الجمعة 2017/06/09

آخر تحديث: 21:15 (بيروت)

قبل الإعدام: استقلالية القضاء وعدم حماية مرتكبي الجرائم

الجمعة 2017/06/09
قبل الإعدام: استقلالية القضاء وعدم حماية مرتكبي الجرائم
الدعوة التي أطلقها المشنوق غير مبررة من وجهة نظر كثيرين (المدن)
increase حجم الخط decrease

يقول الباحث وليد صليبي في معرض نبذه عقوبة الإعدام: "على الحداد أن يعلن مرتين، لحظة الجريمة ولحظة الإعدام، ففي كلتا الحالتين يتم اغتيال العدالة". هذا الموقف الأخلاقي، قابله في الأيام الماضية موقف نقيض، عند بعض اللبنانيين، على السوشيال ميديا، يدعو إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام في لبنان بسبب حوادث القتل المتكررة والمتنقلة بين منطقة وأخرى في لبنان. وهذا ما دعا إليه وزير الداخلية نهاد المشنوق، الجمعة 9 حزيران، في احتفال العيد 156 لتأسيس المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، عندما تطرق إلى قضية قتل الشاب روي حاموش، على اعتبار أن التفلت العقلي لا رادع له سوى أحكام الإعدام وليس الأحكام القاسية، لأن أحكام القضاء لن تردع هؤلاء، ولأن تفلت السلاح ليس المشكلة الأولى أو الدائمة بل تفلت العقل.

فهل يعد حكم الإعدام الحل الأمثل لردع المجرمين عن القتل؟

هذه الدعوة تظهر كأن تنفيذ عقوبة الإعدام سيكون رادعاً للمجرمين. لكنها في حقيقة الأمر تهدف إلى اخفاء المشكلة الأساسية، التي تكمن في عدم قدرة القضاء على إصدار أحكام رادعة وتنفيذها. والمدخل إلى ذلك يكون، بداية، بمنح القضاء استقلاليته وعدم حماية مرتكبي الجرائم كي لا يشعر أحد أنه فوق القانون فيستسهل القتل، كما حصل في جريمتي قتل جورج الريف وحاموش. هكذا، يكون المدخل لردع المجرمين المحسوبين على أشخاص نافذين، وفق ما يقول لـ"المدن" المحامي نزار صاغية.

ويعتبر صاغية أن هذه الممارسات يمكن أن تشكل أدوات ردع إذا استخدمت بالشكل الصحيح، وبأنه يجب قبل الدعوة إلى تنفيذ أحكام الإعدام تجربة كامل الأدوات، وذلك بغض النظر عن موقفه المبدئي من حكم الإعدام نفسه. إذ إن المشكلة برمتها كان يمكن أن تحل لو أن القضاء يصدر أحكامه من دون أي تدخل. وعن قضايا الثأر التي تحصل بسبب العادات الاجتماعية، والتي تحصل من دون الخوف من عقاب مماثل، يقول صاغية إن القانون يجب أن يتحدد وفقاً للحالات الأكثر رواجاً في المجتمع، وهذه الحالات نسبتها أقل بكثير.

ويجد وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي أنه رغم التعاطف الذي أبداه الجميع والخوف الذي اعترانا بسبب امتهان القتل أخيراً، لن يكون الإعدام علاجاً لهذه المسألة ولن يشكل رادعاً للجريمة، بل هو يعارضه بشدة، من منطلق ديني. إذ لا يفترض بأحد أن ينتزع روح آخر. ويسأل قرطباوي: "ماذا لو حكم على إنسان بالموت وهو بريء؟". والأهم، أن التجارب أثبتت عدم فعالية هذه العقوبة. فنسبة الجريمة في كثير من الولايات الأميركية، التي تطبق حكم الإعدام، أعلى بكثير من فرنسا التي لا تطبقه.

وفي رأي قرطباوي، التخفيف من هذه الجرائم يحدث من خلال أمرين أساسيين: "شن حرب مقدسة من أطياف المجتمع كافة ضد تجار المخدرات، إذ إن المخدرات تفتك بشبابنا ومجتمعنا أكثر مما نتصور؛ ومنع حمل السلاح والغاء رخص الأسلحة والتشدد بالعقوبات، كما الإسراع في المحاكمات".

هذه الدعوة التي أطلقها المشنوق غير مبررة من وجهة نظر كثيرين، وتستغل تعاطف الأغلبية مع ضحايا القتل المستمر. وهي، باعترافه، ستقابل باعتراض جمعيات وديبلوماسيين. فهل مقبول أن يخسر لبنان رصيده في تجميد هذه العقوبة جراء هذا الخطاب؟

والحال أن 13 عاماً مرت وعقوبة الإعدام مجمدة في لبنان، فهل تعاود الدولة اللبنانية تنفيذ أحكام الإعدام قريباً؟ وهل سيكون موقف رئيس الحكومة الحالي شبيهاً بموقف نظيره الأسبق سليم الحص الذي امتنع عن توقيع مرسوم تنفيذ أحكام الإعدام في بداية عهد الرئيس إميل لحود؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها