الثلاثاء 2017/05/30

آخر تحديث: 02:36 (بيروت)

المقعد الماروني في طرابلس: تمثيل العاصمة الثانية أو الطائفة؟

الثلاثاء 2017/05/30
المقعد الماروني في طرابلس: تمثيل العاصمة الثانية أو الطائفة؟
شَغل هذا المقعد يجب ألا يكون "جائزة ترضية" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

في ظلّ التلويح باحتمال التوافق على قانون انتخاب جديد بعد الاقتراح الذي قدمه النائب جورج عدوان، ثمّة طرحٌ يسوّق له ويدعمه كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بنقل مقاعد نيابيّة مارونيّة من دوائرها إلى دوائر أخرى، لتأمين "صحّة تمثيل" المسيحيين.

هذا الطرح، كان يقتصر في السنوات الماضية على نقل المقعد الماروني من طرابلس إلى البترون. وأخيراً، أُضيف إليه في اقتراحٍ قدّمه النائب جورج عدوان خلال لقائه الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري في عين التينة، نقل المقعد الماروني من البقاع الشمالي إلى جبيل ومن البقاع الغربي إلى المتن الشمالي. ومع أنّ بري ردّ بأنّ "نقل أيّ مقعد نيابي هو خط أحمر"، يصرّ الثنائي المسيحي على المضيّ بطرحهما إلى حين إنجازه.

في الواقع، ثمّة تصويبٌ مركّز على المقعد الماروني في طرابلس، لاعتبارات عدّة. فبعدما انخفض عدد الناخبين الموارنة في طرابلس إلى أقلّ من 2000 ناخب، أصبح وجود هذا المقعد بالنسبة إلى القوى المسيحية "لزوم ما لا يلزم". في حين أنّ خيار نقله إلى البترون، سيزيد التمثيل الماروني من مقعدين إلى ثلاثة، وسيفكُّ عقدة الصراع الحاد بين جبهتي التحالف العوني- القواتي من جهة، والوزير بطرس حرب مع حزب الكتائب وتيار المردة من جهةٍ أخرى.

وإلحاح الثنائي المسيحي على نقل المقعد من طرابلس إلى البترون، يعود سببه إلى تنازل سابق قدمته القوات للعدول عن ترشيح النائب انطوان زهرا تماشياً مع "اتفاق معراب"، على أن يبقى المقعد من حصّة الوزير جبران باسيل. إلا أنّ إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في آذار 2017، ترشيح الدكتور فادي سعد كبديل من زهرا، جاء ترسيخاً لاقتراح زيادة المقاعد المارونية في البترون من 2 إلى 3 مقاعد.

لكن القوى السياسية في المدينة، تواجه هذا الطرح بالرفض. ورغم أنّ هذا المقعد جاء في انتخابات العام 2009 بالنائب سامر سعادة من خارج طرابلس على خلفية اتفاق 14 آذار (بعدما تناوب على توليّه النائبان جان عبيد والياس عطالله) وهو ابن البترون ويتمتّع بثقلٍ سياسي هناك، وأصبح دوره مجمّداً وغير فاعل، ثمّة تمسّك رسمي وشعبي بإبقائه وتحسين آلية تمثيله، تعزيزاً لميثاقية العيش المشترك.

وفي حديثٍ إلى "المدن"، يتطرق رئيس إقليم حزب الكتائب في الشمال مارك عاقوري، إلى تاريخ الوجود الماروني في المدينة، "الذي يجب أن نتمسّك به ونضعه في سياقه الصحيح". فـ"في أوائل الثمانينات، كان مسيحيو طرابلس يشكلون 40% من السكان. لكن أحداث الحرب، وما تبعها من دخول قوات الردع السورية، أديا إلى تفريغ طرابلس من مسيحييها".

وبينما يجب العمل على استعادة وجه طرابلس الحقيقي، بإعطائها دورها كعاصمة ثانية يرتبط بها جميع أبناء الشمال من مختلف أطيافهم ومذاهبهم، "نجد أنّ القيادات المسيحية لا تدرك قيمة تمثيلها في طرابلس، ولا تسير وفق مفهوم تحييد العواصم عن الحسابات السياسية. وحتّى إن كانت طرابلس ذات أكثرية سنية، فهذا لا يعني أبداً أن نلغي تمثيل الأقليات".

وفي الوقت الذي يعتبر فيه عاقوري أن اللجوء إلى خيار "تضييع" المقعد الماروني من طرابلس، "هو آخر ما يجب أن نفكر فيه"، يشير سيمون سعادة وهو أحد الناشطين المدنيين الذين عاشوا أكثر من نصف قرن في المدينة، إلى أنّ الغاء تمثيل الأقليّة المارونية، سيؤدي حتمّاً إلى شعورها بالإقصاء وتهجيرها بالكامل. إذ لا يصحّ "اختزال المقعد الماروني عدديّاً، فيما هو يمثل موارنة الشمال الذين يرتبطون بطرابلس إقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وحتّى دينيّاً، حيث وجود مقرّ مطرانيّة الموارنة التي تضمّ في أبرشيّتها معظم مناطق شمال لبنان".

ويؤكد عاقوري وسعادة أنّ شَغل هذا المقعد يجب ألا يكون "جائزة ترضية" لأيّ طرف، وإنّما "يجب انتخاب أحد أبناء طرابلس الموارنة، ليفهم خصوصيّتها وتركيبتها وحاجاتها، لا أن يكون تمثيلاً طائفيّاً فحسب".

من جهته، يرفض النائب سمير الجسر طرح الثنائي المسيحي، "الذي سيحكم المناطق بمزيدٍ من العزل والانغلاق". ويشير، في حديث مع "المدن"، إلى أنّ اللعب بنقل المقاعد من دائرةٍ إلى أخرى، "سيُعقّد سُبل إنجاز الاستحقاق الانتخابي، المُعقد بالأساس، وسيفتح الباب لنقل مقاعد أخرى".

في أغلب الدوائر، "هناك أقليات تتمثل بمقعد، مثل مقعد الدروز في بيروت". وإذا سرنا على هذه القاعدة، "نذكر أنّ عدد الناخبين السنّة في بعلبك لا يستدعي تمثيلهم بمقعدين، بينما عددهم في عكار، يتطلب تمثيلهم بما لا يقلّ عن خمسة مقاعد". فـ"هكذا اقتراح، سيقود الأقليات إلى النزوح من الأطراف نحو تجمعاتهم الكبرى. ما سيؤدي حتماً إلى عملية فرز سكاني على أساسٍ طائفي ومذهبي صرف".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها