الإثنين 2017/05/29

آخر تحديث: 19:27 (بيروت)

بري يرفع السقف في مواجهة عون

الإثنين 2017/05/29
بري يرفع السقف في مواجهة عون
أخرج برّي أرنباً لم يكن يتوقعه أحد (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

هو الضرب تحت الحزام. تكاد تكون المرّة الأبرز التي يطفو فيها الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية إلى العلن، رغم حرص الرئيس نبيه بري على التأكيد أن العلاقة جيدة وممتازة مع الرئيس ميشال عون. وقد كرر ذلك أكثر من مرة. لكن، أن يقرر بري على عجل عقد مؤتمر صحافي، الإثنين في 29 أيار، في هذا الظرف الدقيق، وحده يؤكد أن العلاقة ليست على ما يرام.

الدليل على ذلك، هو إعلان بري أنه تلقى وعداً من رئيسي الجمهورية والحكومة بإصدار مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب. ويقول: "تواصلت هاتفياً مع الرئيس عون ووعدني بأن ينسق مع رئيس الحكومة سعد الحريري لإصدار المرسوم، خصوصاً أنني ملزم بمهلة محددة هي 48 ساعة، لتثبيت الجلسة أو تأجيلها. كان هذا الكلام الساعة التاسعة من مساء الجمعة. وبعد الاتصال مع عون تواصلت مع الحريري، الذي وعدني أن يوقع المرسوم، وطلبت منه أن ينسق مع فخامة الرئيس. وبعدها أخبرني الحريري أنه وقّع المرسوم وأحاله إلى بعبدا لتوقيعه وإبلاغي به في الليلة ذاتها. انتظرت حتى ظهر السبت، ولم يصلني المرسوم، علماً أن المعلومات أشارت إلى أنه على الطريق. وعلى هذا الأساس دعيت إلى جلسة في الخامس من حزيران".

أخرج بري أرنباً، لم يكن يتوقعه أحد. اعتبر أنه لا يخالف الدستور ويلتزم سقفه، ووجّه رسالة مباشرة إلى عون بأن لا أحد يمكنه الضغط على مجلس النواب، وقدّم مطالعة دستورية وقانونية لمسألة دعوته إلى جلسة بعد انتهاء العقد العادي ومن دون إصدار مرسوم الدورة الاستثنائية، معتبراً أنه لدى استخدام الرئيس المادة 59 من الدستور، وتأجيل عمل المجلس لفترة لا تتعدى الشهر، فهذا لا يعني الغاء الجلسة، أو عمل المجلس، بل تأجيله. ويعتبر بري أن هذا الخيار موجود في الدستور اللبناني، وفي الدستور الفرنسي. وقد استخدم في فرنسا في العام 1898، بمعنى أنه يحق له الدعوة إلى جلسات، بعد انتهاء العقد العادي، لفترة شهر.

أبدى بري استغرابه لعدم توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية. "سمعت أن هذا من أجل الضغط علي للقبول بما يريدون من شروط. لكن أن لا أحد يستطيع الضغط على مجلس النواب غير الشعب اللبناني". وتوجه إلى عون بالقول: "لا أنا ولا أنت يا فخامة الرئيس من الذين يبعيون ويشترون".

في معرض حديثه عن موافقته على اقتراح النائب جورج عدوان بشأن قانون الانتخاب على أساس 15 دائرة، اعتبر بري أنه وافق عليه لأنه خرج من لقاءات بكركي. لكنه رفع لاءات عدة في وجه بعض الاقتراحات. وقال إنه ينتظر إجابات تكتل التغيير والإصلاح عليها. ومن هذه اللاءات، رفض نقل المقاعد النيابية، ورفض اعتماد الصوت التفضيلي على أساس طائفي، معتبراً أن هذه الطروحات تنسجم مع طروحات التقسيم في المنطقة، وهو لن يرضى بها.

لم يفصح بري عما سيحصل في حال الوصول إلى 20 حزيران وعدم إقرار قانون جديد للانتخابات. لكنه ألمح إلى أنه، كما غيره، سيرفض الفراغ الذي يتهدد المجلس النيابي. وتشير مصادر متابعة إلى أن التمديد، سواء أكان تقنياً أم سياسياً، هو الذي سيكون خياراً أخيراً لحماية البلد من الفراغ البرلماني. وهذا التمديد سيحتاج إلى 33 نائباً.

خيار بري، بالنسبة إلى بعض الدستوريين، ليس دستورياً، وهو لا يستقيم، لأن النص الدستوري واضح، وتفسيره لا يحتاج إلى كثير من التحليلات، باعتبار أن حق التعطيل متاح لرئيس الجمهورية، وحده، وهو يدخل في سياق الصلاحيات الممنوحة له. أما النص الدستوري لجهة انتهاء العقد العادي والحاجة إلى توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة لعقد الجلسات الاستثنائية، فواضح بتحديد انتهاء العقد في 31 أيار. فيما هناك رأي دستوري آخر يؤيد وجهة نظر بري، وهي التي استند إليها في مطالعته وقراره، بأن على مجلس النواب أن يعمل لفترة خمسة أشهر من السنة، وإذا ما تم تأجيل شهر من عمله، يحق له التعويض في فترة من خارج العقد العادي. كما أن النص لا يعطي الحق لأي كان، بتقصير فترة العقد العادي، بل تأجيلها. وإذا ما أجلت، يحق للمجلس استعادة تلك الفترة لتعويض العمل.

وبمعزل عن النقاش الدستوري، فإن اللعبة دخلت في مرحلة عض الأصابع، والإنطلاق من مبدأ الموازين السياسية. بمعنى أن الصراع سياسي وغير دستوري، خصوصاً أن بري يعتبر أن عون نكث بوعده بفتح الدورة الاستثنائية. وهذا ما قد ينعكس سلباً على مسار قانون الانتخاب. وهو ما ألمح إليه بري، بأن زيادة الضغط عليه، قد تدفعه إلى رفض القانون المقترح مجدداً.

رفع بري السقف في مواجهة عون، الذي يتشبّث بموقفه بشأن عدم عقد دورة استثنائية ما لم يتم التوصل إلى قانون انتخاب. بمعنى أنه حين يتم التوافق على القانون يتم تحديد جلسة من أجل إقراره. عدا عن ذلك، فإن عون يرفض التوقيع لعدم أخذ أي ذريعة للتمديد للمجلس. ما ينذر بتضارب في الصلاحيات بين الرئاستين، وسيضع رئيس الحكومة في أزمة لا يحسد عليها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها