الخميس 2017/04/13

آخر تحديث: 01:46 (بيروت)

خمسة أحزاب انتهت في الحرب

الخميس 2017/04/13
خمسة أحزاب انتهت في الحرب
برز إسم حركة التنظيم كأولى التشكيلات المسيحية العسكرية (Getty)
increase حجم الخط decrease

شهد لبنان كثيراً من الأحزاب التي لم يُكتب لها الاستمرار، خصوصاً خلال الحرب الأهلية. إما نتيجة ظروف موضوعية، وإما أنها قررت حل نفسها بنفسها. في ذكرى 13 نيسان، موعد انطلاق شرارة هذه الحرب، تذكّر "المدن" بخمسة من هذه الأحزاب.

الحزب الديمقراطي
قبل سنوات قليلة من اندلاع الحرب الأهلية، ظهر حزب وسطي، هو الحزب الديمقراطي، الذي أسسه جوزف مغيزل وعدد من رفاقه، في أواخر الستينيات. وضم مكتبه السياسي كل من: لور مغيزل، حنا ذكور، إميل بيطار، باسم الجسر، سامي نصار، نورما ملحم وأليس كيروز. وكانت الهيكلية التنظيمية للحزب تتألف من الجمعية العمومية، ومجلس المفوضين الذي كان بمثابة حكومة ظل، وكل واحد من أعضائه يكون وزير ظل لديه عدد من المعاونين والمستشارين. وإلى جانب مجلس المفوضين كان مجلس المعتمدين، الذي يضم ممثلين عن المناطق اللبنانية، تماماً كتوزيع أعضاء المجلس النيابي.

نادى الحزب بالعلمنة والديمقراطية وعروبة لبنان، وكان من واضعي مسودة إقتراح قانون مدني للأحوال الشخصية. وكان يتخذ من بدارو مقراً رئيسياً له، إلا أن الحرب الأهلية لم توفره. فاقتحمته الميليشيات، في العام 1976، وعبثت بمحتوياته. وبعد اقتحام المركز، بقي أعضاء الحزب يؤمنون بالنضال المدني، إلا أنهم حلوا حزبهم، وقرروا عدم الدخول في عنف الحرب.

حركة التنظيم
برز إسم حركة التنظيم كأولى التشكيلات المسيحية العسكرية. إذ تعود بدايات تأسيسها إلى العام 1968، بهدف "التصدي للخطر الفلسطيني"، كما يقول عباد زوين لـ"المدن"، وهو أحد مؤسسيها الأوائل.

لم يكن التنظيم حزباً سياسياً، بل حركة عسكرية لبنانية، أسسها 5 شبان هم: فوزي محفوظ، عزيز طربيه، سمير ناصيف، جورج حصري وعباد زوين. بدأت الحركة بالتسلح منذ العام 1973، حيث كان معسكرها التدريبي في جرود كسروان. ويقول زوين إنه "لم يكن للتنظيم أي تمويل لا من دول ولا من أحزاب. سلاحنا كان فردياً، فضلاً عن أن أعضاء حركتنا لم يكونوا يتقاضون رواتب تفرغ، بل هم متطوعون يعودون إلى أعمالهم بعد انتهاء المعارك".

الجبهة الأساسية للتنظيم كانت في سن الفيل، وقد كان التنظيم من التشكيلات العسكرية الأساسية المشاركة في حصار مخيم تل الزعتر. بيد أن التنظيم كان جزءاً من تنظيم سري اسمه حركة الأرز، سيعلن عنه في العام 1979، خلال احتفال بشهداء التنظيم في منطقة الطبرية الكسروانية.

انضم التنظيم، مع الكتائب والأحرار وحراس الأرز، إلى القوات اللبنانية كإطار عسكري يجمع الفصائل المسيحية. إلا أن التنظيم خرج من القوات، في العام 1984، نتيجة الإقتتال المسيحي– المسيحي. وفي العام نفسه، اعتكف التنظيم عن العمل العسكري وبقي في موقع المراقب، خصوصاً أنه لم يكن حالة مؤطرة مركزياً.

بين العامين 1988 و1989، عاد التنظيم إلى العمل السياسي، وكان أساسياً في حركة قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون وتطوع جزء كبير من أفراده في الجيش اللبناني، أو ما عرف بالأنصار.

حركة فتيان علي
برزت حركة فتيان علي، التي تعود بدايتها إلى العام 1967، عندما أسسها صلاح الدين الخليل في منطقة صور. لكن الحركة الحائزة علماً وخبراً من وزارة الداخلية، انكفأت عن العمل حتى العام 1973، أي قبل اندلاع الحرب الأهلية بسنتين. ففي هذا التاريخ بدأ يبرز إسم أحمد صفوان في الشارع الشيعي، بسبب نشاطاته ورغبته في إعادة إحياء الفتيان. في العام 1973، افتتح مكتبين للحركة في سد البوشرية وشارع عبدالكريم الخليل في الشياح.

شكل افتتاح المكتبين أرضية لاستقطاب الشباب الشيعي، إلى أن جاءت أحداث العام 1975. فحصرت الحركة تمركزها في منطقة النبعة، شرقي بيروت، حيث كان ثقل شيعة الأرياف النازحين إلى المدينة. لم تكن الفتيان منتمية إلى الحركة الوطنية، بل كانت فصيلاً من فصائل الجبهة القومية الدائرة في الفلك السوري. ويقول مسؤول التنظيم في الفتيان آنذاك، يوسف صفوان لـ"المدن": "استقطبنا نحو 400 شاب في النبعة، بهدف حماية وجودنا من هجمة أحزاب اليمين، الكتائب والأحرار وحراس الأرز. تلقينا أموالاً من رفعت الأسد، وبدأنا التسلح وخضنا المعارك على محوري كنيسة مار ضومط في سن الفيل ومحور البراد اليوناني في البوشرية".

لكن عمر فتيان علي لم يكن طويلاً، خصوصاً أنها لم تكن جزءاً من حركة المحرومين، التي أسسها السيد موسى الصدر، بل هي مجرد فصيل شيعي محلي عماده آل صفوان وسكان النبعة. كانت نهاية الفتيان في 5 آب 1976، بعد اقتحام ميليشيات الكتائب والأحرار وحراس الأرز النبعة. وبعد هذا التاريخ، ونتيجة صراع الأحزاب الدائرة في الفلك السوري، تعرض زعيم الفتيان أحمد صفوان لمحاولة إغتيال، أواخر العام 1976، في منطقة حمانا من قبل الحزب التقدمي الإشتراكي. وبعد نجاته، حل التنظيم وهاجر إلى أفريقيا إلى أن توفي بسكتة قلبية في العام 2011.

قوات ناصر
تعود بدايات تأسيس قوات ناصر إلى العام 1974. ومن أبرز الأسماء المؤسسة: عصام العرب، فؤاد عيتاني وسميح حمادة. فبعد اغتيال معروف سعد في صيدا، بدأ الإطار الناصري، الذي كان يعمل تحت اسم "اتحاد قوى الشعب العامل التنظيم الناصري"، التفكير في إمكانية اطلاق تشكيل عسكري، فظهرت قوات ناصر في 15 نيسان 1975. أي بعد اندلاع شرارة الحرب اللبنانية بيومين فقط. خاضت قوات ناصر، من ضمن تنظيمات الحركة الوطنية، معارك عدة حتى العام 1978، في محاور رأس النبع- السوديكو، الخندق الغميق والقماطية وغيرها.

في العام 1978، وخلال المؤتمر الاستثنائي، وقع خلاف داخلي مع عصام العرب، الذي كان يعتبر أن الحليف الأساسي لقوات ناصر هو العراق وليبيا بدلاً من سوريا. بيد أن آخرين، منهم حسن قبيسي، كانوا يعتبرون أن التحالف مع الأنظمة ليس أساسياً وعلاقة قوات ناصر بأي نظام يحميها موقع هذا النظام الوطني والقومي. في 23 تموز 1978، أُعلن عن فصل العرب وانتخب قبيسي أميناً عاماً.

يقول قبيسي لـ"المدن" إن "قوات ناصر شاركت في جميع المعارك في وجه الميليشيات اليمينية منذ العام 1978 حتى العام 1982". ورغم أن دعم منظمة التحرير الفلسطينية لقوات ناصر استمر بعد الاجتياح الإسرائيلي، في العام 1982، وخروج المنظمة من لبنان، إلا أن طبيعة العمل العسكري تغيرت. فـ"بدأ العمل السري لقوات ناصر داخل المناطق المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي تحت إسم العامليون، واستمر إلى أواخر الثمانينات، عندما تقلص دعم منظمة التحرير بعد اتفاقية أوسلو، ونتيجة ضغوط داخلية أدت إلى وقف العمل العسكري".

منظمة الإشتراكيين الثوريين
بدأت مسيرة منظمة الإشتراكيين الثوريين في أواخر الستينات، معتمدة السرية والعمل المسلّح أسلوباً لنشاطها السياسي والميداني. في العام 1973، اقتحمت مجموعة تابعة للمنظمة "بنك أوف أميركا" في رياض الصلح، مطالبة الدولة بالإفراج عن معتقلين في السجون. وصادرت أموالاً بحجة دعم المجهود الحربي للمقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان.

حوصرت المجموعة داخل البنك، ثم توافد مؤيدوها إلى المكان لدعمها. فرمى المسلحون العملات النقدية إلى الناس المتجمهرين، "الأحقّ طبقياً بتلك الأموال". لكن الجيش اقتحم البنك، وقتل إثنين من المجموعة، أحدهما علي شعيب الذي غنى له مارسيل خليفة "يا علي نحن أهل الجنوب". وأعلنت المنظمة، للمرة الأولى، مسؤوليتها كجهة سياسية عن تنفيذ الهجوم. ما جعلها على لائحة المنظمات الإرهابية الملاحقة من السلطات اللبنانية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

اقتربت المنظمة، التي أسسها مرشد شبّو، في ماركسيتها من الماوية وتأثرت بالثورات الأميركية- اللاتينية، واتصلت من طريق منظمة "فتح- المجلس الثوري" (أبو نضال) بالمنظمات الثورية العالمية، وحازت في مجتمعها المحلي على تعاطف وتأييد غير معلنين في غالبية الأحيان.

مع بداية الحرب، تمركز مقاتلو المنظمة في منطقة الشياح. وفي العام 1976، انسحبوا من القتال الداخلي في اتجاه الجنوب، وتحديداً بنت جبيل، وخاضوا معارك مع الإسرائيليين. لكن، بعد سنتين احتل الجيش الإسرائيلي الجنوب. ما دفع المنظمة إلى التراجع والتمركز على مفرق العباسية، ثم انتقلت إلى القاسمية. وبعد موت شبّو، في العام 1986، تراجع دور المنظمة وحلت في العام 1989.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها