الأحد 2017/04/23

آخر تحديث: 01:12 (بيروت)

مختلط الاشتراكي الجديد: اللعب في الوقت الضائع

الأحد 2017/04/23
مختلط الاشتراكي الجديد: اللعب في الوقت الضائع
في ظل كل القوانين ليس من السهل التكهّن بالنتائج (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
لعلّ الإيجابيات القليلة في النظام الانتخابي المختلط الذي تقدّم به الحزب التقدمي الاشتراكي تقتصر على عدم ترك "الساحة" لاقتراحات القوانين الانتخابية "العجائبية" لـلتيّار الوطني الحر من ناحية، وعلى محاولة التوفيق مع المختلط الذي كان قد قدّمه النائب في كتلة التنمية والتحرير علي بزّي من ناحية ثانية. هذا فضلاً عن محاولة ارضاء التغيّرات التي طرأت على الساحة المسيحيّة التي نشأت بعد "تفاهم الرابية- معراب". غير ذلك، يُشكّل هذا الإقتراح تراجعاً لـ"الاشتراكي" عن طروحاته السابقة، وليس المقصود أنّ الحزب كان من أوّل المنادين بالنسبيّة في سبعينيّات القرن المنصرم، بل كون المختلط الذي كان قد تقدّم به مع القوّات اللبنانية وتيّار المستقبل العام 2013 كان أفضل بكثير من الطرح الحالي لناحية تقسيم الدوائر في الجزء النسبي من الاقتراح الحالي. بالتالي، بدا الاشتراكي كأنّه يلعب في الوقت الضائع لنفاذ مهلة 15 أيّار التي ربّما تؤدّي إلى تمديد ثالث للمجلس النيابي.

في مقارنة سريعة، يتبيّن أنّه في الاقتراح السابق كان عدد الدوائر الخاضعة للنسبيّة هي ستة: 11 مقعداً لمحافظة البقاع و11 مقعداً لمحافظة الجنوب، و11مقعداً لمحافظة الشمال، و12 مقعداً لمحافظة جبل لبنان الشمالي، و7 مقاعد لمحافظة جبل لبنان الجنوبي، و8 مقاعد لمحافظة بيروت. بيد أنّ المعادلة تغيّرت في الطرح الحالي، إذ وفّق الاشتراكي بين تقسيم المقاعد للنظام الأكثري على مستوى الأقضية الـ26، أي 64 مقعداً، وبين المقاعد الخاضعة للنسبيّة في 11 دائرة، أي 64 مقعداً. ووفّق في تقسيم المقاعد الخاضعة للنسبيّة والأكثري بين الطوائف والمذاهب. لكن دوائر النسبيّة الحاليّة باتت تضمّ في بيروت الأولى 4 مقاعد، وبيروت الثانية 5 مقاعد (مع ضمّ بيروت الأولى والثانية)، وجبل لبنان الجنوبي 6 مقاعد، وجبل لبنان الأوسط 7 مقاعد، وجبل لبنان الشمالي 4 مقاعد. أما الشمال فـ10 مقاعد، وعكار 4 مقاعد، وبعلبك- الهرمل 5 مقاعد، والبقاع الغربي وراشيا وزحلة 6 مقاعد، والنبطيّة 7 مقاعد (بنت جبيل ومرجعيون- حاصبيّا والنبطية) والجنوب 6 مقاعد (جزين وصيدا وقرى صيدا وصور). ما يعني إعادة تقسيم الدوائر القديمة الخاضعة للنسبي إلى قسمين.

يبدو واضحاً أنّ الاشتراكي في هذا الطرح حاول ارضاء جميع القوى السياسيّة الحاليّة للحفاظ على التوازن القائم حالياً. وحاول ارضاء "الثنائي المسيحي" في بيروت الثانية والتيار الوطني الحر في بعبدا- المتن وفي عكّار، وتيار المردة في زغرتا.. أمّا في دائرة الشمال وفي دائرة البقاع الغربي وراشيا وزحلة فترك الأمر رهناً للتحالفات السياسية التي ستنشأ.

على المستوى التقني، يحتاج النظام النسبي إلى دوائر يفوق عدد مقاعدها الـ10، كي يعطي مفعولاً نسبياً في التمثيل، وعليه تصبح النسبية في اقتراح الاشتراكي بلا جدوى لتمثيل الأقليّات السياسيّة. فمثلاً، في دائرة النبطية حيث عدد الناخبين نحو 450 ألفاً، في حال بلغت نسبة الإقتراع 50% يكون عدد المقترعين نحو 225 ألفاً، أي أنّ الحاصل الانتخابي الذي على أساسه توزّع المقاعد على اللوائح الفائزة يكون 32 ألفاً (عدد المقترعين على عدد المقاعد). أي أنّ حظ الأقليّات السياسية التي لا تستطيع الحصول على 32 ألف صوت ستُحرم من حق التمثيل. بينما إذا أجرينا الحسابات نفسها على أساس الإقتراح القديم (الجنوب دائرة واحدة) يكون الحاصل الانتخابي أقل من 39 ألفاً وسيكون من السهل على الأقليّات حصد أكثر من هذا العدد على مستوى هذه الدائرة. فعلى سبيل المثال في دائرة النبطية حصل مرشّحو الخيار الديمقراطي في العام 2005 على أكثر من 25 ألف صوت، أي نحو 10% من المقترعين. في الإقتراح الجديد سيُحرم هؤلاء من حق التمثيل حتى لو حقّقوا النسبة عينها أو أكثر بقليل. وهذا الأمر ينسحب على بقية الدوائر، ففي بيروت الثانية حيث حصدت "بيروت مدينتي" نحو 20 ألف صوت سيكون من الصعب عليها الحصول على مقعد واحد كون الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة قد يتجاوز 25 ألفاً.

بطبيعة الحال، ليس من السهل التكهّن بالنتائج، ولاسيّما أنّ ثماني سنوات مرّت على آخر انتخابات نيابية، وأنّ عدد الناخبين ارتفع نحو 500 ألف مقترع منذ ذلك التاريخ. كما أنّ آخر انتخابات بلديّة جرت الصيف الفائت أتت عكس توقّعات البعض لناحية دخول الصوت "المدني" منافساً جدّياً في العديد من المناطق نتيجة التغيّرات التي طرأت على المجتمع السياسي اللبناني بعد العام 2011، وظهور الحراك الشعبي الذي غيّر في المعادلة الانتخابية التي كانت قائمة. لكنّ، ما هو مؤكّد أنّ اقتراح الاشتراكي جانب النسبيّة ولم ينضوِ في صفوفها، وبالتالي بقيَ أكثرياً إقصائياً على المستويين الأكثري والنسبي. فالمستوى الأوّل بطبيعته إلغائي، بينما المستوى الثاني يقصي الأقليّات المدنيّة والسياسيّة تحت حجّة النسبية وعدالة التمثيل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها