الخميس 2017/06/22

آخر تحديث: 11:23 (بيروت)

هذا لبنان: فضح المعتدين على عاملات المنازل

الخميس 2017/06/22
هذا لبنان: فضح المعتدين على عاملات المنازل
يعتمد الموقع على نشر نصوص ترسلها عاملات المنازل (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

"انتو المدامات والمسترز تبعنا، المكاتب والسفارات والقنصليات. اخدتولنا باسبوراتنا، ما دفعتولنا، جوعتونا، ضربتونا، اغتصبتونا، منعتونا نحكي ولادنا، حبستونا ببيوتكن ومكاتبكن، استعملتونا متل مكينات هوفر وشغلتونا ببيوت كتيرة وبكذا بيت، نيمتونا عالبلكون وعأرض المطبخ، عيّطّوا علينا، وحتى قتلتونا. توجعنا بصمت ومشّينا كلابكن، ربّينا ولادكن، شطّفنا كباركن بالعمر، ونضّفنا بيوتكن. خلص بقا مش حنبقى ساكتين. اسمعوا!".

تغيّب مثل هذه الممارسات التي تتعرّض لها العاملات الأجنبيات، يومياً، داخل المنازل اللبنانية، عن المشهد الإعلامي اللبناني. ولا يخرج منها إلى العلن سوى جزء ضيئل، مع إلتفات وسائل الإعلام إلى حوادث بحجم قتل أو إنتحار عاملة أجنبية. حتى عند فضح هذه الاعتداءات، يتمّ التكتّم عن هوية المعتدي، الذي يكون غالباً كفيل الضحية، ولا تمضي فترة طويلة قبل أن يفقد الرأي العام اهتمامه بمثل هذه القضايا.

لكن، لوضع حدّ لهذا التعتيم ارتأى الناشط النيبالي ديبندرا أوبريتي إطلاق منتدى إلكترونياً مختصّاً بقضايا العاملات الأجنبيات في لبنان، تحت إسم This Is Lebanon (هذا لبنان). يعرّف اوبريتي الموقع بأنه "مساحة تمكّن عاملات المنازل من مشاركة تجاربهن مع الإنتهاكات". وعلى عكس غيره من وسائل الإعلام، التي تمنح نوعاً من "الحصانة" للمتعدّي بحجب هويته، يصرّ هذا الموقع على تسمية المعتدين بالأسماء ونشر صورهم. إذ يعتبر أوبريتي أن "كشف المعتدين هي الأداة الوحيدة المتوفرة لدينا. ففي دولةٍ تقصى فيها العاملات المنزليات من كلّ قوانين العمل.. الطريقة الوحيدة للتغيير هي التخويف من الإساءة إلى العاملات".

يعتمد الموقع على نشر نصوص ترسلها عاملات المنازل، ويعمل فريق مقيم في لبنان على التحقّق من حيثيات الوقائع. وقد نشر، حتى الآن، 3 مقالات. يتمحور الأول حول جو سمعان، مواطن لبناني ينتحل صفة شرطي، منذ سنواتٍ، بهدف إبتزاز عاملات منازل لا يملكن أوراقاً ثبوتية، فيسرق منهن أموالهن ويعتدي عليهن جنسياً. أمّا الثاني، فهو نص أرسلته أسرة عاملة فيليبينية (حليمة) جاءت للعمل في لبنان، منذ 10 سنوات، وانقطعت أخبارها طيلة هذه الفترة، ليتبيّن لاحقاً أن كفيليها يشغلانها في السخرة حتى اليوم، ويحجبان عنها شتى أنواع التواصل مع أسرتها.

وقد جاء هذان المقالان بنتيجةٍ نافعة، إذ تمّ توقيف سمعان بعد نشر المقال، وإن كانت 3 أجهزة أمنية لبنانية (الأمن العام، قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة) نفت لـ"المدن" علمها بوجوده. وتواصلت السفارة الفيليبينية مع كفلاء حليمة، لمعرفة ما حلّ بها وهي الآن في عهدتها. غير أن الأسرة، بسبب نفوذها، طلبت من السفارة ابقاء حليمة لديها لخدمتها خلال شهر رمضان. أما المقال الثالث فهو قصة جولي ليم، التي عملت لدى أسرة في لبنان، ولفقت لها تهمة سرقة.

ويقول أوبريتي: "فليكن ما حلّ بجو سمعان درساً للآخرين في مجتمعٍ يهتم كثيراً بموضوع السمعة. ورغم أن الموقع يركّز على حوادث الإساءة من قبل الكفيل، لكن أي معتد آخر لن يكون مستثنى أو حصيناً إزاء الفضح". ويشير إلى أن الجمهور الذي يستهدفه الموقع هو "أي شخص مستعدّ للإستماع"، كما يتمنى أن يحظى باهتمام عالمي "إن كان ذلك يعني ممارسة ضغط دولي على الدولة اللبنانية من أجل تأمين العدالة للعاملات المنزليات، إبتداءً من نظام الكفالة الذي يعتبر بمثابة عبودية عصرية".

أوبريتي الذي يقيم في كندا اليوم، كان قد عمل في لبنان لمدّة 14 عاماً في مجال خدمات الضيافة، وتزوج من عاملة منزل نيبالية، ونشطا سوياً في تقديم الدعم للمجتمع النيبالي المقيم في لبنان، عبر رعاية عاملات المنازل المعنفات في المستشفيات والسجون. وفي العام 2012، هاجر الزوجان إلى كندا ليستكملا نضالهما منها. ويقوم أوبريتي بالتنسيق مع فريق من المتطوعين من حول العالم مهتمين مثله بالعمل على مكافحة العبودية العصرية. ويساعده هذا الفريق في التحرير والترجمة. ويقول أوبريتي "أنا أحيا اليوم مع أسرتي في كندا، لكن قلبي مع العاملات المعنفات في لبنان. فأنا لم أتمكن من الهجرة وتناسي كلّ الإساءة التي شهدتها ببساطة. أتمنى أن يحدث هذا الموقع أي تغيير بالنسبة لهن".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها