الخميس 2017/06/15

آخر تحديث: 00:25 (بيروت)

قانون الانتخاب: لمحة بسيطة عن "تغيير" الأحزاب مواقفها

الخميس 2017/06/15
قانون الانتخاب: لمحة بسيطة عن "تغيير" الأحزاب مواقفها
تراجعت الأحزاب المسيحية عن تأييدها القانون الأرثوذكسي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


لا شكّ في أن تغيير حزب وجهة نظره من أي قانون انتخابي يبدو منطقياً في ظروفٍ معينة. لكن، من غير المنطقي تغيير الأحزاب مبادئها الأساسية خلال محاولة الاتفاق على قانون انتخابي جديد. أحزابٌ تبنت المطالبة بالمناصفة ثم إلتفت حولها. وأحزابٌ أخرى رفضت اعتماد النسبية ثم اكتشفت فجأةً أن النسبية مدخل أساسي لاصلاح النظام السياسي. قبل أيام من 20 حزيران، تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي، وفي ليلة الاتفاق على قانون انتخابي جديد قائم على النسبية وفق 15 دائرة، هذه لمحة بسيطة عن إنقلاب الأحزاب على مواقفها من قوانين الانتخاب خلال السنوات الست الماضية.

القوات والكتائب ليسا أرثوذكسيين
بعد تبني القادة المسيحيين الأربعة طرح اللقاء الأرثوذكسي، كونه "القانون الأفضل من حيث تأمينه مناصفة حقيقية"، كما جاء في البند الرابع من تقرير اجتماع بكركي، في العام 2011، تراجع حزبا القوات والكتائب عن مواقفهما عند حلول ساعة الصفر. تخلّفت كتلة القوات عن حضور جلسة التصويت على طرح اللقاء الأرثوذكسي، ليصرح نائبها جورج عدوان بعد الجلسة في 15 أيار 2013 أنه "اتفق مع تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط على اقتراح قانون مختلط لمصلحة وحدة لبنان وارتياح المكونات وطمأنتها". مع العلم أن ذلك يتناقض وموقف القوات، في العام 2011، القائل إن "الوحدة الوطنية هي وحدة إرادية وليست قسرية، والأرثوذكسي هو أفضل خروج من الجو الطائفي المشحون".

أمّا الكتائب، الذي دعم القانون الأرثوذكسي في العام 2011، فوصف النائب نديم الجميل هذا الطرح في 10 كانون الثاني 2013 بأنه قانون رستم غزالي، مشيراً إلى أن النائب سامي الجميل تمنى عليه عدم المجاهرة بمعارضة الأرثوذكسي، بل التريث لأن طرفاً آخر قد ينسف هذا الإقتراح. علماً أن كتلة الكتائب حضرت جلسة التصويت على الطرح الأرثوذكسي، بعدما رفضت الانخراط في الإتفاق على القانون المختلط لحسابات انتخابية. إذ قسمّ الطرح المختلط جبل لبنان وحده إلى دائرتين بخلاف المحافظات الأخرى.

وبعدما أعلن سامي الجميل، منذ سنوات "تحفظي على مبدأ النسبية لأنه يناقض المناصفة ويعيد لبنان إلى منطق العدد"، مستثنياً النسبية وفق طرح اللقاء الأرثوذكسي، أطل أخيراً ليقول للحكومة إن القانون المنطقي الوحيد هو النسبية وفق 15 دائرة. وهذا ما طالب به الكتائب منذ اليوم الأوّل. فما هو مبرر هذا التناقض؟

بري وهواجس المسيحيين
أمّا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذّي كان قد أيّد ولو بالعلن إقتراح اللقاء الأرثوذكسي قُبيل جلسة التصويت عليه، فعرض إنشاء مجلس الشيوخ على البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال لقائهما في روما. وأعاد طرحه خلال جلسة الحوار الوطني في بعبدا وفي هيئة الحوار الوطني في عين التينة.

بري، الذّي تفهم هواجس المسيحيين، وافق خلال اجتماعاتٍ عُقدت أخيراً لمناقشة القانون وفق النظام النسبي، على تثبيت مبدأ المناصفة بتعديلٍ دستوري، ليتراجع عنه في الربع الساعة الأخيرة، معللاً ذلك بما أسماه تفاصيل يحاول التيار الوطني الحر فرضها في القانون القائم على النسبية في 15 دائرة. فهل يدعم بري تحقيق المناصفة فعلياً؟

المستقبل والنسبية والسلاح
"لا نسبية في ظل السلاح"، شعار حمله تيار المستقبل لسنوات. إلا أن النسبية أصبحت مقبولة ولو في ظل السلاح اليوم. لكن ليست النسبية وحدها المقبولة، بل أي صيغة لقانون انتخابي توافق عليها كل الأطراف. لا شكّ في أن تبدل موقف رئيس الحكومة سعد الحريري 180 درجة قد يكون صادماً، لكن يبدو أن السياسي الشاب وفريق عمله قد فضلا تقديم بعض التنازلات هنا، لقطفها في مكانٍ آخر: إيفاء الحكومة بإلتزامتها بوضع قانون جديد. علماً أن التحالفات الانتخابية اليوم تبدلت عن الفترة التي رفض الحريري فيها النسبية. ما قد يحدّ من أضرارها على تياره.

العونيون جربوا كل شيء
تنقل التيار الوطني الحرّ بدوره بين خيارات عدة: طرح اللقاء الأرثوذكسي، النسبية ١٥ دائرة، وهو الخيار رقم ٢ في لقاء بكركي، قانون الوزير جبران باسيل المختلط، والقانون التأهيلي. قوانين عدة تختلف تقسيماتها وقواعدها وتبدو في الظاهر تبدلاً في الموقف، إلّا أنها تقوم جميعها على الإقتراب من تحقيق المبدأ الأساسي الذي سعى التيار إلى تحقيقه، وهو ما أسماه المناصفة الحقيقية التي تتحقق ١٠٠٪‏ في القانون الأرثوذكسي الذي تمكن التيار من إقناع حركة أمل وحزب الله التصويت له.

أما في ما يخص قانون الستين، فتبدلت آراء التيار حوله. ففي آذار 2013 دفن رئيس التيار الوطني الحر، في حينه، الرئيس ميشال عون، قانون الستين قائلاً إن "الستين دُفِن بلا رجعة"، لكن عاد العونيون ليحيوا هذا القانون بعد أشهر باعتباره خياراً بين السيئ والأسوأ، أي بين قانون الستين والتمديد.

في المقابل، إمتنع الرئيس ميشال عون منذ أشهر عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين، ورغم تأكّيده رفض الستين قال: "إذا لم نصل إلى حلّ، فهل أترك الجمهورية فالتة؟".

جنبلاط
خلافاً للعادة، بدت مقاربة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذّي إشتهر بتقلباته في السياسة، قانون الانتخاب، ثابتة غير قابلة للتحرك. فقد أصرّ جنبلاط على النظام الأكثري: الستين، أو المختلط الذّي إتفق عليه مع القوات والمستقبل، لطرحه في وجه قانون اللقاء الأرثوذكسي. وأصر على إبقاء قضاءي الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحد.

وفيما كمنت المفارقة الجنبلاطية، في اعتباره القوانين التي تقترب من تحقيق المناصفة انتحارية وتضرب الوفاق الوطني، انتفض على طرح وزير الداخليّة نهاد المشنوق للنسبية الذّي قد يحجّم كتلته، وغرّد: "لا يا ممثل العلوج في الوزارة، إن مكوناً أساسياً وتاريخياً من لبنان لا يُمحى بشخطة قلم في مزايدات النسبية". النسبية التي ارتبطت بإسم كمال جنبلاط أول المنظرين لها في لبنان، حاربها جنبلاط الإبن طويلاً، ليعود ويعتبر نفسه مساهماً في الإتفاق عليها، فغرد مجدداً: "كل الأطراف أسهمت في تحقيق هذه المرحلة الجديدة".

بين التمديد والستين
بين التمديد الأول لمجلس النواب في حزيران 2013 لمدة سنة و5 أشهر، والتمديد الثاني في تشرين الثاني 2014 لمدة سنتين و7 أشهر، بقيت معظم الأحزاب على موقفها من قبول التمديد أو رفضه. وافق على التمديدين كل من: المستقبل وحزب الله وأمل والمردة واللقاء الديمقراطي، فيما رفضه تكتل التغيير والإصلاح وقدم طعناً بدستوريته. وحدها كتلة الكتائب تبدّلت مواقفها بين التمديدين. إذ رفضت التمديد الثاني بحجة الامتناع عن التشريع بغياب رئيس الجمهورية. تبدّل موقف الكتائب قد يبدو متطوراً نسبة إلى قرارها السابق، خصوصاً بعد تصريح وزير الإقتصاد السابق الآن حكيم ليلة التمديد الثاني أن "التمديد يصادر المهمة الموكلة من الشعب ويغتصب الديمقراطية".


لكن، بأي منطق يعتبر التمديد الثاني، من دون الأول، مصادرةً لوكالة الناخب؟ هل هو اعتراف بمصادرتها وكالته في التمديد الأول؟ قد يكون هدف الكتائب حينها مسايرة بكركي، أو هو حب التماييز الذي اشتهرت به السياسة الكتائبية، أو رغبة القضاء على لذة التيار الوطني الحرّ الإعلامية والشعبية في التفرد برفض التمديد والتقدم في لعبة المنافسة في التقرب من المجتمع المدني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها