السبت 2017/06/17

آخر تحديث: 01:56 (بيروت)

أسئلة "مغنطة" الانتخابات وبطاقاتها

السبت 2017/06/17
أسئلة "مغنطة" الانتخابات وبطاقاتها
لا يبدو أن الأهداف المرجوّة والمعلنة من البطاقة الممغنطة واقعيّة (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

"مددنا لمدّة 11 شهراً لأسباب تقنيّة، لأن الانتخابات ستكون على أساس البطاقات الممغنطة". هكذا، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري عن "مغنطة" الانتخابات النيابيّة، مطلقاً موجة كبيرة من التساؤلات عن جدوى هذه الخطوة وضرورتها وكلفتها.

أمّا التلميح عن علاقة البطاقات الممغنطة بصفقة تلزيم جديدة، فلم يعد تلميحاً مع الإعلان الساخر للوزير السابق وئام وهاب عن أن أسرع "إنجاز" للقانون بدأ بتكليف هشام عيتاني تقديم عرض أسعار للبطاقة الممغنطة، متحدّثاً عن 35 مليون دولار كعرض كلفة، بينما ستكلّف البطاقات 5 ملايين دولار، بالحد الأقصى. وعيتاني هو مالك ورئيس مجلس إدارة شركة إنكريبت، صاحبة السجل الطويل في الفوز بتلزيمات رسميّة مشابهة ومثيرة للجدل.

لكن محامي الشركة نبيل معاد نفى بشكل قاطع، في حديث إلى "المدن"، أن تكون الشركة قد قدمت أي عرض لإصدار بطاقات انتخابيّة ممغنطة، بل إنّ الشركة لا تملك أي معلومات عن نوعيّة هذه البطاقات ومزاياها التي يحكى عنها، مؤكداً أن "الأرقام التي تم عرضها غير منطقيّة". ولم يوضح معاد إن كانت الشركة ستتقدم بعرض لإصدار البطاقات عند فتح الباب لذلك.

وبمعزل عن وجود نيّة لتلزيم إنكريبت من عدمها، تبقى الملاحظة الأهم بشأن الجدوى من هذه البطاقات في الوقت الحالي أساساً، ناهيك بكلفتها وضرورة تأجيل الانتخابات تقنيّاً لأجلها.

فإذا كان الهدف ربطها بنظام معلوماتي متطوّر للوائح الشطب، فلماذا لا يتم إنشاء هذا النظام بما يسمح بربطه ببيانات الهويّة (عبر ربطه برقم الهويّة مثلاً) أو جوازات السفر؟ وهي مسألة أسهل بكثير من إعادة تكوين قاعدة بيانات هائلة بناءً على ملايين بطاقات الانتخاب الممغنطة.

ولماذا ربط القدرة الفرديّة على المشاركة الانتخابيّة بعمليّة بيروقراطيّة لإنتاج هذا الكم الهائل من البطاقات الانتخابيّة؟ وهي عمليّة تبرع فيها الماكينات الحزبيّة الضخمة والمنظّمة ووثيقة الصلة بالمخاتير والدوائر الرسميّة، وهي تحديداً الماكينات التي تنجح في كل انتخابات في إصدار طلبات بطاقات الهويّة بالجملة لأنصارها، بينما تقبع معاملات الأفراد في أدراج الدوائر الرسميّة. وهل ستكون مقدمة لعودة أساليب من قبيل احتجاز هذه البطاقات بعد إصدارها من قبل الماكينات، لضبط الأصوات، كما كان يحصل أيام البطاقات الانتخابية القديمة؟

وإذا كان الهدف هو السماح بالانتخاب في مكان الإقامة عبر قاعدة البيانات الإلكترونيّة (مع العلم أن قاعدة البيانات الإلكترونيّة لا تستلزم بطاقة ممغنطة كما ذكرنا)، فكيف سيتم هذا الأمر؟ على سبيل المثال، استمرّت عمليّة إعادة الفرز في انتخابات بلديّة بيروت في العام 2016 أيّاماً، نظراً للأخطاء الهائلة في العد وعدم قدرة أي ماكينة على ضبطها في عدد ضخم من الأقلام. فكيف ستتمكّن ماكينة تعمل على حجم دائرة مثل عكّار مثلاً من مراقبة أصواتها في كل دوائر لبنان من دون استثناء كما يبشّر هذا القانون؟

وثمّة سؤال أهم عن قدرة بعض الأقلام المحدودة على استيعاب العدد الهائل من المقترعين من السكّان حولها، مثل أقلام بيروت الإداريّة أو ساحل المتن الجنوبي؟ كما يمكن التساؤل عن قدرة الدولة على ضبط الأنظمة الإلكترونيّة ومنع اختراقها.

الاتجاه نحو مكننة البيانات الانتخابيّة يضيف مخاطر أساسيّة إلى عمليّة الانتخاب في حال لم تكن الأجهزة الرسميّة متمكّنة من التقنيّات التي ستعتمدها لهذه الغاية. وقد بيّنت ذلك تجارب في العديد من الدول. ففي الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، في العام 2000، تسببت العيوب في المنظومة الانتخابيّة بفقدان ما بين أربعة وستة ملايين صوت. وهي البطاقات الانتخابيّة التي لم تُعد أو لم توضع أصلاً في الصناديق.

في المحصّلة، لا يبدو أن الأهداف المرجوّة والمعلنة من البطاقة الممغنطة واقعيّة. ما يدفع إلى الاعتقاد أن المطلوب تبرير إصدار البطاقة الممغنطة فحسب. وحتّى إذا سعت الدولة إلى محاولة إنشاء نظام بيانات متطوّر، فهذا لا يستلزم إعادة إصدار بطاقات تعريف جديدة بهذا الحجم وهذه النوعيّة.. ولا تأجيل الانتخابات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها