الجمعة 2018/03/23

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

هل تجاوز الجوهري الخطوط الحمراء؟

الجمعة 2018/03/23
هل تجاوز الجوهري الخطوط الحمراء؟
يستغرب المقربون من الجوهري سبب إصدار مذكرة التوقيف بشكل غيابي (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
منذ سنوات، ينشط الشيخ عباس الجوهري على خطّ معارضة حزب الله. حاول الجوهري وضع رؤية سياسية تجمع شخصيات شيعية نخبوية تعارض حزب الله وسياسته. عزز عمله انخراط الحزب في الصراع السوري، فعمل الجوهري على تشكيل خلايا علمائية ترفض هذا القتال، لأنه في غير ساحته الحقيقة، ولأنه سيرتد سلباً على أبناء المذهب الشيعي على المدى البعيد. وغالباً ما سعى إلى إصدار أحكام أو فتاوى تحرّم قتال حزب الله في سوريا. وكان يصف ما يفعله الحزب هناك بالخروج عن الأصول الفقهية للشيعة.

توسّع حراك الجوهري المعارض إلى جانب شخصيات شيعية بارزة. فمن تحت عباءة السيدين محمد حسن الأمين وهاني فحص، عمل الرجل على تشكيل جبهة شيعية معارضة، استمرّ عملها إلى اليوم، إذ تستعد لخوض الانتخابات النيابية في العديد من الدوائر البقاعية والجنوبية في وجه حزب الله. ترفع هذه اللوائح شعارات مطلبية وإنمائية، وتشدد على التمسك بعلاقات لبنان العربية وعدم مخاصمة دول الخليج، لأن لا بديل للشيعة عن حضنهم العربي، وما يفعله حزب الله سيضعهم أمام مخاطر عديدة على المدى البعيد، بمعزل عن ميزان القوى الإقليمي حالياً.

كان الجوهري منتمياً إلى حزب الله، ابن عائلة من الهرمل، جميع أفرادها في عداد الحزب، وقد استشهد شقيقه مع حزب الله. في ثورة الجياع التي قادها الأمين العام الأسبق للحزب الشيخ صبحي الطفيلي في أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان الجوهري على يمينه. اعتقل في تلك الفترة، وأودع السجن في وزارة الدفاع. خرج من السجن وعمل على تشكيل اللقاء العلمائي اللبناني والمركز العربي للحوار.

مع دخول لبنان في معارك الانتخابات النيابية، عمل الجوهري على تشكيل نواة لائحة في البقاع، وشكّل عنصراً ديناميكياً في تنظيم تحركات في الشارع الشيعي، ضد خيارات الحزب، من بوابة الإنماء. قبل أشهر شارك في تأسيس لقاء الدولة والمواطنة، وقبلها بأشهر عمل على عقد مؤتمر لبعض العشائر البقاعية، لحشد موقف اعتراضي على نهج الحزب المتّبع في قرى البقاع، لاسيما في بعلبك- الهرمل. استطاع الرجل تشكيل حالة اعتراضية تستعد لإثبات نفسها في صناديق الاقتراع، عبر القول إن هناك فئات واسعة تعارض الحزب داخل بيئته.

بتواصله مع العشائر، والعمل على تقديم خدمات للبقاعيين، ومن خلال اتصالاته مع بعض القوى السياسية المعارضة لحزب الله في تلك المنطقة، نجح الجوهري في صوغ تحالف بين بعض أبناء العشائر والقوات اللبنانية، عبر تشكيل لائحة موحدة. مثّلت هذه الخطوة خطاً أحمر، لم يكن من الجائز تخطيه بالنسبة إلى الحزب، خصوصاً بعد كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بأن حزبه سيخترق لائحة حزب الله في بعلبك- الهرمل، وسيوصل مرشحه إلى الندوة البرلمانية، وهذا سيمثّل انقلاباً بحد ذاته.

لم يكن في امكان أي شخص توقع أن تستطيع القوات تشكيل لائحة في بعلبك- الهرمل، تضمّ أشخاصاً من آل شمص وياغي والمصري وغيرهم. هذه أيضاً مثّلت تجاوزاً للخطوط الحمر، خصوصاً بعد الموقف التصعيدي الذي اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بأن من ينتخب لائحة المعارضة يعني أنه يؤيد داعش والنصرة. لكن هذا الموقف استدعى ردّة فعل سلبية في الشارع البقاعي. أضيف إليها كلام جعجع بأنه جاهز بكل ما يستطيع لخوض هذه المعركة.

وسط هذه الحماوة التي تعيشها المنطقة، أوقف الجوهري لدى الأمن العام خلال إنجازه معاملة رسمية، الخميس في 22 آذار 2018. تم إيقافه بالاستناد إلى مذكرة توقيف وجاهية صدرت بحقه في 12 شباط 2018. ثمة من يشكك في الأمر. ففي الرابع من آذار حصل على سجل عدلي نظيف، ولا حكم عليه، وقدّم ترشيحه للانتخابات النيابية. فكيف يحصل على هذا السجل ولم يتم توقيفه في حينها؟ يعتبر مقربون منه أن توقيفه يندرج في إطار الضغط، واستغلال ثغرة معينة، لايصال رسالة إلى معارضي حزب الله، وخصوصاً في تلك الدائرة، من المضي في خياراتهم. وتحمل الرسالة تخويفاً للناخبين، حول ما سيواجهونه في حال أيّدوا قوى الاعتراض. في المقابل، ثمة من يعتبر أنه يوم حصل الجوهري على سجله العدلي لم تكن مذكرة التوقيف قد عممت، ولذلك لم يتم توقيفه.

ويستغرب المقربون من الجوهري سبب إصدار مذكرة التوقيف بشكل غيابي، ولماذا لم يتم استدعاؤه إلى المحكمة ومحاكمته وجاهياً. حتى الآن، لم تظهر تجليات الملف، فيما التوقيف حصل بسبب جرم مخدرات، وفق ما تقول المصادر. لكن المقربين من الجوهري يعتبرون أن الملف مفبرك، وكانت هناك شبهة لا علاقة للجوهري بها، وانتهت منذ سنوات، لكن إعادة ايحائها حالياً، يندرج في سياق الصراع الانتخابي، وقمع كل المعارضين لحزب الله، خصوصاً أن الجوهري كان يستعد للانسحاب من الانتخابات، لتسهيل جمع اللائحة المعارضة للحزب، والتي تضم القوات والمستقبل ومعارضين شيعة على رأسهم النائب السابق يحيى شمص.

القضية المثارة ضد الجوهري، بحسب المقربين منه، تتعلق في تأجيره شقة لشقيق النائب حسين الموسوي، قبل نحو خمس سنوات، في تعلبايا، وبعد خروج الموسوي من الشقة المؤجرة، تم ضبط كمية من الكبتاغون فيها، وأحيل وقتها الرجلان إلى التحقيق. لكن الجوهري أثبت براءته، واعتبر أن ما تعرّض له في حينه، فخ نصبه حزب الله، خصوصاً أن الموسوي متهم بتصنيع الكبتاغون. ويضع المقربون من الجوهري والشيعة المعارضين، إحياء هذا الملف، لعبة جديدة، لأجل التأثير على مجريات المعركة الانتخابية، وقمع كل معارضيه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها