الإثنين 2017/09/25

آخر تحديث: 06:32 (بيروت)

المستقبل ينتفض

الإثنين 2017/09/25
المستقبل ينتفض
المشنوق ينسّق مع الحريري (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

اختار تيار المستقبل تفجير أكثر من قنبلة سياسية في توقيت واحد. ليست المرّة الأولى التي يختار المستقبل فيها رفع السقف ضد تطبيع العلاقات مع النظام السوري، لكن هذه المرّة الردّ جاء تصعيدياً في الكلام، ومقروناً بالفعل. ففي الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن لقاء وزير الخارجية جبران باسيل ووزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، هو اعتداء سياسي على رئيس الحكومة، وسنرد عليه بكل الوسائل، كان المشنوق، يبلغ القصر الجمهوري اعتذاره عن المشاركة في الوفد الرسمي الذي يرافق الرئيس ميشال عون إلى فرنسا. مع العلم أن كل الترتيبات كانت قد أنجزت، لمشاركة المشنوق في هذه الزيارة.

لا شك في أن موقف المشنوق وخطوته منسّقان مع الرئيس سعد الحريري، وفق ما تؤكد مصادر مطّلعة في تيار المستقبل. وهو الردّ الأول على اللقاء بين باسيل والمعلّم، لأنه يخالف توجهات الحكومة وبيانها الوزاري، ولأنه محاولة لممارسة مزيد من الضغط على الحريري ورؤيته السياسية. بالتالي، فإن المستقبل يريد الانتفاض للرد على ذلك. وهذا ما قد يستتبع بمواقف سياسية أخرى، ستنتقل بالبلد إلى سجال ومواجهة جديدة، وفق ما يعتبر المستقبليون.

في المقابل، هناك من يخفف من وطأة هذا الحدث، إذ يعتبرون أن المستقبل أصبح معروفاً في سياساته، ولا يقدم إلا على المواقف الكلامية، فيما لن يكون له أي تأثير على المجريات السياسية. والدليل هو زيارة الوزراء إلى سوريا من قبل، فيما لم تستطع الحكومة منعهم من ذلك. إلا أن لدى المستقبل نظرة واحدة وثابتة، هي ضرورة الحفاظ على الحكومة والاستقرار، واتخاذ المواقف المعارضة لفرض أي شروط لا تتلاءم مع توجهاته. بالتالي، هو يتخذ المواقف التي يراها مناسبة، وإن كانت تندرج في سياق تسجيل الموقف، لأن ليس المطلوب هو تفجير الوضع في البلد.

ليس معلوماً إذا ما كان الموقف المستقبلي التصعيدي سيُستتبع بمواقف أخرى، لكن الأكيد أنه رسالة بالغة عن اهتزاز الإنسجام بين أركان التسوية، بشأن السياسة الخارجية للعهد، رغم الأجواء التي تشير إلى التفاهم على كل الشؤون التفصيلية الداخلية. فيما هناك من يعتبر أن المستقبل يجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ هذه المواقف الشعبوية، خصوصاً على أبواب الانتخابات. وهي لن تتطور أكثر من ذلك، ولن يكون لها أي تأثير سياسي يذكر.

يتقن المشنوق توقيت الرسائل وكيفية توجيهها وربطها بملفات أخرى، فتزامناً مع التصعيد ضد اللقاء بين باسيل والمعلم والاعتذار عن المشاركة في الزيارة الفرنسية، فجّر المشنوق قنبلة أخرى، تتعلّق بالانتخابات النيابية، إذ أكد أن الانتخابات ستحصل في موعدها، وبدون البطاقة البيومترية، ومع التسجيل المسبق للناخبين الذين يريدون الاقتراع في مكان سكنهم لا في مسقط رأسهم. وهذا الموقف يعتبر تطوراً لافتاً في هذا الملف، إذ إن الخلاف كان يتركز على سرعة إنجاز البطاقات البيومترية، والتسجيل المسبق، وكان المستقبل يتمسك بالنقطتين معاً.

وكان المشنوق قد اعتبر قبل أيام، أن هناك صعوبة في إنجاز البطاقات الممغنطة، بسبب ضيق الوقت وعدم التوافق السياسي، ومن خلال الإعلان عن التخلّي عنها، فهو ردّ مباشر على كل الاتهامات التي طاولت المستقبل، بأنه لا يريد الانتخابات، وبأنه عمل على تلزيم إنجاز البطاقات الممغنطة لإحدى الشركات بالتراضي. بالتالي، أراد الردّ في هذا المجال، بالتخلّي عن البطاقات. لكن، هذا سيفتح سجالات جديدة في البلد، خصوصاً أن تأجيل الانتخابات إلى أيار العام 2018، كان بذريعة الوقت الذي يحتاج إليه إعداد البطاقات الممغنطة، أما وقد تم التخلّي عنها فثمة من سيخرج ليؤيد موقف الرئيس نبيه بري بتقريب موعد الانتخاب. ولكن، بمعزل عن الدخول في تفاصيل مقاربة هذه المواقف وإن كانت ستصل إلى نتيجة أم لا، فإن المستقبل من خلال ذلك، يريد القول إنه ينتقل من وضع سياسي إلى وضع مختلف، في الأقل على صعيد المواقف، بانتظار تفاهمات خارجية، قد تؤدي إلى تغيير الوجهة أو الابقاء عليها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها