الجمعة 2017/05/26

آخر تحديث: 00:50 (بيروت)

القوات والستين: حرب وجودية

الجمعة 2017/05/26
القوات والستين: حرب وجودية
كيف سيقلب جعجع الطاولة على الستين؟ (ألدو أيوب)
increase حجم الخط decrease
مجدداً، تجد القوات اللبنانية نفسها وحيدة. إحدى العبارات التي ترافق سمير جعجع، والأحب إلى قلبه تنطبق على واقع الحال اليوم: "لا تخش طريق الحقّ لقلة سالكيه". كثرة الكلام عن العودة إلى قانون الستين، مثّلت صاعقة عصفت برأس القوات. أنعشت في الذاكرة، تجربة تشكيل الحكومة وتمرير التعيينات، وخطة الكهرباء، وغيرها ما هو معلوم ومجهول. تعتبر القوات أن العودة إلى الستين، هي عملية إلتفاف عليها، تهدف إلى تحجيمها وإخراجها.

لحظة إجابة رئيس الجمهورية ميشال عون عن أحد الأسئلة، بأنه في حال لم يتم التوصل إلى إتفاق على قانون الانتخاب حتى العشرين من حزيران، ستتم العودة إلى قانون الستين عملاً بأحكام الدستور، ازدادت هواجس جعجع. تذكّر أحد الذين سمعوا منه يوم إعلان الإتفاق على التسوية الرئاسية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، السؤال إذا ما كان هناك إتفاق انتخابي سري. هذه الهواجس تحدث عنها أكثر من مرجع سياسي، في معرض المداولات الانتخابية. كان جعجع يعتمد على رفض عون العودة إلى الستين. والآن تغيّر الموقف، وما أعلن يشي بأن الرئيس سلّم بالستين حتى قبل انتهاء المهلة. غير ذلك، بالنسبة إلى القوات كل المواقف والتوضيحات لا تستقيم، كل المؤشرات تفيد بالعودة إلى الستين، وربما هذا متفق عليه سابقاً، فيما المواقف التصعيدية الرافضة له، ليست سوى مجاملات.

ستخوض القوات معركة رفض الستين، وهي مستعدة للإطاحة به ولو بأغلى الأثمان. في هذه المعركة لا تجد القوات من يقف إلى جانبها، لأن مصلحة الجميع هي الستين. وهذا فيما هو حبل يريد البعض تشديد الخناق من خلاله على القوات. وما تخشاه القوات أكثر، هو الحديث المتنامي عن تفاهم على التحالفات وتوزيع المقاعد بين المستقبل والتيار. المعركة الطاحنة التي خاضها التحالف المسيحي ضد النائب هادي حبيش في القبيات في عكار، ذهبت أدارج الرياح. ها هو حبيش يحط في وزارة الخارجية، يلتقي جبران باسيل، وأساس اللقاء البناء لتفاهم انتخابي في المحافظة ككل. إذا ما حصل هذا التوافق، وانسحب على أكثر من منطقة، سيكون القواتيون خارج التحالف. صورة التحالفات في عكار أصبحت واضحة، بعد زيارة حبيش والتفاهم مع باسيل إلى جانب نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس.

في حسابات القوات، فإن قانون الستين سيأتي بثلاثة نواب للقوات فقط، هم: جورج عدوان بالتحالف مع الحزب التقدمي الإشتراكي، ونائبا بشري. عدا ذلك، فإن ما يمكن أن تحصّله هو عبارة عن فتات، وثغرات يحتاج إليها تحالف التيار والمستقبل، وهم جوائز ترضية لا أكثر، سواء أكان ذلك عبر الحصول على نائب في دائرة بيروت الأولى، وآخر في زحلة، وربما واحد في المتن، وبأقصى الحدود تكون حصة القوات ستة نواب. هذا الهاجس الكبير دفع بعدوان إلى زيارة بيت الوسط، حيث سأل الرئيس سعد الحريري بحسب ما تؤكد مصادر لـ"المدن"، إذا ما كان هناك إتفاق خفي بين المستقبل والتيار، ونية خفية لإلغائها، خصوصاً أن كتلة التيار سترتفع إلى 30 نائباً، إذ سيزداد عدد نواب التكتل في عكار، زحلة، ومناطق أخرى، فيما عدد نواب القوات سيتقلص من ثمانية إلى ستة. فنفى الحريري ذلك، مشدداً على الحفاظ والحرص على العلاقة الإستراتيجية مع القوات، مؤكداً أنه لن يتخلى عنها.

لا يمكن للقوات أن ترضى بالعودة إلى قانون الستين، قالها عدوان بوضوح بعد لقائه الحريري. يبقى لدى جعجع خيار واحد، إذا ما شعر باستهدافه، وهو لن يرضى بالغاء نفسه، وتآكل كتلته. هي معركة وجودية، وحينها سيلجأ إلى قلب الطاولة، كيف؟ تجيب المصادر بأن الشارع المسيحي لن يرضى بالعودة إلى الستين. وهذه المرّة لن يسكت. الشارع وحده سيكون كفيلاً بالرد على هذه الترهات، لأنه لا يمكن للسياسي أن يعد الناس بشيء ويتراجع عنه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها