الثلاثاء 2017/09/19

آخر تحديث: 09:34 (بيروت)

الهوية البيومترية الجديدة.. الأغلى؟

الثلاثاء 2017/09/19
الهوية البيومترية الجديدة.. الأغلى؟
تتيح البطاقة إمكانيّة حفظ بيانات خاصّة مثل بصمتي العين واليد (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

مع إقرار مجلس الوزراء، الأحد في 17 أيلول، تطوير بطاقة الهويّة لتصبح بيومتريّة يمكن استعمالها في الانتخابات المقبلة، تتوالى الأسئلة بشأن طبيعة هذه البطاقة ومزاياها، وكلفتها مقارنةً ببطاقات مماثلة في دول أخرى. مع العلم أنّ مجلس الوزراء أقرّ إصدارها عبر تلزيم بالتراضي لمصلحة شركة "ساجيم"، بكلفة 40 مليون دولار، أي نحو ثلث كلفة العمليّة الانتخابيّة برمّتها، التي ستبلغ 133 مليون دولار.

مزايا التعريف من خلال البطاقة البيومتريّة
يتم تسويق البطاقة البيومتريّة في صيغتها الحاليّة على أنها الخطوة الأولى في اتجاه مكننة بيانات العمليّة الانتخابيّة، لتمكين الناخب من الإدلاء بصوته في مكان إقامته. فالبطاقة ستتيح حفظ البيانات الشخصيّة للناخب بشكل ممغنط. ما يعني إمكانيّة قراءة هذه البيانات إلكترونيّاً عبر أجهزة متصلة بقاعدة بيانات الناخبين في الدوائر المختلفة.

ومن ناحية أخرى، تتيح البطاقة إمكانيّة حفظ بيانات خاصّة مثل بصمتي العين واليد. ما سيحول دون تزويرها. وتكتسب هذه الميزة أهميّة خاصّة، نظراً لتكرار الحديث عند كل انتخابات عن حالات التصويت بالنيابة عن متوفّين أو مقيمين خارج الأراضي اللبنانيّة.

وبما أنّ البطاقة سيتم اعتمادها كبطاقة هويّة لا بطاقة انتخابية ممغنطة فحسب، فسيسمح هذا الأمر لاحقاً باستعمالها لأغراض التعريف الشخصي بشكل أدق من خلال قراءتها إلكترونيّاً، سواءً أكان في المعاملات والدوائر الرسميّة أم في المؤسسات الخاصّة مثل المصارف.

شبهات عقد التلزيم بالتراضي
وفي أي حال، فإن الانتقادات الأساسيّة للبطاقة تتركّز على طريقة التلزيم لعقد إصدار البطاقة بالتراضي، ومن دون أي مناقصة، لمصلحة الشركة نفسها التي تتعاقد معها الدولة لإصدار بطاقات الهويّة وإدارة بياناتها منذ العام 1997. فإصدار بطاقات هويّة دائمة بالمواصفات والكلفة هاتين مسألة تتجاوز إدارة العمليّة الانتخابيّة المقبلة، وكان يجب أن تمر بمناقصة شفّافة تضمن للدولة العرض الأفضل.

ويمكن أن يظهر الغبن الذي تعرّضت له الدولة في هذا العقد من خلال مقارنة الكلفة التي ستتحملها الدولة اللبنانية في البطاقة الواحدة بغيرها من الدول. إذ من المفترض أن تغطّي كلفة الـ40 مليون دولار إصدار نحو 3.8 مليون بطاقة هويّة، أي نحو 10.52 دولاراً للبطاقة الواحدة.

في المقابل، تكلّفت السينغال مثلاً مبلغ 83 مليون دولار لإصدار 10 مليون بطاقة مماثلة من خلال شركة أيريس، أي بمعدّل 8.3 دولار للبطاقة الواحدة. وفي حالة بنغلادش، تمكّنت الدولة من توقيع عقد بقيمة 102 مليون دولار لإصدار 90 مليون بطاقة هويّة بمواصفات مشابهة، مع شركة اوبرتور الفرنسيّة، أي بكلفة نحو 1.13 دولاراً للبطاقة الواحدة.

بالتالي، يدفع لبنان في هذه الحالة ما يزيد عن الثمن في حالة السينغال بمعدّل 2.22 دولاراً للبطاقة الواحدة، وما يزيد عن الثمن في حالة بنغلادش بمعدّل 9.39 دولاراً.

أسئلة الخصوصيّة
تطرح عمليّة جمع هذا الكم من المعلومات عبر البطاقات الممغنطة أسئلة جديّة بشأن أمن هذه المعلومات، وحماية خصوصيّة حاملي هذه البطاقات. ففي غياب قانون خاص لحماية الخصوصيّة وأمن المعلومات، تبرز أسئلة جديّة عن مصير هذه الكميّة الكبيرة من البيانات التي ستتعلّق بـ3.8 مليون لبناني مدعوين لتجديد هويّاتهم واستعمالها الكترونيّاً في مناسبات مختلفة. وتم طرح أسئلة مشابهة عند إصدار جوازات السفر البيومتريّة التي تستعمل تقنيّات مشابهة.

وفي غياب الأجوبة الشافية، تبرز مشكلة تسرّع الحكومة في إقرار مسألة حسّاسة مثل اعتماد هذا النوع من الهويّات بهذا الشكل، وهي مسألة تعود بشكل أساسي إلى ربط هذه الخطوة بالانتخابات المقبلة، منذ أن تمّ التحوّل المفاجئ من بطاقة انتخاب ممغنطة إلى بطاقة الهويّة البيومتريّة!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها