الجمعة 2017/07/21

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

الجمعيات الوهمية.. مزراب فساد آخر

الجمعة 2017/07/21
الجمعيات الوهمية.. مزراب فساد آخر
وزارة الشؤون الاجتماعية تُعد ممرّاً رسمياً لتغطية تمويل الجمعيات الوهمية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

صوّب رئيس الجمهورية ميشال عون على الجمعيات الوهمية التي تتقاضى مساعدات من الدولة، وذلك في إطار حديثه عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وأفضلية إقرار الموازنة العامة قبلها، بهدف "تحديد المداخيل والنفقات، وعلى ضوء ذلك تحدد حاجاتنا المالية"، داعياً إلى "تحسين الإيرادات المالية للدولة ومن ضمنها التشدّد في تطبيق القانون الخاص بمنع التهرّب الضريبي".

كلام عون عن محاربة الجمعيات الوهمية والتدقيق في أوضاعها، يصب في خانة وقف هدر المال العام. غير أن وقف هذا الهدر يعني الإقتراب من "المحميات السياسية". وتلك المحميات، "لا يمكن التعرض لها، وأموالها تصل إليها عبر وزارة الشؤون الاجتماعية التي تعتبر كممر ليس إلا"، وفق ما تقول مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية لـ"المدن".

وهذه الأموال هي عبارة عن "دعم من الجهات السياسية، سيُعطى لا محال، ومن دون أي إعتراض، كمكرمات سياسية تنطلق من وزارة المال، ضمن موازنة وزارة الشؤون، لتتفرع عبر باب المساعدات، وتذهب إلى الجمعيات". مع الإشارة إلى أن الوزارة "تعطي أموالاً لجمعيات تعمل بجد، ولا تصنف ضمن الجمعيات الوهمية، لأن عملها واضح".

وعن إمكانية التمييز بين الجمعيات الوهمية وغير الوهمية، تؤكد المصادر أن "الوزارة لا يمكنها التمييز. فعلى المستوى المالي عليها أن تعطي كل الجمعيات التي تتعامل معها، وأي مس بالأموال يعتبر مسّاً بالمرجعيات السياسية". وعن حديث السياسيين عن محاربة تلك الجمعيات، ترى المصادر أن مثل هذا الحديث "ليس سوى عرض بطولات، وتغيير هذا الواقع يحتاج إلى قرار سياسي".

الجمعيات الوهمية تندرج ضمن عدد الجمعيات المسجل في وزارة الداخلية تحت علم وخبر، وليس ترخيصاً. ومن بين العدد الذي يفوق 7 آلاف جمعية، لا يمكن للداخلية أن تقرر إن كانت الجمعية وهمية أم لا. فـ"التمييز يكون وفق العمل على الأرض وليس الوضع القانوني"، كما يقول وزير الداخلية السابق زياد بارود، الذي يشير في حديث إلى "المدن" إلى أن "دور وزارة الداخلية يتلخص بالجانب القانوني. أما العمل الفعلي، فلا يمكن للوزارة أن تحدده. والوزارة يمكنها محاسبة الجمعية التي لا تقدم سنوياً أوراقها الرسمية المطلوبة، وهي تعاقب بالإستناد إلى هذا الجانب، وليس عملها، الذي يقع على عاتق الجهات الرقابية الأخرى التي تعمل على تماس مباشر معها، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية".

عدم إمكانية التمييز بين الجمعيات الوهمية وغير الوهمية، من جانب تقني وقانوني، يُعتبر المخرج الأساسي الذي يضمن إستمرار عمل الجمعيات الوهمية، لأن القانون يُلزم الجمعيات بتقديم علم وخبر لوزارة الداخلية عند تأسيسها، وبعد ذلك، لا يمكن حصر شروط عمل الجمعيات، والمواصفات التي يجب أن تتمتع بها لإعتبارها وهمية أو غير وهمية. وبوجود الجمعيات الحزبية، يصبح من المستحيل التمييز بين الجمعيات التي تعمل لمصالح فئوية، وتلك العاملة للمصلحة العامة. وهذه الضبابية، تساعد على تمويل الجمعيات الوهمية من خزينة الدولة، على شكل مساعدات.

وهدر المال العام في إطار مساعدة الجمعيات الوهمية، تقول المصادر، يستدعي تحديد ماهيّة الجمعية الوهمية. فهناك جمعيات تُعتبر غير وهمية، بمعنى أنها تمارس أعمالاً ملموسة، ولديها حضور في المجتمع، لكنها تستفيد من إستنسابية حزبية وسياسية ودينية، لجهة تلقي المساعدات من الأشخاص أو المؤسسات، أو حتى البلديات، لأن لديها صلاحية دفع مساعدات للجمعيات والأندية العاملة ضمن نطاقها، وبصورة إستنسابية. ما يعطيها الحق في مساعدة جمعيات دون أخرى، وفق ما تراه مناسباً، وبغض النظر عن نوع ومستوى عمل الجمعيات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها