الثلاثاء 2018/01/16

آخر تحديث: 17:11 (بيروت)

هكذا "يُعاقب" الأستاذ النقابي المعارض

الثلاثاء 2018/01/16
هكذا "يُعاقب" الأستاذ النقابي المعارض
وزير التربية لديه سلطة استنسابية بمعاقبة أستاذ دون الإستماع إليه (المدن)
increase حجم الخط decrease

لم يكن يوسف كلوت، أستاذ ومنسق مادة العلوم الاجتماعية في ثانوية حسين علي ناصر الرسمية، في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، يعلم بأن موقعه النقابي المعارض لأحزاب السلطة، في رابطة أساتذة التعليم الثانوي، سيوصله إلى تلقّي عقوبات صادرة عن وزير التربية مروان حمادة، بالاستناد- فقط- إلى تقرير من مدير الثانوية المدعوم من أحد أحزاب السلطة.

سبب التأنيب هو "اخلال السيد يوسف كلوت بواجباته وتعديه على صلاحيات مدير الثانوية وعدم احترام سلطته. ما يؤثر سلباً على سير العمل في الثانوية. بالإضافة إلى نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي وتصريحاته التي تسيء إلى سمعة الثانوية ومديرها"، وفق ما جاء في قرار نقله من الثانوية، بتاريخ 10 تشرين الثاني 2017، والمستند بحسب القرار إلى كتب مدير الثانوية زين سباعي.

أما تعدي كلوت على صلاحيات المدير، والأسباب التي ذكرها سباعي، فليست إلا اعتراض كلوت على "توزيع الصفوف والشعب على الأساتذة دون استشارتي كمنسق وأستاذ ملاك وحيد للمادة في الثانوية. وقد أُخذ مني شعبة صف الثالث ثانوي، فرع الاجتماع والإقتصاد) وتم إسناد تدريسها إلى زميلة رسبت في امتحانات مجلس الخدمة المدنية التي جرت أخيراً"، وفق كلوت، الذي لفت في حديث إلى "المدن" إلى أن اعتراضه جاء على خلفية "الحرص على موقع أستاذ الملاك في التعليم الثانوي الرسمي وحرصاً على موقع ودور المنسق المهني".

وفي النتيجة، استند وزير التربية إلى كتب المدير، وأصدر قراراً بتنبيه كلوت بتاريخ 5 تشرين الأول 2017، ثم تأنيبه، في اليوم التالي. بالإضافة إلى حسم يوم تأديبي من الراتب. وقد تبلغ كلوت بالقرار بتاريخ 11 تشرين الأول. وجرى ذلك دون استدعائه إلى الوزارة والاستماع إليه.

قرارات الوزير التي تندرج ضمن عقوبات الدرجة الأولى، تعني حرمان كلوت من الترشح لمنصب مدير الثانوية، بعد تقاعد سباعي في آذار 2018، وهو أحد الأسباب الرئيسية لاصدار العقوبة، إلى جانب النشاط النقابي المعارِض.

كلوت طلب نقله من الثانوية، لأنه "لم يعد يمكن لي ممارسة التدريس كما يجب، في الثانوية، بعد كل ما حصل". إلاّ أن النقل لم يحصل بطريقة طبيعية، بل جاء بخلفية تأديبية. ما يرتّب تداعيات سلبية على مسيرة كلوت المهنية.

تجدر الإشارة إلى أن كلوت حاول لقاء المعنيين في الوزارة، من الوزير إلى مديرة التعليم الثانوي، لكن النتيجة كانت سلبية. حتى أن لقاءه مع "الموظف المعني بتوزيع الأساتذة في المنطقة المعنية التي تقع ضمن صلاحيات موظفة أخرى معنية بالتحقيقات، وكلاهما محسوب على الجهة السياسية النافذة في الثانوية"، لم يكن إيجابياً.

عليه، اجتمع النفوذ السياسي مع القصور التشريعي في قضية كلوت، لتصب النتيجة لمصلحة قوى الأمر الواقع التي تمسك بالشارع والمؤسسات العامة، وصولاً إلى الوزارات. فالنفوذ السياسي لا يريد حالات نقابية اعتراضية، والقصور التشريعي، إذا سلّمنا بأن التشريع نفسه لا يخضع للنفوذ السياسي، يعطي الوزير حق تأديب موظف دون الاستماع إليه، بناءً على تقرير مسؤول أعلى رتبة منه، دون الأخذ بعين الاعتبار امكانية تجاوز المسؤول لحدود السلطة، وامكانية التشفّي نتيجة مشاكل شخصية أو سياسية مع الموظف.

حتى إيجاد حل لصلاحيات الوزير الاستنسابية، يبقى أمام كلوت ونظرائه في المؤسسات العامة، "تقديم طلب إعادة نظر بقرار الوزير، أو تقديم شكوى للتفتيش التربوي، أو الطعن بقرار الوزير أمام مجلس شورى الدولة"، وفق مصادر في التفتيش التربوي. مع التأكيد أن "قضية كلوت لم تصل بعد إلى التفتيش التربوي بشكل اداري رسمي. ولو وصلت، لجرى الاستماع إلى طرفي القضية. فالتفتيش لا يتّخذ أي قرار بمعاقبة أستاذ دون اعطائه حق الدفاع عن نفسه".

الطرق القانونية الثلاث ستكون متاحة أمام كلوت الذي يؤكد أن "ملف الاعتراض أصبح جاهزاً. وسأتابع القضية حتى النهاية، فهي ليست قضية شخص واحد، إنما قضية الأساتذة والموظفين كافة، الذين يرزحون تحت معادلة: إما الطاعة أو مواجهتك بسلطة فرعونية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها