الجمعة 2018/04/20

آخر تحديث: 19:30 (بيروت)

في لبنان تجارة أعضاء بشرية: ماذا تفعل المستشفيات؟

الجمعة 2018/04/20
في لبنان تجارة أعضاء بشرية: ماذا تفعل المستشفيات؟
المستشفيات الحكومية تلتزم بالإجراءات القانونية للتخلص من الأعضاء البشرية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ثلاثة أشخاص أوقِفوا يوم الخميس 19 نيسان، بتهمة دفن أعضاء بشرية في جبانة حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت، بطريقة عشوائية. اعترف الموقوفون بفعلتهم بعد اقتيادهم إلى مخفر فصيلة المريجة، مؤكدين، وفق بيان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أنهم كانوا يتسلمون الأعضاء من مستشفيات المنطقة، لقاء بدل مادي.

إنجاز مهم كاد أن يُسجّل للقوى الأمنية، لو أنها تعاملت مع القضية بصورة مغايرة. فالقوى الأمنية تواصلت مع المستشفيات المعنية، وانقضى الأمر باحتجاز المتورطين وتوجيه إنذار شفهي إلى المستشفيات التي تعهدت "بوجوب تكليف موظف من كل مستشفى يتولى تأمين نقل الأعضاء التي تنتج عن العمليات الجراحية بطريقة صحيحة وصحية، ودفنها وطمرها وفقاً للقانون تحت إشراف الموظف المكلف".

اللافت، هو عدم علم النيابة العامة في بعبدا بالقضية، مع انقضاء ظهر يوم الجمعة 20 نيسان، ولم تجرِ إحالة الموقوفين إليها. علماً أن قضية مماثلة يفترض إحالتها إلى النيابة العامة فوراً. والغريب، هو حجم التكتّم الذي يلف القضية في أروقة المديرية العامة، "حيث لا يهمس أحد حولها"، وفق ما تقوله مصادر أمنية، في حديث إلى "المدن". والتكتّم يشي بوجود "حساسية ما تجاه الملف، سواء أكان لجهة هوية الموقوفين أو هوية المستشفيات"، تشير المصادر.

وضع هوية الموقوفين والمستشفيات جانباً، لا يقلل من أهمية الحدث نفسه، أي قيام مستشفيات بتسليم أشخاص، أعضاء بشرية، للتخلص منها بطريقة عشوائية. فهل يحق للمستشفيات ذلك، وما هي آلية التخلص من الأعضاء البشرية؟

تتضارب المعلومات في هذا السياق، وتختلف المصادر الطبية والقضائية مع ما يقوله نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. ووفق المصادر الطبية، "المستشفيات تُسلّم الأعضاء المبتورة لأهل المريض كي يدفنوها بطريقة لائقة ووفق التقاليد والأعراف التي يتبعها الأهل". وأحياناً، لا يطالب أحد بالأعضاء، وحينها "تُحفظ الأعضاء في برّادات المستشفى، تماماً كما تحفظ الجثث مجهولة الهوية، وذلك لمدة سنتين. بعدها، تستحصل المستشفى على إذن من النيابة العامة لدفن الأعضاء أو الجثث. ويتضمن الإذن كل المعلومات المطلوبة عن تاريخ الوفاة أو نوع العملية ونوع الأعضاء، بالإضافة إلى تحديد الجهة التي ستأخذ الأعضاء، والتي عادة ما تكون جمعيات معروفة لدفن الموتى ومصرح لها من النيابة العامة. والدفن يتم بحضور ممثلين عن النيابة العامة. وهذا الحضور، يجنب المستشفى أي مسؤولية، خصوصاً في حال وجود جثث لأجانب مجهولي الهوية".

الموافقة التي تحصل عليها المستشفى والجهة التي ستدفن الأعضاء، لا يحصل عليها الأفراد بشكل عشوائي. "ولا يحق للمستشفى ولا الأفراد اعطاء او تسلم الأعضاء البشرية ودفنها من دون موافقة النيابة العامة، حتى لو تعهّد بدفنها بطريقة صحيحة"،  وفق المصادر القضائية. وهنا، يؤكد هارون "عدم ضرورة وجود موافقة مسبقة للنيابة العامة للتخلص من بقايا الأعضاء البشرية. فبعض المستشفيات تتعاقد مع رجل دين، وتدفع له مبلغاً مالياً، لقاء دفن الأعضاء بطريقة دينية صحيحة". مع الإشارة إلى أن "المستشفى توضّب الأعضاء في صندوق يضمن عدم تسرب أي شيء". ويلفت هارون، في حديث إلى "المدن"، إلى أن "النقابة تنبّه المستشفيات دائماً إلى وجوب التعاطي بطريقة صحيحة مع هذا الموضوع". وعن آلية المحاسبة التي تتبعها النقابة بحق المستشفيات المخالفة، فالنقابة "تنبه المستشفى، أما الإجراءات القانونية، فهي من اختصاص القضاء".

هذا التستّر واستسهاله من جانب المستشفيات، سواء أكانت خاصة أم رسمية، "يفتح النقاش في شأن تجارة الأعضاء البشرية الصالحة للاستعمال، وليس بقايا أعضاء بشرية تم استئصالها نتيجة حادث أو مرض ما فحسب. فما نسميه في هذه الحادثة أعضاء بشرية، قد يكون مخلفات عمليات استئصال لأعضاء بيعَت بصورة غير قانونية. فعلى سبيل التوضيح، قد تكون هذه المخلفات ناتجة من عملية استئصال كلية بهدف بيعها، وما نتج عن العملية من مخلفات، تم اعطاؤه لأفراد بهدف التخلص منها بلا محاضر قانونية".

المستشفيات المخالفة عوقبت بالتنبيه حتى الآن، على فعلة يفترض أن تندرج تحت إطار التجارة بالأعضاء. وهو أمر محرّم دولياً. لكن في لبنان، يُدرج تحت خانة استسهال المستشفى بموضوع التخلص من الأعضاء بطريقة أسرع وأقل كلفة من اتباع الإجراءات القانونية، "فالطريقة غير القانونية تعفي المستشفى من الاحتفاظ بالأعضاء في براداتها، وتجتاز الوقت المطلوب للحصول على إذن من النيابة العامة. وتتستر بذلك على هوية صاحب الأعضاء ونوع العملية الجراحية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها