السبت 2017/07/01

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

جيش لحد سوري

السبت 2017/07/01
جيش لحد سوري
أنشأ الجيش الإسرائيلي وحدة اتصال لتحسين التنسيق مع السكان السوريين (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

على مدى السنوات الخمس الماضية، عملت إسرائيل بهدوء لإقامة موطئ قدم لها في جنوب سوريا لمنع القوات المدعومة من النظام السوري وحزب الله من السيطرة على المنطقة ولدعم مطالبها بالسيادة على مرتفعات الجولان السورية.

إن ما بدأ كعلاقات مؤقتة مع المقيمين على السور الفاصل مع سوريا، في العام 2012، تحول إلى عملية متكاملة ومتعددة الأوجه لها أبعاد عسكرية ولوجستية وسياسية وإنسانية. كأن تجربة تأسيس جيش لبنان الجنوبي وتدريبه، اتبداءً من العام 1976، تتكرر مرة أخرى بعد 40 عاماً. وهذا ما يستنتجه تحقيق نشره موقع نيوز ديبلي المتخصص بالحرب السورية، والذي أجرى مقابلات مع سكان ومسؤولين في المخابرات السورية وأعضاء في المعارضة السورية.

ووفق الموقع، تستخدم إسرائيل اليوم في سوريا تكتيكاً مماثلاً لإنشاء منطقة مراقبة في جنوب لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية. ففي العام 2016، أنشأ الجيش الإسرائيلي وحدة اتصال لتحسين التنسيق مع السكان السوريين. وهذا ما يشمل تسهيل السفر عبر الحدود للمقيمين في إسرائيل، والتسليم المنتظم للأغذية والملابس ومعدات البناء والمواد التعليمية. ويمكن اليوم رؤية الحافلات التي تديرها إسرائيل الآتية من جنوب سوريا وخارجها، حيث تنقل السكان من محافظة القنيطرة التي تسيطر عليها المعارضة إلى إسرائيل. ويأتي معظمهم للعلاج الطبي، في مستشفى زيف في صفد، ومستشفى الجليل الغربي في نهاريا أو رامبام في حيفا. بعض المرضى يمكث لبضعة أيام، لشهر أو ما يصل إلى سنة ونصف، وخلال ذلك الوقت يتم إعطاء الفرصة لهم لتعلم العبرية والتكيف مع محيطهم الجديد.

إذا عدنا إلى التجربة اللبنانية، سنرى أن إسرائيل استغلت الفوضى في لبنان عندما اندلعت الحرب الأهلية في العام 1975، وانشأت شبكة خاصة بها من سكان الجنوب، وبصورة علنية، في إطار ما أطلق عليه الإسرائيليون سياسة الجدار الطيب. وقد شغلت إسرائيل بسهولة الفراغ في المنطقة، ووفرت خدمات متنوعة مستفيدة من عجز الحكومة اللبنانية.

عن هذه المرحلة، يقول أبو عبد الله، أحد سكان جنوب لبنان، الذي نشأ تحت الاحتلال الإسرائيلي، في حديث إلى الموقع، إن "إسرائيل عملت على إنشاء شبكة صديقة لها، عسكرية ومدنية، داخل الجنوب". يضيف أن إسرائيل استغلت المشاعر المضادة للفلسطينيين من السكان المحليين لتثبيت قبضتها. و"راحت ترسل المساعدات الإنسانية والطبية عبر المعبر الحدودي في بوابة فاطمة. ثم أرسلت أسلحة وأسست ميليشيا خاصة بها".

وكما حصل في لبنان، تقوم منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية، مثل أماليا وشيفيت أشيم، بالتنسيق عبر وحدة الاتصال التابعة للجيش الإسرائيلي، بالوصول إلى السكان والمجالس المحلية في نحو 35 قرية، وتوفر لهم خدمات التعليم والمساعدات الطبية والأغذية والملابس. وعن هذا التغلغل الإسرائيلي، يقول قائد في الجبهة الجنوبية المدعومة من الأردن، والذي لديه حضور في المنطقة، إن "الجيش الإسرائيلي يعمل بكثب مع المجتمع المدني على الأرض، وأن جنوده لا يريدون أن يواجهوا مشاكل مع السكان المحليين. لذا، لا يوجد شيء يمكن القيام به".

تتمثل مهمة منظمة أماليا في إنشاء منطقة آمنة في جنوب سوريا، وتوسيع منطقة عملياتها الحالية إلى نحو 17 قرية، لتشمل القنيطرة وجنوب درعا وجزءاً من السويداء، وبدء مبادرات مثل تدريب أجهزة إنفاذ القانون المحلية وبناء المدارس والمستشفيات.

واستناداً إلى تجربتها في لبنان، فإن استراتيجية إسرائيل للسيطرة على القنيطرة لا تنطوي على ارسال القوات على الأرض، بل تملأ الثغرات في الخدمات الأساسية بما يضمن بقاء السكان معتمدين عليها ووديين نحوها. وهذا ما يؤكده أبو أحمد، عضو مجلس محلي مدني للمعارضة داخل مدينة القنيطرة، بقوله للموقع إن ''هناك رجلاً سورياً يُدعى أبو نضال ينسق مع القوات الإسرائيلية ويسهل نقل السكان إلى المنطقة الحدودية، حيث ينقلهم الجيش الإسرائيلي إلى إسرائيل".

ويتحدث مصدر استخباراتي حكومي سوري إلى الموقع، رفض الكشف عن هويته، قائلاً إن اسم أبو نضال الحقيقي هو أحمد الصافوري من قرية نفحة في الجولان ومقره الآن في قرية المعلقة. يضيف أن أبو نضال "يستخدم معبرين إلى إسرائيل، أحدهما في المعلبة والآخر في وادي مريع".

وقد بدأت إسرائيل بالفعل تأسيس ميليشيا تشبه جيش لحد في لبنان. ونقلاً عن مصادر في المعارضة تدعم إسرائيل وتمول اليوم فصيلاً معروفاً باسم فرسان الجولان بقيادة أبو صهيب الجولاني، يعمل في بلدة جباتا الخشب، في القنيطرة، التي تقع في ضمن منطقة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك. ويؤكد مصدر رفيع المستوى في الجبهة الجنوبية أن عددهم اليوم بين 300 و400 مقاتل محلي، ويتلقى هذا الفصيل نحو 50 ألف دولار شهرياً من إسرائيل، وهو يملك أسلحة خفيفة فحسب. لذلك، يتصرف عناصره في الغالب كحراس حدود ودوريات في المنطقة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها