الثلاثاء 2017/06/13

آخر تحديث: 02:56 (بيروت)

2017 يعيد إلى ذاكرتنا جرائم الحرب الأهلية

الثلاثاء 2017/06/13
2017 يعيد إلى ذاكرتنا جرائم الحرب الأهلية
كثير من حالات القتل حدثت وتحدث داخل الأسرة (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

أيام قليلة تفصلنا عن انتهاء الامتحانات الرسمية، ومن بعدها إعلان النتائج، حيث تطلق الأعيرة النارية ابتهاجاً بالناجحين، ويسقط الضحايا (ربما). لكن، هذه ليست سوى عينة من ظاهرة السلاح المتفلت، التي شهدنا عواقبها الوخيمة في الشهرين الماضيين، بعدما كثرت جرائم القتل، لأسباب ثأرية أو خلافات قليلة الشأن.

هذا العنف كان سبباً لعقد مؤتمر إطلاق الحملة الوطنية للحد من مخاطر الأسلحة النارية، الإثنين في 12 حزيران بدعوة من حركة السلام الدائم، ومشاركة ممثلين عن قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، الجيش اللبناني، جمعيات من المجتمع المدني، رجال دين وبعض البلديات، بالتزامن مع الأسبوع العالمي لمواجهة العنف المسلح. ويبدو أن العام 2017 مشابهاً من ناحية العنف لما جرى في سنوات الحرب الأهلية، وفق رئيس حركة السلام الدائم فادي أبي علام، إذ كان عدد جرائم القتل من هذا النوع مرتفعاً، علماً أن العام 2013 سقط فيه نحو 4 آلاف ضحية، أي ما يساوي عدد الضحايا الذين سقطوا في العام 1986، وهو أحد أعوام الحرب في لبنان.

والأسوأ من ذلك، أن كثيراً من حالات القتل حدثت وتحدث داخل الأسرة الواحدة، في لحظة غضب ولأسباب تافهة جداً. ما يؤكد أن اقتناء السلاح هو السبب الذي يؤدي إلى هذا النوع من الجرائم. والدليل على ذلك، بعض الأمثلة التي حصلت في العام 2003، وموثقة حتى اليوم، ولم تشهد تغيراً منذ ذلك الحين. ففي 19 أيار، ابن في برقايل أطلق الرصاص على والده، بواسطة رشاش كليشنكوف، فيجرحه. في 22 آب شاب يقتل والده في رشعين لأسباب عائلية. في 10 أب، والد يبلغ 47 عاماً يقتل ابنه في البقاع. في 6 أب، والد يبلغ 57 عاماً يقتل ابنتيه وزوجته. والخلافات كانت بشأن قطعة أرض، أو على خلفية التسبب بإزعاج.

هذا ما يفتح النقاش أمام الأسباب التي عززت حصول مثل هذه الجرائم والخطوات المفترض اتخاذها للتخلص من هذه المعضلة.

أسباب كثيرة عرضها المجتمعون. تبدأ من التساهل في منح تراخيص السلاح، وغياب العقوبات الرادعة، ورخص الصيد التي تمنح في عمر مبكر وغياب الأمن العام وحلول الأمن الذاتي، مروراً بالترويج لفكرة القتل وحمل السلاح في المسلسلات ومشاهد الإجرام والحروب المنتشرة في أصقاع العالم والتي تعرض على شاشات التلفزيون، وصولاً إلى النزوح السوري والمخيمات وزيادة عدد السكان والمسلحين والبطالة المرتفعة والفقر.

لذلك، يرى العميد عبده عبده، ممثل قائد الجيش، أن تحميل القوى الأمنية مسؤولية أي تقصير اتهام في غير محله، في ظل بيئة لبنانية تحتوي إلى جانب البطالة والفقر وتردي الأوضاع الإقتصادية 12 مخيماً فلسطينياً مرخصاً، توجد فيها ترسانة أسلحة، إضافة إلى 16 مخيماً غير مرخص، و"نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري نصفهم مسلح". ومن جهة فلسطين عدو إسرائيلي له عملاء في الداخل، وإرهاب يضرب في كل مكان ناهيك بثقافة حرب توارثها الأبناء منذ 27 عاماً.

هذا الواقع يحتم على المعنيين في السلطات، لاسيما التشريعية، المطالبة بالتشدد في منح تراخيص السلاح وفي فرض عقوبة رادعة للقتلة لايجاد مدن خالية من السلاح، واعتماد أهلية 18 عاماً في الصيد بدلاً من 16 عاماً، وعلى السلطة التنفيذية وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والإعلامية مسؤوليات مهمة للتقليل من ظاهرة العنف، بالتوازي مع طرح مسألة العفو العام لمن يرغب بتسليم سلاحه من دون أي مساءلة قانونية، وفق أبي علام.

واتفق المجتمعون على أن تفعيل عقوبة الاعدام ليس الحل لانهاء جرائم القتل، إنما تطبيق القانون بصرامة وترك القضاء مستقلاً من دون أي تدخلات من السلطة السياسية. وهذا ما نوه به رئيس جمعية متطوعون بلا حدود، رياض عيسى، حين قال: "نحن حماة حقوق الإنسان وفي الوقت الذي يذهب المجتمع الدولي لالغاء عقوبة الاعدام فإن الدعوة لتفعيلها مستغربة وغير مقبولة". وأكدت الناشطة زينة باسيل أن الأهالي يطالبون بالتشدد في الحكم، فالناس لا يريدون الاعدام، إنما المحاسبة الفعلية، وعدم التهاون في مثل هذه القضايا، كما حصل مع قاتل الضحية رولان شبير، الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات فقط.

ويشير العقيد جوزيف مسلم، من قوى الأمن الداخلي، إلى أهمية تنظيم مجموعات لمكافحة أسباب العنف التي تشكل أساس الجريمة، لكي تتكامل هذه المجموعات في عملها مع القوى الأمنية التي توقف بمعدل 93 شخصاً يومياً من مرتكبي الجرائم، و"لولا توقيفهم لكانت زادت نسبة الجريمة، التي انخفضت في العامين 2014 و2015 وحتى أوائل 2016. لكنها عادت وارتفعت كثيراً في هذا العام. علماً أن نسبة الجرائم في لبنان منخفضة جداً مقارنة مع دول العالم، كأميركا مثلاً".

ووفق القيمين على الحملة، فإن هذا المؤتمر يعد منطلقاً جدياً ودائماً للوصول إلى توصيف مشترك لهذه الظاهرة ولفهم أسبابها، أطرافها، والتحديات المحيطة بها، لتفعيل مشاركة مختلف أطياف المجتمع ومؤسسات الدولة معاً لايجاد حل لها، على أن يحصل اجتماع لاحق لوضع خطة عمل للحملة. وفي خطوة مميزة، وقع عدد من رؤساء البلديات وثيقة تعهدوا فيها بعدم تغطية مطلقي النار، اعتبار أصحاب المناسبة هم المسؤولون عن إطلاق النار، ومقاطعة المناسبات التي يطلق فيها النار.

الغاء تصاريح الأسلحة
أصدر وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، الإثنين في 12 حزيران، قراراً حمل الرقم رقم 883/و د، قضى بالغاء تراخيص حمل الأسلحة الصادرة عن العام 2016، بسبب "الاشكالات الأمنية، التي تأتت عنها أحداث جرمية نتيجة تفلت السلاح بين أيدي المواطنين. ما أثر سلباً على الاستقرار في البلاد وعدم الشعور بالأمان لدى المواطنين، إضافة إلى اهتزاز صورة الأمن واضعاف هيبة الدولة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها