يحاول التيار الوطني الحر تخفيف حدّة السجال بينه وبين أقطاب السلطة المعارضة لمشروع بواخر الطاقة، خصوصاً مع إعلان حليفه حزب الله رفض البواخر، عبر كلام صريح للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، أكد فيه ضرورة مرور أي مناقصة عبر إدارة المناقصات. ما يجعل ملف البواخر أمام التلزيم الرضائي، وهو أمر مختلف عليه في مجلس الوزراء.
لامتصاص الاعتراض، يلجأ التيار عبر وزير الطاقة سيزار أبي خليل، وبتوجيه من رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى إعداد دراسة عن إمكانية استجرار الكهرباء من سوريا، في ضوء عروض سورية وإيرانية. وترددت معلومات عن طرح وزير العدل سليم جريصاتي هذه المبادرة على رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلا أن جريصاتي نفى ذلك، في حديث إلى "المدن".
تؤكد مصادر في وزارة الطاقة وجود المبادرة التي ما زالت في طور التحضير، "ولا يمكن الحديث عن تفاصيل أكثر في شأنها"، بحسب المصادر. وتذكّر المبادرة الحالية بالكتاب الذي رفعه أبي خليل إلى الحكومة في أيار 2017، يطلب فيه الموافقة على زيادة كمية الكهرباء التي يستوردها لبنان من سوريا بمعدل 300 ميغاوات، وتغطية كلفتها البالغة 500 مليار ليرة.
عودة التيار العوني إلى طرح زيادة استجرار الطاقة من سوريا، بعد تجاهل الحكومة له لأسباب سياسية تتعلق بموقف بعض أطرافها من النظام السوري، يضع مشروع بواخر الطاقة على المحك، إذ يطرح حلاً بديلاً منه، فهل تخلّى التيار عن مشروعه الذي قاتل لأجله، والذي استدعى إعلان عون مرتين بأنه سيطرحه للتصويت في مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، إيماناً منه بأهميته وضرورته؟
لا يبدو الأمر كذلك، فالتيار، يعلم بأن الحكومة لن توافق على استجرار الكهرباء من سوريا بسهولة، فهي تجاهلت سابقاً عرضاً غير رسمي، قدمته الحكومة السورية عبر وزير الزراعة غازي زعيتر، يقضي بتزويد لبنان 500 ميغاوات بسعر أدنى من سعر البواخر. لكن مبادرته الحالية تهدف الى إحراج الحكومة ودفعها الى تبنّي خيار البواخر طالما انها سترفض الكهرباء الآتية من سوريا وإيران. ويصب الشرط التركي لإقراض لبنان، في مصلحة مشروع البواخر. فالجانب التركي ربط قرضه المعلن في مؤتمر سيدر1 بتعاقد لبنان مع شركات تركية. وشركة كارادينيز التركية هي المرشح الأبرز، كونها موجودة في لبنان عبر الباخرتين فاطمة غول وأورهان بيه.
يراهن التيار على قبول القوات اللبنانية البواخر، وربما يكسب تأييد الشارع المسيحي لمشروعه حين يقابله بفكرة التعامل مع النظام السوري لاستجرار الكهرباء. أما موقف تيار المستقبل فمعارض للخيار السوري، وموافق على خيار البواخر. لكن الرهان مازال ضبابياً، خصوصاً في ظل عدم الافصاح عن الكلفة المقدّرة للمشروع، ناهيك بإمكانية عدم تمسك التيار بطرحه، لأنه قد يؤثر في شعبيته في الشارع المسيحي على أبواب الانتخابات النيابية، فرفض التعامل مع النظام السوري هو ركيزة الموقف السياسي للشارع المسيحي. ما يعني أن طرح التيار موجّه فقط إلى داخل الحكومة، مع حفظ خط العودة بالتخلي عنه في حال خروجه إلى الشارع.
بعيداً عن المواقف السياسية، يبقى إستجرار الكهرباء من سوريا أو حتى من إيران عبر العراق فسوريا، خياراً مؤقتاً أفضل من خيار البواخر، خاصة في حال ضبط الكلفة. على ان يبقى نصب أعين الحكومة، ان الحل الأمثل والنهائي، هو تأهيل وبناء معامل الطاقة، وليس الإعتماد كلياً على الحلول المؤقتة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها