السبت 2017/04/15

آخر تحديث: 00:40 (بيروت)

جبيل: الخلافات السياسية تسهّل تدمير المرفأ الفينيقي

السبت 2017/04/15
جبيل: الخلافات السياسية تسهّل تدمير المرفأ الفينيقي
المشروع عبارة عن نحو 12 بيتاً خشبياً (المدن)
increase حجم الخط decrease

"مشروع جديد في جبيل يدمّر المرفأ الفينيقي القديم ويعتدي على الأملاك البحرية". بهذه العبارات، انتقد عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، المشروع السياحي قيد الانشاء على شاطئ مدينة جبيل، بعدما نشروا صورة تبدو فيها البلوكات الاسمنتية، التي بدأت ترتفع من الأرض، مشرفةً على امتداد الشاطئ الرملي.

هذه الحملة ليست وليدة اليوم. فمنذ عامين تقريباً، وبعد الإعلان عن السعي لإنجاز مجمّع سياحي على العقار 642 التابع لكاثوليكوسية الأرمن لبيت كيليكيا، الذي استأجر الوزير السابق جان لوي قرداحي الجزء الأكبر منه، وتُقدّر مساحته بنحو 25 ألف متر مربع، عَلَت أصوات عدد من الجبيليين اعتراضاً على ما اعتبروه "ضرباً من الجنون وضرباً للتراث والتاريخ"، خصوصاً وسط أنباء تفيد بأن العقار المذكور يحتضن في باطنه آثار مرفأ جبيل الفينيقي القديم.



فالمرفأ القائم حالياً، والمعروف بمرفأ الصيادين، يعود إلى القرون الوسطى. أما المرفأ القديم الذي شهد على ازدهار تجارة جبيل مع مصر وتصدير خشب الأرز إليها، مغمور اليوم تحت المياه، وقد حيّر موقعه خبراء الآثار وعلماء التاريخ منذ فترة طويلة. وهو يعود إلى عصر البرونز، الذي يمتد بين 3500 و800 ق.م، ويعرف بالمرفأ الكنعاني.

في هذا السياق، يكشف طوني صفير، وهو عضو في بلدية جبيل السابقة، التي كان يرأسها أيضا رئيس البلدية الحالي زياد حواط، عن "صدور تقرير رسمي من بعثة لبنانية- فرنسية موفدة من مؤسسة الكوليج دو فرانس الفرنسية، في إطار مهمة علمية تحت المياه، قبالة ساحل جبيل، استغرقت سنوات عدة، يؤكد العثور على آثار المرفأ المذكور من ضمن عقار البطريركية الأرمنية". ويشير إلى أن "هذا الاكتشاف يوازي في أهميته مرفأ قرطاجة في تونس، الذي يقصده السياح من كل أنحاء العالم. فنحن هنا نتحدث عن المرفأ الفينيقي الوحيد في الشرق الأوسط".

من جهته، يؤكّد مختار جبيل عماد ملحمه أن "الأعمال القائمة في العقار المذكور تراعي المواصفات. وقد حصلت على تراخيص رسمية من وزارتي الزراعة والبيئة، والمديرية العامة للآثار"، مشدداً على "أنّني اطّلعت شخصياً على تفاصيل المشروع كله". يضيف: "يستثمر القيّمون على المشروع العقار من دون المسّ بباطن الأرض حيث الاكتشافات الأثرية، ويتجنّبون الحفر. وهم يبنون بلوكات باطون على مستوى الأرض".

ويشير ملحمه إلى أن "هذا المشروع عبارة عن نحو 12 بيتاً خشبياً أو bungalow. وقد وقّع قرداحي على تعهد أمام مديرية الآثار يفيد أنه "مستعدٌّ للتنازل عن العقار وهدم المشروع من أساسه، عندما تقرر المديرية القيام بالحفريات اللازمة للتنقيب عن الآثار".


"غير أن هذا الكلام لا يقبله المنطق ولا يصدقه عاقل"، يقول صفير. ويسأل: "هل يعقل أن يوافق أصحاب المشروع على تدمير ما بنوه، بعدما تكبدوا عليه مبلغاً لا يقل عن 15 مليون دولار؟". يضيف: "كما أنه في حال قررت الدولة لاحقاً استملاك العقار، ستضطر إلى دفع مبلغ يضاهي خمسة أضعاف قيمة الاستملاك كتعويض، تماماً كما دفعت للنائب نقولا فتوش 400 مليون دولار تعويضاً عن إقفال الكسارة لمدة سنتين".

وفي حين يرى ملحمه أن "الغرض من إثارة الموضوع تحقيق أهداف سياسية"، يعتبر صفير أن "ما يدفع رئيس البلدية الحالي إلى التروي وعدم إيقاف المشروع، هو أن رئيس مجلس إدارته يُعتبر خصمه السياسي في جبيل"، داعياً حواط إلى "استخدام الصلاحيات المتاحة له، لأن مصلحة جبيل تأتي أولاً، في انتظار موقف الأونيسكو من المشروع". ويختم: "هناك اكتشاف أثري مهم يتعلق بتاريخ جبيل وتاريخ لبنان. ومن المعيب طمره تحت مجمع سياحي. فليعمدوا إلى التنقيب عن الآثار ويحددوا مدى أهميتها. ثم يُبنى على الشيء مقتضاه".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها