السبت 2017/05/13

آخر تحديث: 01:40 (بيروت)

بركة لـ"المدن": حزب الله يتفهم موقف حماس

السبت 2017/05/13
بركة لـ"المدن": حزب الله يتفهم موقف حماس
الحوار مع لبنان مؤجل إلى ما بعد الانتخابات النيابية (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

تُمثل الوثيقة السياسية التي أعلنتها حركة حماس تحولاً مهماً في مسيرة الحركة بعد 30 عاماً من انطلاقتها. وبغض النظر عن ماهية هذا التحول، ومهما كانت الآراء المختلفة بشأنه، إلا أن ما جاءت به الوثيقة، الثانية من نوعها منذ انطلاقة الحركة، في العام 1987، خصوصاً لناحية القبول بدولة فلسطينية على حدود العام 1967، يعد انعطافة في تاريخ حماس، بالتزامن مع انتخابها رئيساً جديداً لمكتبها السياسي هو إسماعيل هنية.

على أن ذلك يعد طبيعياً إذا استعرضنا تاريخ الحركات السياسية. ويبدو أن حماس قد اضطرت أخيراً إلى أن تواكب مرحلة صعبة باتت خلالها القضية الفلسطينية ضحية أولى لمسار انحداري، ليست الحركة بوارد مقاومته، أو هي غير قادرة على ذلك.

في مقابلة تطرح الهواجس يرد مسؤول حماس في لبنان علي بركة هادئاً على سؤال عن "تنازل" الحركة عن الثوابت، ثم يسأل ضاحكاً: "ألم تُغضب الوثيقة كيان العدو؟".

ينفي بركة بشدة ما قيل عن اعتراف حماس بإسرائيل عبر القبول بدولة على أراضي العام 67، مؤكداً أن "كيان العدو باطل، وحماس لا تعترف به ومشروعها يبقى تحرير كامل فلسطين. لكنها تقبل بإقامة دولة كاملة السيادة على أراضي 67، مع عودة اللاجئين في اطار صيغة للتوافق الوطني الفلسطيني".

وإذا كان هذا التفسير غير مقنع، فإن بركة يشير إلى أنه لا يمثل موقفاً جديداً للحركة، ويعود قبولها بتلك الدولة إلى العام 2006. وهذا ما لحظته وثيقة الأسرى، التي قبلت بدولة على أراضي 67، من دون الاعتراف بإسرائيل والتنازل عن حق العودة. وهو يرفض مقارنة ذلك مع ما ذهبت إليه منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بإسرائيل وتنازلت عن 78% من أراضي فلسطين.

اعتراض
لكن الاجماع الفلسطيني بشأن الوثيقة حال دونه اعتراض حركة الجهاد الإسلامي، التي تعد فصيلاً رئيسياً في المقاومة المسلحة، من دون أن يعني ذلك عدم امتلاك فصائل أخرى ملاحظات على الوثيقة. ويضع بركة موقف الجهاد في اطار آرائها المعلنة، التي لا تقبل بدولة قبل التحرير الكامل. "وهو موقف نتفهمه".

إلا أن إعلان حماس تزامن مع انتقاد مبطن ذهب إليه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في الوقت الذي كان فيه الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس خالد مشعل يتلو الوثيقة من قطر. لكن بركة يتخذ من ذلك إشارة إلى أن قاسم لم يكن يوجه الكلام نحو حماس. "فكيف له أن يعرف بنود الوثيقة قبل أن تعلن".

ويذهب بركة أبعد من ذلك، مشيراً إلى معرفة حزب الله بمواقف حماس، عبر كشفه أن وفداً من الحركة قد فاتح الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، بأهم مضامين الوثيقة خلال لقاء تم في 24 آذار 2017. ويقول إن نصرالله "كان متفهماً لما صارحناه به".

من مدرسة الاخوان
وقد احتوت الوثيقة تطوراً في التكوين السياسي لحماس. لعل أهمه يتمثل في تخلي الحركة عن معاداة اليهود كطائفة، وحصر الصراع مع الحركة الصهيونية. وقد يكون العامل الزمني وراء هذا التطور، أو أنه يعود إلى صياغة بعض رجال الدين الوثيقة الأولى، أو قد يكون محاولة للحصول على التفهم الغربي لهذه الحركة المُقاومة. لكن بركة يختزل هذا التغيّر بالتطور السياسي للحركة وفي فهمها طبيعة المعركة.

يضاف إلى الجديد الذي قدمته الوثيقة أنها فصلت، ولو ظاهرياً، بين كونها حركة تحرر فلسطيني، وارتباطها بحركة الاخوان المسلمين. يقول بركة على هذا الصعيد: "لقد قدمنا وثيقة سياسية غير تنظيمية، وقبل أن تكون حماس في العام 1987، كنا في حركة الاخوان المسلمين في فلسطين. ومع الانتفاضة الأولى، أصبحنا حماس، وإذا كنا من مدرسة الاخوان، فإن قرارنا مستقل ينبع من مؤسساتنا التنفيذية والشورية".

وكان من الملاحظ عدم تطرق الوثيقة إلى العلاقات العربية والإسلامية لحماس. ولعل الحركة كانت بارعة في عدم التطرق إلى الشأن السياسي "الذي يتغير"، وفق بركة. وبينما تجاهر الحركة بعلاقاتها مع دول الخليج ولا تجد ضيراً في ذلك، فإنه من اللافت للنظر أن تتصدر مصر الجولة العربية والإسلامية التي سيقوم بها هنية بعد انتخابه. وفي الأمر دلالة كبيرة في ظل العداوة بين النظام المصري وحركة الاخوان. إلا أن بركة يبدو متفائلاً بفتح صفحة جديدة مع القاهرة "التي تمثل عمقاً قومياً لشعبنا، خصوصاً في غزة. وهي منفتحة على الحركة وتنتظر ترتيب البيت الداخلي"، علماً أن صراع النظام المصري مع الاخوان لا يعني الحركة "التي لا تود التدخل في شؤون دولة عربية نريد استقرارها". ويتمثل المطلب الأساسي لحماس بفتح معبر رفح كاملاً وتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر.

من جهة أخرى، يقر بركة أن العلاقة تأرجحت مع طهران بعد خروج المكتب السياسي من دمشق. لكن العلاقة تحسنت بعد ذلك. ويكشف أن الدعم الإيراني الذي لم يتوقف للجناح العسكري المتمثل في كتائب عزالدين القسام، بات اليوم شاملاً للحركة بكاملها مع بداية العام 2017.

الحوار مع لبنان.. مؤجل
في الوثيقة ما يريح لبنان الذي يخيم عليه شبح التوطين، وفق بركة. ومن المنتظر أن تبدأ قيادة الحركة في لبنان زيارات إلى جهات لبنانية لعرض وثيقتها وشرحها، وتأكيد حرصها على استقرار لبنان، "الذي يشكل تعافيه قوة للقضية الفلسطينية". لكن ماذا عن المعركة في وجه الإرهاب في لبنان؟

يؤكد بركة أن الحركة تدعو إلى الاعتدال في مواجهة التطرف والتكفير، وترفض أن تتحول المخيمات إلى ساحات لتصفية الحسابات وصناديق بريد إلى الداخل اللبناني. وقد انخرطت الحركة في المعركة في وجه بلال بدر وحلفائه في مخيم عين الحلوة، إلى جانب القوة الفلسطينية المشتركة، التي حققت هدفين من أهداف المعركة مع بدر. أي تفكيك مربعه الأمني والانتشار في حي الطيري في المخيم، لكنها أخفقت في بلوغ بدر، "وهو هدف يجب العمل عليه أمنياً وليس عسكرياً".

لكن ألا تتطلب العلاقة مع لبنان تفعيل الحوار معه؟

يرمي مسؤول حماس الكرة في الملعب اللبناني، بعدما توحد الفلسطينيون في مرجعية حوارية واحدة، وعلى اثر نقاشات كبيرة، بينما يتريث الجانب اللبناني إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة. وهو الأمر الذي أبلغه رئيس الحكومة سعد الحريري صراحة إلى الفلسطينيين الذين لا يريدون سوى مقاربة شاملة لقضيتهم، في الوقت الذي يجتمع الجانبان اللبناني والفلسطيني على رفض التوطين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها