السبت 2017/04/22

آخر تحديث: 10:12 (بيروت)

الوزير أقوى من القضاء: زعيتر يوقف أبوزيد مجدداً

السبت 2017/04/22
الوزير أقوى من القضاء: زعيتر يوقف أبوزيد مجدداً
امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم يمثِّل إخلالاً بمبدأ قانوني عام (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
تجاوز وزير الزراعة غازي زعيتر قرار مجلس شورى الدولة، وعمد مرة جديدة إلى وقف مهمات المديرة العامة للتعاونيات غلوريا أبوزيد، بعدما كانت قد عادت إلى مركزها مع ما تملك من صلاحيات. فهل يحق لوزير مخالفة أحكام القضاء كأن شيئاً لم يكن؟ بالتالي، إذا كانت الأحكام والقرارات الصادرة عن هذا القضاء غير قابلة للتنفيذ، فما الجدوى من وجوده؟

في 15 شباط 2017، وبعد رفض أبوزيد الإذعان لطلب زعيتر إلغاء العقوبات، التي سبق لها أن اتخذتها بحق موظفات ارتكبن مخالفات قانونية ومسلكية، ولامتناعها أيضاً عن اعطاء إفادات متعلقة بأحد صناديق التعاضد وتعاونيّتين مشوبة بأخطاء قانونية جسيمة مرتبطة بتأسيسها أو أهدافها، ولاتخاذها قراراً بحق التعاونيتين المذكورتين بتاريخ 11 شباط، عمد الوزير إلى إصدار قرارات جمدت صلاحيات أبوزيد وأوقفتها عن مهامها، وألحقها بكتاب موجه إلى مجلس الوزراء يطلب بموجبه إلغاء مرسوم تعيينها مديرة عامة أصيلة للتعاونيات، وإعادتها إلى رئاسة المشروع الأخضر.

سارعت أبوزيد إلى الطعن بالقرارات المذكورة لدى مجلس شورى الدولة. وفي 28 آذار 2017، أصدر رئيس الغرفة الرابعة في مجلس الشورى القاضي يوسف نصر قراراً قضى بوقف تنفيذ قرار الوزير، لتعود أبوزيد إلى مزاولة مهماتها. "لأنه بصدور هذا الحكم"، يقول الخبير الدستوري حسن الرفاعي في حديث إلى "المدن"، "يتوجب على الوزير الإلتزام بقرار الشورى من دون تردد، استناداً إلى المادة 99 من نظام الشورى، الذي ينص على إلزامية قرارات الشورى على الإدارات العامة تحت طائلة فرض غرامة إكراهية بعد مرور وقت من الزمن".

لا ينفي رئيس الرابطة المارونية أنطوان قليموس حق الوزير باتخاذ القرار الذي يريد، غير أنه يؤكد، لـ"المدن"، "ضرورة أن تكون قراراته وفق القانون، لا أن تتعارض مع القانون وتتناقض مع قرارات قضائية. كأنها عرضة للتلف". ويشير قليموس إلى أنّه من الواضح أنّ حسابات الوزير، وهو محامٍ، "هي حسابات سياسية وليست قانونية". ويشدد قليموس على "ضرورة أن يعمل الوزير، المؤتمن على المصلحة العامة والمال العام، وعلى وقف الهدر وعدم تفضيل أي مصلحة خاصة على مصلحة الدولة والخزينة". يضيف: "أبوزيد مثال الموظفة النظيفة والجديرة، وهذا ما دفعني قبل كل شيء، إلى التزام الدفاع عنها. ولن أتخاذل أمام استضعاف هذه الموظفة المثالية وهدر حقوقها، لأن ما حصل معها معيب جداً".

في المقابل، رفض زعيتر في اتصال مع "المدن" التعليق على الموضوع، مفضّلاً التزام الصمت حالياً. فيما قالت أبوزيد، عبر حسابها في تويتر، "سأظل متمسكة بتطبيق القوانين وبحكمة، كما فعلت طيلة مسيرتي المهنية حتى لو كان ثمن ذلك حياتي".


إلا أن هذه المشكلة ليست جديدة. فمهما بلغ رقي أو كمال الرقابة القضائية على الإدارة، تصطدم فعاليتها بصعوبة وضع الأحكام القضائية موضع التنفيذ. ويبقى السؤال عن الوسائل الآيلة إلى تنفيذها، خصوصاً أن الوضع بالتصرف يوازي في خطورته قرار الإحالة إلى التقاعد، لأن الموضوع بالتصرف ينتظر مرور الأيام التي ستوصله إلى بلوغ السن القانونية والإحالة الحقيقية إلى التقاعد.

ويقول الرفاعي إن "امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم يمثِّل إخلالاً بمبدأ قانوني عام، هو مبدأ احترام قوة القضية المحكمة. ما يعطي الحق لأبوزيد في رفع دعوى جديدة إلى مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ القرار الثاني للوزير". أما في حال رفض الوزير التقيد بقوة القضية المحكمة، فيعود إلى الشورى إبطال قرار رفضه تنفيذ الحكم القضائي. كما أنه يحق لأبوزيد أن تطلب إبطال تعيين الشخص الذي حلَّ مكانها في الإدارة.

إلى ذلك، يستوجب امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائي أن تتحمّل مسؤوليتها في التعويض لمصلحة المستدعي. أي أنه يجوز لأبوزيد المطالبة بكل التعويضات والرواتب المستحقة لها فيما لو كانت لاتزال مستمرة في مهماتها الوظيفية كمديرة عامة للتعاونيات، بالإضافة إلى فرض الشورى على الوزير الممتنع، التعويض عليها بغرامة اكراهية إذا جاء امتناعه من دون مبرر وتعدى المهلة المعقولة.

في المحصلة، إن أكثر ما تحتاج إليه أبوزيد اليوم هو دعم الرأي العام لها ولقضيتها، عسى أن يشكّل ذلك قوة ضاغطة في اتجاه إعادة الاعتبار لمجلس الشورى واحترام وتطبيق الأحكام والقرارات الصادرة عنه، وسط التراكم الكمي على مدى سنوات، لأحكام قضائية لم تجد سبيلاً للتنفيذ، وذلك حفاظاً على ما تبقّى من دولة القانون والمؤسسات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها