الأربعاء 2017/07/26

آخر تحديث: 00:29 (بيروت)

نفايات طرابلس: رائحة صفقة سرية تحاصر البلدية

الأربعاء 2017/07/26
نفايات طرابلس: رائحة صفقة سرية تحاصر البلدية
الحلّ يبدأ بفتح باب المناقصة والتلزيم من جديد (جنى الدهيبي)
increase حجم الخط decrease

لا تلبث أن تخرج بلدية طرابلس من فضيحةٍ، إلّا وتدخل في أخرى. وآخر الفصول، كانت اكتشاف اعضاء المجلس البلدي أن رئيس البلدية أحمد قمرالدين اتخذ قراراً سريّاً مع اعضاء اتحاد بلديات الفيحاء يحمل الرقم 123، بتاريخ 1/6/2017، يقضي بالتجديد لشركة لافاجيت لمدة 3 سنوات حتّى العام 2020، من دون الرجوع إلى الاعضاء، الذين سبق أن قدموا شكاوى اعتراضاً على أداء لافاجيت، "التي تكاد تحول طرابلس إلى أوسخ مدينة في لبنان"، وفق تعبير عضو المجلس البلدي الدكتور باسم بخاش.

وفي حديث إلى "المدن"، يشرح بخاش تفاصيل ما سماه "الكارثة البلدية الجديدة"، التي دفعته إلى دعوة زملائه إلى تقديم استقالاتٍ جماعية. فـ"منذ أن استلمنا ولاية المجلس البلدية قبل أكثر من عام، كان موضوع النظافة بنداً أساسياً على جدول أعمالنا. وشكّلنا دائرة النظافة لمتابعة الملف بعد تفاقم أزمة النفايات في شوارع طرابلس. وفيما أن لافاجيت تتولى مهمة التنظيف، تملك البلدية جهاز مراقبة مؤلفاً من 14 عاملاً، موزعين على شوارع طرابلس ومخولين بمراقبة النظافة وعمل لافجيت، ورفع تقارير يومية إلى المجلس البلدي. لكنهم فعلياً، رغم المطالبة بتعيين بدائل منهم، لا يقومون بأيّ عمل، إنما يتقاضون أجورهم شهرياً إلى جانب أعمالهم الخاصة".

قبل أشهر، رفعت لجنة النظافة كتاباً رسميّاً إلى قمرالدين تطلب فيه الحصول على نسخةٍ من عقد البلدية مع شركة لافاجيت، "لكنه رفض". إلّا "أننا استطعنا الحصول على نسخة مسربة من اتحاد بلديات الفيحاء، واكتشفنا فيها أن ثمّة بنوداً لا تلتزم الشركة بها، ولو طبقتها لتغيّر شكل المدينة. ومن بين هذه البنود، زياة عدد العمال، تأمين أعداد إضافية من المكبات والمستوعبات عندما تقتصي الحاجة، الرشّ بالكلس، تنظيف الجدران وإزالة الإعلانات أسبوعيّاً. وعندما حاولنا الاستفسار من قمرالدين، قابلنا بالتسويف وتمييع الموضوع، فما كان من اللجنة إلا أن أعلنت استسلامها لنهج اللامبالاة"، يضيف بخّاش.

أين المناقصات؟
في الواقع، علاقة شركة لافاجيت هي مع اتحاد بلديات الفيحاء، الذي يضم 4 بلديات هي: الميناء، القلمون، البداوي وطرابلس التي تشكل نحو 80% من إجمالي الاتحاد. ما يعني أن التلزيم وتوقيع العقد يجري مباشرةً بين الشركة والاتحاد الذي يرأسه قمرالدين. لكن، ما فجّر الأزمة بين قمرالدين وأعضاء البلدية، هو أنّ المجلس البلدي اجتمع مرتيّن مع ممثلين عن شركة لافاجيت في مبنى البلدية، الذين جاءوا لعرض خطّتهم لجمع النفايات وتنظيف طرابلس. غير "أننا قابلناها بالرفض الكليّ، لأنّها خياليّة وتناسب الدول الأوروبيّة ولا تتماشى مع واقع المدينة. إذ طالبوا بمعدات ضخمة مقابل مبالغ طائلة يستحيل العمل بها في طرابلس، بينما الخطّة تحتاج إلى تحسين سير العمل وزيادة عدد العمال". يضيف بخاش: "أمّا قمرالدين، فلم يخبرنا مضمون اتفاقه السري مع لافجيت، رغم إلحاحنا المستمر في متابعة القضيّة".

من جهتها، ترفع لافجيت اللوم عن نفسها. فالاتحاد لا يؤمن لها التجهيزات والأمور اللوجستيّة، بحجة التمديد لها وأنه من الممكن الفصل معها في أيّ وقت. أضف إلى ذلك، أنّ لافجيت تعلّق عجزها عن حلّ أزمة النفايات المتكدّسة في طرابلس بأن ميزانيّتها لم تعد تحتمل تضاعف نسبة النفايات، بفعل التوسّع الجغرافي والتضخم السكاني ونزوح اللاجئين السوريين. وقد زاد الانتاج اليومي للنفايات في المدينة من 300 طنّ إلى 450 طناً يوميّاً.

لكن الغريب، هو صمتُ لافاجيت حيال عدم تأمين مستلزماتها من جهة، واستمرار الاتحاد بالمماطلة في هذا الملف إلى جانب سعيه إلى توقيع عقدٍ جديدٍ مع لافاجيت. ويسأل بخّاش: ألا يعني ذلك أن ترسيخ استمرارية لافاجيت هو لأنّ الجميع "ربحان"، وأن هناك أموالاً تُدفع هنا وهناك؟ ولماذا الاتفاق سريّاً ما دام محتواه جيّداً ولا تشوبه رائحة الفساد؟

حلول تصعيديّة
فيما تشير معلومات لـ"المدن" إلى أن اللواء أشرف ريفي يتحدث في مجالس خاصة عن ندمه في اختيار قمرالدين رئيساً للبلدية، بسبب خيبات الأمل من الفشل الذريع الذي أصيب به المجلس، يستغرب قمرالدين في اتصالٍ مع "المدن" هذا الهجوم عليه. ويكتفي بالقول: "لا يزال قرارنا بالتوقيع مع لافاجيت مبدئيّاً. إذ ننتظر خطّة جديدة ستقدمها الشركة ونحضر لدفتر شروطٍ جديد، سنطلع أعضاء المجلس على تفاصيله".

وبعد 3 محاولات منذ العام 2006 باءت بالفشل في تلزيم شركات جديدة للعمل مكان لافاجيت، يجد بخاش أنّ الحلّ يبدأ بفتح باب المناقصة والتلزيم من جديد. فـ"لافاجيت لا تلتزم بالحدّ الأدنى المطلوب من عملها، بينما تتقاضى من الاتحاد شهريّاً أكثر من 900 ألف دولار، وهو مبلغٌ وافٍ للقيام بمهماتها".

وكان من المفترض أن يعقد المجلس اجتماعاً، الأربعاء في 26 تموز، لتسيير بعض البنود. "لكننا لن نحضره ولن نسيّر أيّ بند، قبل الاتفاق على حلٍ مع لافاجيت، وقبل مساءلة قمرالدين عن تصرفاته واستخفافه باعضاء المجلس. كما نعمل على تحركٍ شعبيّ واسع بالتنسيق مع هيئات المجتمع المدني من أجل الضغط وحلّ أزمة النفايات".

عليه، "إننا أمام 3 حلول يدرسها أعضاء المجلس:
- إمّا أن نضغط على قمرالدين لتصويب عمله نحو التغيير. وقد يئسنا من المحاولة في هذا المجال، (وهذا لسان حال أكثر من 20 عضواً، يئسوا من استئثاره وتفرده بالسلطة).
- أو نسعى للضغط عليه بعد انسداد سبل الحلول لدفعه نحو تقديم استقالته.
- وإمّا أن نقدّم استقالات جماعيّة، لكن أغلب الأعضاء المعترضين على أداء قمرالدين، لا يُحبذون هذا الخيار، الذي سيفرط المجلس ويضعه في يد المحافظ. فبلدية سيئة، أفضل من عدم وجود بلدية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها