الثلاثاء 2017/05/30

آخر تحديث: 02:37 (بيروت)

500 الف ناخب جديد.. لمن سيصوّتون في الانتخابات المقبلة؟

الثلاثاء 2017/05/30
500 الف ناخب جديد.. لمن سيصوّتون في الانتخابات المقبلة؟
النسبيّة تشجّع على رفع مستوى المشاركة (Getty)
increase حجم الخط decrease

لم تشكّل الانتخابات النيابية حافزاً كبيراً لدى اللبنانيين لخوض غمار هذه التجربة بشكل جدّي في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية. هذا ما تبيّنه نسب الإقتراع حتى العام 2005، التي لم تتخطّ 50% في جميع الدورات الانتخابية. ومردّ ذلك ليس انعدام الحياة السياسية القائمة على الفعل المواطني المدني في تلك المرحلة فحسب، بل عدم وجود قوى سياسية "حديثة" خارج الأحزاب السياسية التقليديّة التي شاركت وساهمت في اندلاع حرب 1975- 1990. ناهيك بكون التدخّل السوري أطبق الخناق على الحياة السياسية برمّتها. إلى ذلك، جميع الأنظمة الانتخابية التي اعتُمدت بعد الحرب كانت أكثريّة إقصائيّة تنعدم فيها المنافسة بين القوى السياسيّة التي تشكّل المجتمع اللبناني.

تغيّر هذا الواقع بشكل كبير بعد العام 2005، حين انتهت المقاطعة المسيحية وتشكّلت تحالفات سياسية انتخابية على المستوى الوطني انقسمت عمودياً بين 8 و14 آذار. لكن بعد مضي أكثر من 8 سنوات على آخر انتخابات نيابية (عام 2009) بات من الصعب التكهّن كيف سيكون المشهد الانتخابي النيابي في لبنان. إذ تبدّلت التحالفات السياسية بعد طي صفحة "الانقسام الآذاري"، وبات أعداء الأمس حلفاء اليوم. وطرأ عامل مهم على مستوى الناخبين الذين ارتفع عددهم نحو 16% عن العام 2009. ما يعني أنّ هناك نحو 500 ألف ناخب جديد سيشاركون للمرة الأولى في الانتخابات. وهم من فئات الشباب بين 21 و28 عاماً، وعايشوا التبدلات السياسية التي حصلت في السنوات السبع الماضية.

يضاف إلى ذلك، أنه على مستوى القوى السياسية شهد لبنان تبدّلاً كبيراً بعد دخول قوى جديدة إلى الحياة السياسية نشأت بعد العام 2011 وباتت تُعرف بــ"المجتمع المدني". فهذه القوى التي نشأت بعد حراك "إسقاط النظام الطائفي" عام 2011 و"الحراك المدني للمحاسبة"، الذي نشأ على خلفيّة رفض التمديد عام 2013، وصولاً إلى "الحراك الشعبي" الذي نشأ على خلفيّة أزمة النفايات عام 2015، وتشكّل لوائح مدنيّة منافسة لقوى السلطة في الانتخابات البلدية عام 2016، تختلف بطبيعتها عن تلك القوى التي نشأت من رحم الإنقسام الآذاري عام 2005. ففيما كان الإنقسام الآذاري قائماً على "القضايا الكبرى" ثمّ استحال انقساماً بين أهل السلطة ذاتها، فإنّ الإنقسام الشعبي الذي تطوّر بعد العام 2011 قام على نقد إدارة قوى السلطة للبلد والقضايا الحياتية التي تعني المواطنين بشكل مباشر. وقام على مبدأ عدم الالتحاق بقوى السلطة أو بشكل أدق، على مبدأ "الاستقلال" عن قوى السلطة الفاسدة. وفي هذا السياق يمكن قراءة خطوات حزب الكتائب، الذي استقلّ أخيراً عن قوى السلطة مقترباً من خيار "المجتمع المدني". والمقصود بهذا الأخير ليس المنظمات غير الحكومية، بل الحالات الاعتراضية التي نمت على هامش التهميش المتعمّد للحياة المدنية والمواطنية من قبل قوى السلطة.

لم تبلور هذه القوى الآنفة الذكر برامجها الخاصة إلى اللحظة، ولم تُشكّل بعد قوى اعتراض متجانسة، بل على العكس معظمها نشأ وترعرع في رحم أو على هامش قوى السلطة. كما أنّ الناخبين الجدد (500 ألف ناخب) لا يمكن اعتبارهم قوى اعتراض، بل ربما يكون جزء يسير منهم يصبّ انتخابياً في مصحلة لوائح السلطة. لكن في الإمكان الجزم بأنّ اعتماد النظام الانتخابي النسبي سيؤدي إلى تبدّل كبير في المشهد السياسي وإلى "تفلّت" جزء كبير من الناخبين عن قوى السلطة. فمن المسلّم به أنّ النسبيّة تشجّع على رفع مستوى المشاركة لدى المواطنين في الانتخابات لكون الناخب يعلم بأنّ صوته سيصنع الفرق طالما أنه يؤدي إلى فوز خياراته السياسية ولو بشكل نسبي. ومردّ ذلك أن صوت الناخب لا يذهب هباءً، كما هي الحال في الأنظمة الانتخابية الأكثرية، التي اعتُمدت سابقاً. بالتالي، سيصبح التصويت للبرامج السياسية خياراً ممكناً بعدما كان التصويت "للمحادل" خياراً وحيداً يكبّل غير المنتمين أيديولوجياً إلى أحزاب السلطة.

وانطلاقاً من كون قوى السلطة استنفذت كامل قدراتها في تجيير الأصوات في دورات الانتخابات السابقة، ستكون نسب المشاركة الإضافية، في حال اعتُمدت النسبية، لمصلحة قوى الاعتراض غير الممثلة حالياً. لكن هذا يتوقّف على طبيعة التحالفات الانتخابية التي ستعقدها هذه القوى الحديثة لخوض غمار الانتخابات على أساس النسبية.

لذا، وفي حال اعتمدت النسبية، حتى لو في 10 دوائر أو أكثر، ستؤدي إلى فوز لافت لقوى الاعتراض التي تشكّلت في السنوات الخمس الفائتة. فهل من ينادي بالنسبية من قوى السلطة جاد في طروحاته؟ أم أنّ تلك القوى تقترح النسبيّة لتضييع الوقت والحصول على مزيد من المكاسب في عملية شدّ الحبال الحالية بشأن القانون الانتخابي المنتظر؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها