمر بإمساكه بالسلطة.

في الواقع، يدرك تيار المستقبل أن طائفته، التي يتباهى بزعامتها في السلطة، لا يمكن أن يحكمها المنطق الشمولي، ويصعب على أي طرف احتكار تمثيلها شعبيّاً ورسميّاً في ظل التحديات التي تشهدها. أما الجواب عما يقترفه المستقبل، فسيبقى رهن ما ستؤول إليه نتائج 6 أيار 2018، بعدما أصبحت اللعبة مكشوفة للجميع. والشيخ جديدة هو واحد من أدواتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها