الجمعة 2017/07/21

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

اصفع سورياً تدخل الجنة

الجمعة 2017/07/21
اصفع سورياً تدخل الجنة
لست أول من صفع ضعيفاً، ولن تكون الأخير (Getty)
increase حجم الخط decrease

اقبض عليه متبلساً بضعفه وغربته وقلة حيلته. اقبض عليه متلبساً بخوفه على أطفاله وعجزه عن الفرار بهم من هذا البلد الآسن. اقبض عليه متلبساً بوحدته وكن كثراً، فليس من شيمك الشجاعة. اقبض عليه متلبساً بالليل فليس من شيمك الوضوح، واصفعه على وجهه، تدخل الجنة.

أنت بحاجة إلى هذا الجسد المتروك النحيل لتنفس فيه حقدك، فاصفع ما استطعت. أنت بحاجة لأن تتشظى عنفاً، فانفجر في هذا المقطوع السبيل. انفجر فيه. تفجر. بدد على جلده غضب عقود من كرهك لنفسك وجارك وحيك ومدرسة ابنك وابنتك ومختار محلتك وطبيبك ومشفاك ودكانك ورب عملك وفاتورة كهربائك وزعيم طائفتك وزعيم طائفة عدوك وبلدك الملتبس عليك هوية وانتماء وأرزة وعلماً وتمييزاً وعنصرية.

فجر فيه كل ما يعتمل في صدرك من أسئلة عن النهاية المبهمة لحربك الأهلية التي وحدتك وخصمك في الهزيمة. فجر فيه كل خوفك من حاضرك ومن مستقبلك. فجر فيه روحك التي تراها رخيصة وبلا وزن ومعنى. انتقم منه ما دمت عاجزاً عن الانتقام من واقعك الجبار اللئيم، الذي يسحقك بلا رحمة، الذي يعاملك كصرصار. اصفع. اصفع. وهذه شتيمتك تخترق عينيه كسهم من نار لتتشفى من دكتاتور خالد ميت ساوى بينكما في الظلم حتى صرتما، لبنانياً وسورياً، ضحية واحدة في بلدين. اضرب ضحيته تنتقم منه حيث هو في عدمه. اضرب ضحيته ليضحك في قبره.

اصفع، وسيحفر التاريخ على صخور نهر الكلب صفعتك. أنت اللبناني، أنت الحرف وأنت المثل وأنت المثال. اللبناني النموذج. البطل الذي يتلطى بالعتمة لكي لا يُرى له وجه. المقاوم الذي يستعين بالجماعة لكي يستفرد بفريسة وينهشها. اللبناني المبدع الذي له أخلاق الضباع. اصفعه. لن تكون مشاعره أغلى عليك من مشاعر أبناء جلدتك الذين يموتون كل يوم برصاص الابتهاج الطائش والعنف الذي يكمن عند مفارق الطرق وفي غرف النوم وفي أروقة المستشفيات. اصفعه وتخيل أنه اللبناني الآخر يسدد لك ديناً عليه وقد تأخر عن موعده أكثر من سبعة وعشرين سنة. جدد فيه حربك وادع أنك تحرس أرزتك وعرضك وطائفتك. اسحقه ما دمت قادراً على سحقه. أذله ما استطعت ولن يجيد، تحت وقع قبضتك أن يصرخ فيك هيهات منا الذلة. فهو وإن كان يعرف الهتاف فلن يستطيعه بعدما رميت عليه من جديد كل أسباب فراره من بلده.

اصفعه، لست أول من صفع ضعيفاً، ولن تكون الأخير. اصفعه تدخل جنة العنصرية بطلاً من هذا الزمان. اصفعه واهبط إلى حضيضك، ولست وحيداً في هذا الحضيض. معك يذهب بلد برمته. اقتحم عراءه بعرائك وعرِّ لبنان من النفاق والتكاذب والدجل. كن كما أنت وحشاً كاسراً في البرية، ولكن كما هو، فريسة مستسلمة طرية العنق. انزع هذه الغلالة الرقيقة من التحضر عن هذا البلد واكشف عن أصله الغابة. عن أصله المستنقع. عن أصله الوحل.

اصفع سورياً تدخل الجنة. اشتمه واكسره نصفين واصلبه واقطع رأسه، واركله على خده الأيمن ولن يكون له إلا أن يدير لك الأيسر لتركله عليه. هو مسيحك يحمل عنك خطاياك، هو حسينك ينتصر بدمه على سيفك. هو أنت في المرآة فانتقم من مرآتك. اصفعها. حطمها كي لا ترى فيها وجه يهوذا ولا ترى وجه الشمر اللعين. حطمها كي لا ترى وجهك.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها